رحلات تجريبية تنعش الآمال بعودة حركة الطيران أوروبيا.. وسحب الدخان تصل إلى تركيا

اجتماع طارئ لوزراء النقل الأوروبيين لتقييم الموقف.. فتح مطارات ألمانية وفرنسية.. وإسبانيا تتوقع عودة الملاحة الجوية بنسبة 50% من اليوم

مسافرون عالقون في مطار فرانكفورت بألمانيا أمس (أ ب)
TT

بينما استمرت حالة الشلل التي تشهدها حركة النقل الجوي في أغلب أجزاء أوروبا، أمس، لليوم الرابع على التوالي، التي تعد الأسوأ في تاريخها بسبب سحابة الرماد البركاني التي انطلقت من أيسلندا يوم الخميس - ساد بريق أمل من خلال قيام عدد من الدول برحلات تجريبية ناجحة، بطائرات فارغة مرت بسلام وأوجدت بعض الأمل في تحسن الأوضاع. وأشارت مصادر ملاحية جوية أوروبية إلى احتمال عودة حركة الطيران الأوروبي اليوم بنسبة 50 في المائة، في وقت يستعد فيه وزراء النقل لاجتماع طارئ اليوم لتقييم النتائج في بريطانيا إيذانا بقرار لإعادة الرحلات الجوية.

وفي أنقرة أعلنت سلطات الملاحة الجوية التركية في بيان أمس أن سحب الدخان البركانية وصلت إلى تركيا، مشيرة إلى إقفال المجال الجوي في ثلاث محافظات شمال البلاد. وقالت قيادة الطيران المدني في بيان عبر موقعها على شبكة الإنترنت إن «سحب الرماد البركانية بدأت تؤثر على المجال الجوي لبلادنا».

وتسببت السحابة البركانية القادمة من أيسلندا في إغلاق المجال الجوي وجزء كبير من المجال الجوي الأوروبي لليوم الرابع في وقت لم تظهر أي علامات على تراجع السحابة البركانية، وتثار تساؤلات بشأن الأثر الطويل الأجل لثوران في القارة التي تحاول التعافي من الركود. وعلى ضوء الرحلات التجريبية قالت هيئة الطيران المدني الفرنسية إن عددا من مطاراتها التي كان مقرر إغلاقها، أمس، ومنها مطار «تولوز» ستظل مفتوحة. وذكرت متحدثة باسم الهيئة أنه تقرر إعادة فتح مطاري «بوردو» و«مارسيليا» اللذين أغلقا بسبب انتشار سحابة الرماد البركاني. وقالت شركة الخطوط الجوية الفرنسية (إير فرانس) إن أول رحلة تجريبية من باريس إلى «تولوز» تمت بلا مشكلات أمس، وإن رحلاتها التجريبية ستستمر. كما أعلنت السلطات الألمانية فتح مطار «فرانكفورت» أكبر مطارات البلاد ومطار «هان» القريب للرحلات المتجهة شمالا.

وأعلنت عدة دول أوروبية أنها ستقوم بمزيد من الرحلات الجوية التجريبية لكن معظم الدول الأوروبية أغلقت مجالاتها الجوية، حتى منصف ليلة أمس. وأعلنت إسبانيا أمس تأجيل اجتماعات دورية للاتحاد الأوروبي كانت مقررة اليوم، بعد إلغاء رحلات جوية.

وأجرت كل من هولندا وألمانيا تجارب مماثلة من دون أن تحدث خسائر ظاهرة أوجدت أملا في ما يبدو. وقالت الخطوط الجوية الهولندية (كيه إل إم» إن رحلة تجريبية قامت بها أول من أمس كشفت عن عدم حدوث تلفيات للمحرك أو مشكلات أخرى من الرماد البركاني وإنها ستقوم بتسع رحلات تجريبية أخرى. وقالت متحدثة باسم «كيه إل إم» في إشارة إلى الرحلة التجريبية: «لم نجد أي شيء غير معتاد أو اضطرابات، مما يشير إلى أن الغلاف الجوي نظيف وآمن للطيران».

