كتل سياسية تعتبر قرار إعادة الفرز «رسالة سيئة».. وواشنطن: نعتمد تقييم الأمم المتحدة

قائمة علاوي: لسنا ضد الفرز اليدوي.. المجلس الأعلى: سرقوا فرحة الشعب.. التحالف الكردستاني: المحكمة لم تأخذ بطعوننا

TT

بينما يتطلع العراقيون بفارغ الصبر لتصديق القضاء العراقي على نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت في السابع من مارس (آذار) الماضي لحسم موضوع تشكيل الحكومة الجديدة، جاء قرار المحكمة التمييزية القاضي بإعادة الفرز اليدوي لأصوات بغداد، أكبر دائرة انتخابية في العراق، ليكتب فصلا جديدا من تعقيدات المشهد السياسي في البلد، ويدخلها في دهاليز متشعبة تضاف إلى دهاليز مواضيع غاية في التعقيد، من نمط: من هي الكتلة الأكبر في البرلمان؟ ومن سيكون رئيس الجمهورية؟ ومن سيتم تكليفه لتشكيل الحكومة، ومن سيجلس على كرسي رئيس البرلمان.

وإذا كان المواطن العراقي يتصور أن ثمة ضوءا في نهاية نفق الأسئلة المعلنة أعلاه، فإن النفق الذي فتحه قرار الهيئة القضائية يبدو معتما تماما، ولا تعرف حتى المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، وباعتراف أعضاء، نهايته، خاصة إذا تضررت كتل انتخابية أخرى نتيجة الفرز اليدوي ولن تعترف بالنتائج الجديدة، فيما إذا ظهرت نتائج مغايرة لما أعلنتها مفوضية الانتخابات يوم 21 من مارس (آذار) الماضي.

وحتى الآن تبدو ردود فعل الكتل الانتخابية الفائزة في الانتخابات متفقة على أن قرار الهيئة التمييزية ملزم ولا بد من احترامه، وأن الفرز اليدوي لا يغير من النتائج، وأن النتائج السلبية للقرار ستصب باتجاه تأخير العملية السياسية، باستثناء ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه نوري المالكي، رئيس الحكومة المنتهية ولايتها، والذي أصر على إعادة الفرز اليدوي في خمس محافظات جراء خسارة قائمته بفارق مقعدين أمام ائتلاف العراقية الذي يتزعمه إياد علاوي، الرئيس الأسبق للحكومة العراقية.

ولعل أكثر من عبر من السياسيين العراقيين عن رأيه تجاه النتائج السلبية لقرار إعادة الفرز اليدوي في بغداد هو الشيخ حميد معلة، القيادي في المجلس الأعلى الإسلامي وعضو الائتلاف الوطني العراقي بزعامة عمار الحكيم، والذي اعتبر في حديثه لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من بغداد أمس، أن «هذا التأخير أطلق رسالة سيئة للشعب العراقي»، منبها إلى أنه «لن يخرج أي تكتل فائزا في هذه العملية، ولو استمر زخم ما تحقق في الانتخابات ومضينا بتشكيل الحكومة لكان الفائز هو الشعب عندما تجاوز التخندقات السابقة وخرج ليدلي بصوته، ولأنه (الشعب العراقي) دفع بكل الكتل والأحزاب والشخصيات إلى طاولات الحوار على الرغم من اختلافاتها وذلك عندما جاءت نتائج التصويت متقاربة وقادت إلى نتيجة مفادها أن كل كتلة بحاجة إلى الكتلة الأخرى، وكان نتيجة ذلك، أيضا، أن ذهبت وفود عن الكتل الانتخابية في زيارات إلى جميع دول الجوار في أوسع عملية انفتاح على الدول الإقليمية العربية وغير العربية».

ويرى معلة أن «نتائج الفرز اليدوي لن تغير من الوقائع حتى لو أضيف لهذه الكتلة مقعد أو اثنان أو حتى ثلاثة، أو أخذ من هذه الكتلة مقعد أو اثنان، لأنه في التالي لن تتمكن أية كتلة من تشكيل الحكومة لوحدها»، متسائلا «من يقول إن الجهة التي طالبت بإعادة الفرز اليدوي (كتلة المالكي) ستستفيد من هذه العملية، وقد تأتي النتائج في صالح كتل أخرى، وعلى العموم لا أعتقد بأننا في الائتلاف الوطني العراقي والعراقية سنخسر جراء عملية إعادة الفرز اليدوي».

وقال القيادي في المجلس الأعلى الإسلامي «إن التأخير في إنجاز العملية السياسية سرق بهجة وفرح العراقيين وعمل على تعتيم ألق الإنجاز الكبير الذي يسجل لصالح العراقيين»، محملا «جميع القوى السياسية مسؤولية تبعات هذا التأخير»، ومطالبا «بالإسراع في المصادقة على النتائج ودخول البرلمان وتشكيل الحكومة».

