أوروبا تقر تخفيفا تدريجيا لأزمة الطيران وتتجه لمساعدة الشركات المتضررة

مطار هيثرو يستأنف الرحلات جزئيا مساء اليوم.. وإسبانيا وفرنسا تنشئان ممرات للعالقين

عائلة فرنسية قضت يوم أمس في مطار جون كينيدي عالقة، بعد أن أنهت عطلة أسبوع في نيويورك (أ.ب)
TT

فيما بدا انفراجاً في أزمة حظر الطيران المدني بأوروبا بسبب انتشار السحب الناجمة عن بركان آيسلندا، اتفق وزراء النقل في الاتحاد الأوروبي أمس على البدء بتخفيف تدريجي للقيود المفروضة على الرحلات الجوية، يدخل حيز التنفيذ صباح اليوم. كما أعلن الاتحاد الأوروبي أيضاً استعداده للسماح للدول بتقديم مساعدة مالية لشركات النقل الجوي التي تضررت بفعل الأزمة. وجاء هذا بعد أن تواصلت اضطرابات الملاحة الجوية في قسم كبير من القارة الأوروبية أمس بسبب استمرار انتشار سحب الرماد البركاني.

وأوضحت المنظمة الأوروبية لسلامة الملاحة الجوية (يوروكونترول) أن أكثر من 30 في المائة من الرحلات التي كانت مقررة أمس، أي بين ثمانية وتسعة آلاف رحلة من أصل 28 ألفا، ستؤمن.

ومددت دول مثل بريطانيا وألمانيا، إغلاق مجالها الجوي يوما آخر. كما مددت إيطاليا إغلاق مجالها الجوي في شمال البلاد، يوما آخر، بينما استؤنفت حركة الطيران بشكل جزئي في النمسا وبلجيكا وبلغاريا والدنمارك. وفتحت إسبانيا كل مطاراتها صباح أمس. وكان 17 من هذه المطارات في الشمال والشرق قد أغلقت مؤقتا أول من أمس، بينما لم يغلق مطار باراخاس في مدريد. واقترحت الحكومة استخدام مطارات إسبانيا ممرا ليتاح للركاب العالقين الهبوط فيها قبل الانتقال إلى بلدان أوروبية أخرى، وقالت إنها مستعدة لتسهيل مرور سبعين ألف شخص متوجهين إلى بريطانيا.

وقالت فرنسا أمس إنها ستفتح مطاراتها بالتدريج وتنشئ ممرات جوية تؤدي إلى باريس للمساعدة في تخفيف حدة أزمة النقل التي سببتها ثورة بركان في آيسلندا. وقال مكتب رئيس الوزراء فرانسو فيوم في بيان، إن الممرات الجوية المؤدية إلى العاصمة الفرنسية ستفتح من الثامنة من صباح اليوم الثلاثاء.

وأعلن رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون، أمس، أن بريطانيا ستستخدم سفنا تابعة للبحرية الملكية لإعادة مئات الآلاف من المسافرين الذين تقطعت بهم السبل في الخارج. وبينما عقد وزراء النقل الأوروبيون اجتماعا عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، قال مبعوث دبلوماسي إن «الوزراء الأوروبيين يعملون على إبرام اتفاق. يبدو أن هناك إجماعا بشأن تحديد نطاقات جديدة تضم منطقة أصغر لحظر الطيران بالقرب من البركان. وستكون هناك منطقة ثانية تشمل قيودا خاصة بالسلامة وإجراءات لفحص الطائرات». وكان من المتوقع إبرام الاتفاق مساء أمس بحيث يمكن أن تنفذ الخطوات في الساعة السادسة من صباح اليوم.

