هيئة قضائية عراقية تقرر إعادة فرز أصوات الناخبين في بغداد استجابة لطعن ائتلاف المالكي

عضو في مفوضية الانتخابات لـ «الشرق الأوسط»: لا نتوقع تغييرا في النتائج.. والعملية ستستغرق أسابيع

موظفان في مفوضية الانتخابات يتفحصان صناديق اقتراع في مركز العد والفرز ببغداد الشهر الماضي (أ.ب)
TT

تضاربت ردود فعل أعضاء في مجلس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات العراقية إزاء قرار صدر أمس عن الهيئة التمييزية يقضي بإعادة الفرز اليدوي لأصوات بغداد والتي تشكل أكبر دائرة انتخابية في العراق، تلبية لطلب نوري المالكي، رئيس كتلة دولة القانون ورئيس الحكومة المنتهية ولايتها.

ففيما عبر سردار عبد الكريم، عضو مجلس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات عن تفاجئه بمثل هذا القرار، أظهرت حمدية الحسيني، عضو مجلس المفوضية حماستها للقرار.

وكانت الهيئة التمييزية للانتخابات قد أمرت أمس بإعادة فرز الأصوات في العاصمة بغداد بعد انتخابات السابع من مارس (آذار) مما أثار احتمال تغيير النتائج النهائية في انتخابات تقدم فيها بفارق طفيف تكتل العراقية الذي يتزعمه إياد علاوي، الرئيس الأسبق للحكومة العراقية، والذي حصل على 91 مقعدا في البرلمان منها 24 عن بغداد، فيما حل تحالف المالكي ثانيا بحصوله على 89 مقعدا منها 26 عن بغداد، التي يبلغ عدد مقاعدها في البرلمان 68 مقعدا.

وقال عبد الكريم لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من بغداد أمس «كنا نتوقع مثلا أن يعاد فرز أصوات محطة أو أكثر، لكن إعادة الفرز اليدوي لأصوات بغداد بجميع محطاتها، فهذا شيء كثير»، مشيرا إلى أن «هذا أحد الطعون الذي تقدمت به كتلة دولة القانون لنتائج الانتخابات، وهناك طعون مقدمة من كتل أخرى».

وعبر عضو مجلس المفوضية عن المصاعب التي سترافق تنفيذ القرار، وقال «نحن الآن بصدد بحث آليات التنفيذ، وعلينا أن نستعد حتى نبدأ بعملية الفرز اليدوي، وأنا أتحدث عن استدعاء فرق العمل»، مشيرا إلى أن «عملية الاستعداد وتهيئة آليات التنفيذ قد تستغرق سبعة أيام، يضاف إليها ثلاثة أسابيع لإجراء الفرز اليدوي»، مستدركا «ليس لدينا صورة واضحة حول ما سيجري حتى الآن».

وقال عبد الكريم «لقد قدمت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات ردودها ودفوعاتها على الطعون التي شككت بنتائج الانتخابات التي جرت بداية الشهر الماضي، بضمنها أن جميع الكتل التي خاضت الانتخابات كان لديها مراقبون وممثلون عنها بالإضافة إلى مراقبين من منظمات المجتمع المدني ومن الجامعة العربية والأمم المتحدة، وحسب قوانين المفوضية فإنه كان من حق أية كتلة تقديم شكواها إلى المفوضية خلال 48 ساعة من عملية الاقتراع ليتسنى لنا اتخاذ القرارات في وقتها»، منوها إلى أن «المفوضية كانت تتوقع أن يتم إعادة الفرز اليدوي في بعض المحطات لكننا لم نتوقع أن يشكل هذا القرار جميع مناطق بغداد، فالعملية صعبة وتحتاج إلى المزيد من الوقت، لكن علينا أن نعرف أن قرارات الهيئة القضائية ملزمة لنا».

وعبر عن اعتقاده بأن «إعادة الفرز اليدوي قد لا تغير النتائج التي كانت قد أعلنت عنها المفوضية، في نهاية الشهر الماضي، حتى وإن تم إلغاء بعض الصناديق نتيجة ما يقال عن حدوث تلاعب فيها، إذ قد يتأثر عدد الأصوات هنا أو هناك لكن ذلك لن يغير من عدد المقاعد».