بدوره قال فؤاد معصوم، القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني، الذي يتزعمه الرئيس جلال طالباني، وعضو التحالف الكردستاني لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من السليمانية، أمس، «ما دام القرار صادرا عن القضاء العراقي فيجب أن نمتثل له ونحترمه، فأحيانا يأتي القرار القضائي لإزالة أي التباس»، مشيرا إلى أن «العملية إذا كانت تتعلق بإعادة فرز الأصوات يدويا، وليس إلغاء أصوات أو إجراء تصويت جديد، فلا بد من أن يكون لكل طرف مشارك في انتخابات بغداد ممثلون ومراقبون للعملية».

وأشار معصوم، الذي ترأس في البرلمان العراقي المنتهية ولايته الكتلة الكردستانية، إلى أن «عملية إعادة الفرز اليدوي لا تعني بالضرورة تغيير النتائج، وهناك احتمالات كبيرة ببقاء النتائج مثلما هي»، منبها إلى أن «الهيئة التمييزية الخاصة بالانتخابات، والتي تتكون من ثلاثة قضاة، شيعي وسني وكردي، لم تأخذ بالطعون التي تقدم بها التحالف الكردستاني».

واتفق معصوم مع معلة بأن أبرز النتائج السلبية لعملية إعادة الفرز اليدوي لأصوات بغداد، هي «تأخير العملية السياسية وعقد البرلمان وتشكيل الحكومة»، وقال «سنكون متفائلين إذا اعتقدنا بأن الحكومة القادمة قد تتشكل في نهاية يونيو (حزيران)، ومسألة تشكيلها ليست سهلة، فبعد انتهاء الفرز اليدوي الذي لا نعرف متى سيبدأ ومتى سينتهي، سيكون هناك 15 يوما للتصديق على النتائج، ثم يدعو رئيس الجمهورية إلى عقد البرلمان خلال 15 يوما، وعادة يجتمع البرلمان الجديد في اليوم الأخير من هذه المهلة، ثم يتم اختيار أكبر الأعضاء سنا لرئاسة البرلمان مؤقتا، حيث سيتم الإعلان عن الجلسة الأولى التي أعتقد أنها ستكون مفتوحة ولأكثر من شهر يتم خلال ذلك الاتفاق على اختيار رئيس البرلمان ورئيس الجمهورية ورئيس الوزراء».

من جهتها، أكدت ميسون الدملوجي، المتحدثة الرسمية باسم القائمة العراقية، لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من بغداد، أمس، أن كتلتهم» ليست ضد الفرز اليدوي، ولكن يجب أن يجري في كل المناطق، وعلى أن نعرف آليات هذه العملية، ونتأكد من سلامة صناديق الاقتراع، وأن يكون لنا ممثلون ومراقبون يشرفون على العملية»، منبهة إلى أنه «يجب أن يتم الأخذ بكل الطعون وليس الطعون التي تقدمت فيها جهة واحدة».

ومن جانبه، أكد حسن السنيد القيادي في ائتلاف دولة القانون لوكالة الصحافة الفرنسية أن «قرار الهيئة التمييزية جاء على إثر طعون تقدم بها ائتلاف دولة القانون» برئاسة المالكي.

وأوضح «جرت اليوم (أمس) مرافعة استمرت أربع ساعات ناقشت فيها الهيئة الوثائق والمستندات التي تثبت أن الكثير من المحطات حصل بها تلاعب، منها تغيير توقيعات وشطب ومسح وتغيير بعض الأرقام». وأضاف أن «شهودا أكدوا حصول حالات التزوير» في جلسات الاستماع، مشيرا إلى أن الهيئة «اقتنعت بصحة الأدلة واتخذت قرارا بإعادة الفرز يدويا في جميع محطات بغداد».

إلى ذلك، امتنعت وزارة الخارجية الأميركية عن التعليق مباشرة على قرار المفوضية العليا بإعادة عد الأصوات في محافظة بغداد، ملتزمة بسياسة أميركية بعدم التعليق علنا بشكل متزايد حول التطورات السياسية في العراق كي لا تبدو واشنطن وكأنها تؤثر عليها.

وردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول ما إذا كانت الإدارة الأميركية تعتبر قرار إعادة فرز الأصوات في محافظة بغداد مؤشرا على احتمال وجود حالات تزوير في الانتخابات، قال مسؤول في وزارة الخارجية: «المراقبون الدوليون والمراقبون العراقيون المستقلون قالوا بالسابق إنه لا يوجد دليل على فساد نظامي واسع» في الانتخابات. وقد حرصت الخارجية الأميركية على عدم إعطاء رأي مستقل لنتائج الانتخابات، معتمدة على الأمم المتحدة والمراقبين لتقييم العملية الانتخابية علنا. وكان ممثل الأمم المتحدة في العراق، إد ميلكرت، قد أكد في وقت سابق نزاهة الانتخابات.

وشدد المسؤول على أن الولايات المتحدة «تدعم بشدة جهود السلطات العراقية وبعثة الأمم المتحدة لضمان نزاهة وشفافية العملية الانتخابية بما فيها عملية (معالجة) الشكاوى». وامتنع عن التعليق على نتائج إعادة عد الأصوات على جهود تشكيل حكومة عراقية جديدة، قائلا إنه لن «يتكهن حول النتائج».