وقبل الاجتماع، قال وزير النقل الإسباني خوسيه بلانكو، الذي ترأس بلاده الاتحاد الأوروبي، إن «ما يهمنا هو ما يتعلق بالسلامة والوقاية». وأضاف «من الضروري أن نكون حذرين ونعتمد التشدد في تصرفاتنا. وعلى المواطنين أن يدركوا أننا نعمل لضمان سلامتهم رغم أن ذلك يتسبب بمشاكل كثيرة وخسائر فادحة».

وتطرق بلانكو إلى تذمر الشركات الجوية التي تطالب بإعادة فتح الطرق الجوية، وتشير إلى خسائر تقدر بعشرات ملايين اليورو يوميا، وأقر بأن تدابير الوقاية التي أدت إلى إغلاق عدد كبير من المطارات الأوروبية وصفها «البعض بأنها مبالغ فيها». لكنه قال «في أوضاع غير مرغوب فيها، لا يريد أحد تحمل المسؤولية»، إذا ما وقع حادث ما. وأوضح بلانكو «سنناقش كل الدراسات التي أجرتها شركات جوية على رحلات تجريبية» في نهاية الأسبوع. وأضاف: «سنجري تحليلا عن كيف يتطور تجمع الرماد البركاني العالق وكثافته». من جهتها، أعلنت المفوضية الأوروبية أمس، أن الاتحاد الأوروبي مستعد للسماح لدول الاتحاد بتقديم مساعدة مالية إلى الشركات الجوية التي تضررت جراء مرور سحابة الرماد البركاني. وقال مفوض المنافسة جواكين الومينا، إن الدرك الأوروبي للمنافسة «مستعد لمناقشة تدبير شبيه بالتدبير الذي اتخذناه بعد اعتداءات سبتمبر (أيلول) 2001» في الولايات المتحدة، والذي أتاح للشركات تلقي مساعدات في «ظروف استثنائية». وأضاف الومينا في مؤتمر صحافي عقده في بروكسل: «على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أن تشدد على ضرورة المساعدة» وتتأكد من أنها لن تشكل دعما زائدا بالنسبة إلى الشركات المنافسة».

وأوضحت المتحدثة باسمه أن منح هذه المساعدات الرسمية الاستثنائية وارد في البند 107 من المعاهدة الأوروبية «الذي يتيح للدول التعويض عن الأضرار المرتبطة بالكوارث الطبيعية والناجمة عن أحداث مأساوية». وقالت إميليا توريس «في هذه الحالة، يتعين على الدول تقديم تعويض للشركات»، موضحة أن المفوضية مستعدة «لتوضيح» هذا النص لتمكين الحكومات من استخدامه لمواجهة الأضرار الناجمة عن مرور سحابة الرماد البركاني. في غضون ذلك، أعلنت مصلحة الأرصاد الجوية البريطانية أن سحابة الرماد البركاني المنبعث من البركان الآيسلندي المتفجر والتي أدت إلى شلل المجال الجوي الأوروبي، قد تبلغ السواحل الكندية. من جهة أخرى، أعلن مسؤول أميركي أمس أن محرك طائرة إف-16 تابعة للحلف الأطلسي أصيب بأضرار بسبب سحب الرماد البركاني، أثناء تحليقها في أوروبا. وأعلن المسؤول للصحافيين في مقر الحلف الأطلسي في بروكسل «رصدنا عملية تزجيج داخل محركات» إحدى مقاتلات إف-16 دون أن يؤدي ذلك إلى حصول حادث. ويمكن أن يتحول الرماد البركاني إلى زجاج بفعل الحرارة المرتفعة داخل محركات كتلك المجهزة بها مقاتلات إف-16. وقال المسؤول الأميركي «إنها مسألة جدية جدا جدا وقد يكون لها تأثير على القدرات العسكرية للحلف في المدى القريب»، مشددا على أن «المجال الجوي مقفل لأسباب وجيهة» في أوروبا. وأوضح المسؤول أن حجم المناورات الجوية الجارية في الولايات المتحدة قد تقلص بغية إعطاء الوقت لدراسة تأثيرات سحاب الرماد البركاني هناك أيضا.