نائب رئيس مجلس الأمن القومي الأميركي: نخطط لكل الاحتمالات بشأن إيران

غيتس ينفي أن تكون مذكرته السرية المسربة للتحذير.. وماكين: ليس لدينا سياسة متجانسة

TT

بعدما أثارت وثيقة أميركية سرية تشير إلى افتقاد الإدارة الأميركية لاستراتيجية واضحة حول كيفية التعامل مع طهران، ضجة في واشنطن خلال اليومين الماضيين، نفى البيت الأبيض أمس إعادة تقييم الخيارات في التعامل مع إيران، إذ قال نائب مستشار الأمن القومي الأميركية للاتصالات الاستراتيجية بين رودز: «من الزائف تماما أن تكون أية مذكرة قد أطلقت إعادة تقييم خياراتنا»، مؤكدا: «هذه الإدارة تخطط لكل الاحتمالات في ما يخص إيران لأشهر كثيرة».

وفي خطوة نادرة للرد ببيان رسمي على تقرير صحافي، أصدر روبرت غيتس وزير الدفاع الأميركي مساء أول من أمس بيانا رسميا يرد مباشرة على التقرير الذي نشرته «نيويورك تايمز»، أقر غيتس بالمذكرة التي نقل الصحافيون عن مسؤولين أنه رفعها إلى البيت الأبيض، لكنه قال: «مصادر (نيويورك تايمز) التي كشفت مذكرتي في يناير (كانون الثاني) لمستشار الأمن القومي أساءت تشخيص هدفها ومحتواها». وأضاف: «مع (جعل) محور (استراتيجية) الإدارة على مسار الضغط على إيران مع بداية هذا العام، المذكرة حددت الخطوات المقبلة في عملية التخطيط الدفاعي، حيث ستكون هناك الحاجة إلى المزيد من النقاش بين الدوائر المختلفة والقرارات السياسة في الأشهر والأسابيع المقبلة». وأكد غيتس أنه «لم يكن الهدف من المذكرة التحذير، ولم يستلمها فريق الرئيس للأمن القومي بهذه الطريقة، بل قدمت عددا من الأسئلة والمقترحات التي من المرجو منها أن تساهم في عملية اتخاذ قرارات بشكل نظامي وفي الوقت المحدد».

وقال غيتس: «المذكرة لم يكن المقصود بها التحذير ولم يتعامل معها فريق الأمن القومي التابع للرئيس على هذا الأساس، بل إنها طرحت مجموعة من الأسئلة والمقترحات للمساهمة في اتخاذ القرار بشكل منظم وفي الوقت المناسب».

وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» قد نشرت مذكرة مسربة من وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس حول الاستراتيجية الأميركية في ما يخص إيران. وبحسب الصحيفة فإن غيتس قد حذر البيت الأبيض بداية العام الجاري من عدم تطوير استراتيجية أميركية بعيدة الأمد للتعامل مع إيران مع مواصلة النظام الإيراني التقدم في الحصول على تقنية تسمح له بتطوير سلاح نووي. ويذكر أن الرئيس الأميركي باراك أوباما كان قد أمهل إيران عاما، منذ توليه الرئاسة بداية عام 2009 وحتى نهاية العام الماضي، لإبداء رغبة في حل قضية ملفها النووي بشكل دبلوماسي. ومنذ بداية العام أصبح التركيز على مسار الضغط على إيران. وتأتي التساؤلات حول استراتيجية واشنطن في وقت يركز مسؤولون أميركيون على أهمية حصول أوباما على دعم دولي في التعامل مع إيران، وخصوصا في ما يخص فرض عقوبات جديدة على إيران. وكانت الإدارة الأميركية قد عبرت عن ارتياحها لموافقة الرئيس الصيني هو جينتاو لبحث فرض العقوبات الجديدة بعد أشهر من الرفض، إلا أن المصاعب ما زالت قائمة في تمرير قرار جديد من مجلس الأمن. وتأتي المذكرة المسربة من غيتس إلى مجلس الأمن القومي الأميركية في يناير لتسليط الضوء مجددا على الاستراتيجية الأميركية في معالجة الملف الإيراني. وتخشى الإدارة الأميركية من تفسير حلفاء الولايات المتحدة وخصومها للمذكرة التي سربتها «نيويورك تايمز»، أن سياستها تجاه إيران مرتبكة. وقال غيتس في بيانه: «يجب أن لا يكون هناك أي التباس من قبل حلفائنا أو خصومنا، فالولايات المتحدة مركزة بقوة وبالشكل المناسب على هذه القضية ومستعدة للعمل على احتمالات واسعة النطاق لدعم مصالحنا».

وبينما ترفض الإدارة الأميركية الحديث علنا عن الاحتمالات العسكرية التي تدرسها في حال لم تخضع إيران لقرارات مجلس الأمن واقتربت من القدرة على تطوير أسلحة نووية، فإنها في الوقت نفسه تشدد على الالتزام بـ«كافة الخيارات» في التعامل مع إيران، بما فيها الخيار العسكري. وبالإضافة إلى المشاورات الجارية في نيويورك حول عقوبات جديدة ضد إيران، التي تأمل واشنطن في إصدارها خلال الأسابيع المقبلة، يدرس الكونغرس فرض عقوبات أميركية أحادية الجانب ضد إيران. وكان أوباما قد قال الأسبوع الماضي إن العقوبات «ليست عصا سحرية»، ولكنها المسار الذي نعتمده في الوقت الراهن لعزلة إيران والضغط عليها، مع إبقاء الضغوط السياسية على الساحة الدولية.

وتركز واشنطن على أن الخيار العسكري يعتبر الخيار الأخير في معالجتها للتحديات الدولية. وقال رئيس أركان القوات المسلحة المشتركة الأدميرال مايك مولين أمس: «الخيارات العسكرية ستساهم بشكل كبير في تأجيل» تطوير البرنامج النووي الإيراني، إلا أنه أردف قائلا إن «هذا القرار ليس قراري، بل قرار الرئيس.. ولكن من وجهة نظري، الخيار الأخير هو ضربة عسكرية الآن». ويعتبر مولين من الأصوات الأميركية المعارضة للضربة العسكرية، وكرر هذه المعارضة أمس بالقول أمام عدد من الصحافيين: «إنني قلق من ضرب إيران... لقد صرحت بذلك علنا في السابق بسبب النتائج المحتملة التي لا ننويها». واعتبر منتقدو الإدارة الأميركية أن المذكرة دليل جديد على سياسة إدارة أوباما غير الحكيمة في المجال الأمني. إلا أن السناتور الجمهوري جون ماكين قال: «لم أكن بحاجة إلى مذكرة من غيتس لأدرك ذلك. ليس لدينا سياسة متجانسة. أعتقد أن الأمر واضح كفاية».

وقال الخصم السابق لأوباما في انتخابات 2008 الرئاسية: «نحن نهدد بفرض عقوبات باستمرار ولأكثر من عام الآن، بل حتى خلال الإدارة السابقة. نهدد باستمرار. ومن الواضح أننا لم نقُم بما يمكن اعتباره فعالا». وأضاف: «علينا اتخاذ قرار بفرض عقوبات (على إيران). ثم علينا الاستعداد لأي احتمال في حال لم تحقق العقوبات أهدافها».