وقال وزير النقل البريطاني أندرو أدونيس إن وزراء النقل بالاتحاد الأوروبي سيدرسون نتائج الرحلات التجريبية في اجتماع طارئ اليوم وإنهم سوف يقررون مدى إمكانية إعادة فتح المجال الجوي الأوروبي على الرغم من الرماد الذي سببه البركان.

وقال وزير الدولة الإسباني للشؤون الأوروبية أمس إن 50 في المائة من الرحلات الجوية في أوروبا يمكن أن تستأنف اليوم وذلك في أعقاب التعطل الناجم عن سحب الغبار البركاني القادمة من أيسلندا. وقال دييجو لوبيز جاريدو الذي ترأس بلاده الاتحاد الأوروبي حاليا متحدثا للصحافيين بعد اجتماع في المنظمة الأوروبية لسلامة الملاحة الجوية (يوروكنترول): «التوقع هو أن نصف الرحلات قد يعمل غدا (اليوم) سيكون صعبا.. وهذا سبب أننا يجب أن ننسق». وقال مفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون النقل سيم كالاس إنه يأمل أن يصبح 50 في المائة من المجال الجوي الأوروبي خاليا من المخاطر اعتبارا من اليوم. وأضاف أن الوضع الحالي «ليس مستداما» وأن السلطات الأوروبية تعمل على إيجاد حل لا يمس مسألة السلامة. وتابع: «لا يمكننا الانتظار حتى تختفي تدفقات الرماد من تلقاء نفسها».

وانتقدت شركتا «لوفتهانزا» و«إير برلين» الألمانيتان السلطات بسبب عدم القيام بحسابات حول تركز الرماد البركاني في الجو، الأمر الذي أبقى المجال الجوي مغلقا الأيام الماضية. وأجرت الشركتان رحلات داخلية، ولاحظتا عدم وجود «أي ضرر» أصاب الطائرات. وقال المتحدث باسم «لوفتهانزا»: «يبدو أنه لا يوجد رماد بركاني تحت ارتفاع 8 آلاف متر»، في حين قالت «إير برلين» الألمانية إنها قامت أيضا برحلات تجريبية وعبرت عن غضبها من إغلاق المجال الجوي الأوروبي. وقال يواشيم هونولد الرئيس التنفيذي: «نحن مذهولون لأن نتائج الرحلات التجريبية التي أجرتها (لوفتهانزا) و(إير برلين) لم يكن لها أي أثر على صنع القرار لدى سلطات سلامة الطيران». وأضاف في تصريحات لصحيفة «بيلد إم زونتاج» أن «الإغلاق الجوي حدث بناء على مجرد بيانات محاكاة قام بها كومبيوتر في المركز الاستشاري للرماد البركاني في لندن».

من جانبها أيضا، أعلنت شركات إيطالية أنها ستقوم بتسيير رحلات من دون ركاب لتقييم الظروف. وقالت هيئة الطيران المدني في إيطاليا إنها سمحت بالقيام برحلة تجريبية، لكنها أعلنت في الوقت نفسه حظر الرحلات الجوية في أجواء شمال إيطاليا على الأقل حتى الساعة السادسة من صباح اليوم بتوقيت غرينتش، وقالت إنها لا تتوقع تمديد هذا الحظر لمناطق أخرى من البلاد.

وبالنسبة للوقت الراهن، يجري الالتزام بشكل صارم بقيود فرضت على الرحلات الجوية في أغلب مناطق أوروبا، مما يمثل مشكلة متفاقمة للشركات، بما في ذلك شركات الطيران التي يقدر أنها تخسر نحو 200 مليون دولار يوميا، إلى جانب تقطع السبل بآلاف المسافرين في أنحاء العالم.