حمدية الحسيني أبدت خلال الحديث الذي أجرته «الشرق الأوسط» معها عبر الهاتف من بغداد، أمس، حماستها لقرار الهيئة التمييزية، وقالت إن «الفرز اليدوي سيبدأ فورا»، من غير أن تشير إلى موعد محدد سواء لبداية أو نهاية الفرز.

وقالت «نحن في المفوضية مجتمعون الآن لوضع آليات التنفيذ»، مشيرة إلى أن «عملنا في عملية فرز الأصوات التي جرت بعيد إغلاق صناديق الاقتراع (في السابع من الشهر الماضي)، كانت يدوية»، ولم تتحدث عن طبيعة آليات تنفيذ القرار القضائي، وقالت «نحن نناقش الآن هذه التفاصيل».

وأشارت الحسيني إلى «أننا نعمل من أجل أن نبرهن أن النتائج التي أعلنت عنها المفوضية العليا المستقلة للانتخابات كانت صحيحة»، منبهة إلى وجود 205 من الطعون بنتائج الانتخابات والتي كانت الكتل الانتخابية قد تقدمت بها.

ولم تعلق الحسيني على القرار الذي يعتبره مراقبون سياسيون عراقيون بأنه جاء تلبية لمطالب رئيس الحكومة المنتهية ولايتها.

يأتي ذلك في ظل تمتع رئيس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات فرج الحيدري بإجازته التي يمضيها في السويد، حسبما أوضح وكيله في المفوضية.

وكان الحيدري قد عبر عن رفضه القاطع لعملية الفرز اليدوي التي طالب بها المالكي بعيد الإعلان عن نتائج الانتخابات الشهر الماضي.

ويمثل العاصمة في البرلمان العراقي الذي يضم 325 مقعدا 68 مقعدا وهو ما يجعل الفوز ببغداد بمثابة جائزة كبرى.

وقال كمال الساعدي العضو البارز في ائتلاف المالكي لوكالة «رويترز» للأنباء «نتوقع أن تتغير النتائج لصالح ائتلاف دولة القانون». ولم تسفر الانتخابات التي جرت الشهر الماضي عن نتيجة حاسمة ولكنها تعتبر حجر زاوية في الوقت الذي يخرج فيه العراق من صراع طائفي اندلع بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003.

وجاءت قائمة العراقية التي يتزعمها رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي في المقدمة وحصلت على 91 مقعدا حسب النتائج الأولية للانتخابات بعد أن كسبت تأييد السنة.

وحصلت قائمة دولة القانون، التي يتزعمها المالكي، على 89 مقعدا، في حين حصلت قائمة الائتلاف الوطني العراقي الشيعي على 70 مقعدا. وحصل الأكراد مجتمعين على نحو 58 مقعدا.

ومن جانبه، وصف رئيس المفوضية العليا للانتخابات فرج الحيدري قرار المحكمة بـ«المتعجل» وقال الحيدري عبر الهاتف من السويد لـ«الشرق الأوسط» إنه «كان المفترض أن تقوم المحكمة بدراسة الموضوع جيدا والنظر في رأي المفوضية التي قدمت تقريرا وافيا حول الطعون التي قدمتها الكتل سواء كانت دولة القانون أو باقي الكيانات الأخرى».

وقال الحيدري إن «المسألة صعبة لأنها تتعلق بمدينة كاملة، وبالتالي كان الأجدر أن يؤخذ في عين الاعتبار رأي المفوضية من الناحية الفنية، لأن هذا الأمر ليس بالأمر الهين، لأن كل كيان من الكيانات الأخرى قد لا يرضى بالنتائج النهائية، وقد يدفع هذا القرار باقي الكيانات إلى المطالبة بإعادة العد والفرز في محافظات أخرى». وأضاف «نحن واثقون من عملنا وغير معترضين على قرار المحكمة وسنحاول أن لا يؤثر هذا الموضوع على سير العملية أو المواطنين، لأننا كمفوضية واثقون من النتائج».