وأغلق كثير من الدول مجالاتها الجوية حتى وقت متأخر من مساء أمس أو حتى اليوم، مما جعل عشرات الآلاف من الركاب تتقطع بهم السبل في أنحاء العالم. وقال خبراء في الأرصاد الجوية إن الحالة الحالية للرياح تعني أنه من غير المرجح أن تنتقل السحابة إلى مكان أبعد حتى وقت لاحق من الأسبوع. وأضافوا أن سحابة الرماد التي تتحرك في الغلاف الجوي العلوي قادمة من آيسلندا ربما تصبح أكثر تركيزا يومي الثلاثاء والأربعاء. وتجري المفوضية الأوروبية منذ السبت مشاورات مكثفة مع أعضاء الاتحاد الأوروبي لفتح بعض الطرق الجوية ابتداء من الأسبوع المقبل. ودعا رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون عبر شبكة «بي بي سي»، أمس، إلى التعاون بين أعضاء الاتحاد الأوروبي قائلا إنه «إذا كان ينبغي مساعدة الشركات المتضررة ماليا يمكننا أن نحصل على دعم الاتحاد الأوروبي من خلال صناديق التضامن».

وأجلت إسبانيا التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي اجتماعات وزارية في الاتحاد الأوروبي كانت مقررة اليوم بسبب الشلل في حركة الطيران. وقالت رئاسة الاتحاد أمس إن التأجيل يشمل اجتماعات لوزراء الزراعة والمصائد كانت مقررة في لوكسمبورغ، ومؤتمرا بين الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا حول طلب عضويتها في الاتحاد وكان مقررا في بروكسل. وأضافت الرئاسة في بيان أن اجتماعا لوزراء الاتصالات بالاتحاد الأوروبي في غرناطة اليوم سيمضي كما كان مقررا. وغادر عدة مشاركين في الاجتماع غير الرسمي لوزراء المالية في الاتحاد الأوروبي في مدريد بسرعة أول من أمس خشية وصول السحابة إلى إسبانيا، ما قد يمنعهم من المغادرة. وأغلقت إسبانيا سبعة مطارات في شمال البلاد لفترة قصيرة.

وهذه أسوأ حالة ارتباك يشهدها النقل الجوي. وقال المتحدث باسم المنظمة الدولية للطيران المدني إن الأضرار على حركة الملاحة فاقت ما سببته هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 في الولايات المتحدة. وقال دوني شانيون لوكالة الصحافة الفرنسية: «نعتبر أن التأثير فاق ما حصل عام 2001 من حيث إلغاء الرحلات والاضطرابات في المطارات». وكان الشلل الذي تلا هجمات سبتمبر يعتبر الأسوأ في تاريخ النقل الجوي، عندما أغلق المجال الجوي الأميركي لمدة ثلاثة أيام واضطرت شركات الطيران الأوروبية لوقف كل الخدمات إلى الولايات المتحدة.

وتسببت هذه السحابة في جعل عدد من زعماء العالم يعدلون خططهم في السفر. فقد ألغى الرئيس الأميركي باراك أوباما والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وآخرون الرحلات إلى بولندا لحضور جنازة الرئيس البولندي ليخ كاتشينسكي أمس، الذي قتل في حادث تحطم طائرة في روسيا قبل أسبوع. وقالت هيئة «أكيو ويذر» للأرصاد الجوية ومقرها الولايات المتحدة إن الرماد موجود في منطقة تتسم بضعف تدفق الرياح ومن غير المرجح أن ينتقل لمكان أبعد اليوم. وأضافت «أكيو ويذر»: «من المتوقع أن تصبح السحابة أكثر تركيزا يومي الثلاثاء والأربعاء، مما يمثل خطرا أكبر على السفر الجوي. لكن من المتوقع أيضا أن يتقلص نطاقها، مما سيؤثر على مساحة أقل».

وكانت بريطانيا وألمانيا وهولندا من الدول التي أعلنت إغلاق مجالاتها الجوية طوال الأيام الماضية. وقال مسؤولون في قطاع الطيران في بريطانيا إن المجال الجوي للبلاد سيظل مغلقا أمام الرحلات الجوية حتى متصف ليلة أمس، بتوقيت غرينتش على الأقل. وقالت وكالة خدمات حركة الطيران الجوي القومية «ناتس» إنها ستواصل مراجعة معلومات الطقس وستصدر تحديثا للمعلومات تباعا.

وأبقى خبراء الاقتصاد على توقعاتهم لنمو الاقتصاد الأوروبي على أمل عودة الأوضاع إلى طبيعتها هذا الأسبوع.