قراصنة الصومال يخططون لتوسيع نطاق عملياتهم في خطف السفن ما وراء البحار

خلاف قانوني ودستوري بين ترويكا السلطة الانتقالية حول رئاسة البرلمان

صورة وزعتها البحرية الهولندية لقرصان صومالي معتقل يجري انزاله في جيبوتي (إ.ب.أ)
TT

قال قراصنة محليون في إقليم البونت لاند شمال شرقي الصومال لـ«الشرق الأوسط» إنهم بصدد القيام بحملة إعلامية مضادة لتحسين صورتهم وسمعتهم، وللرد على محاولة مختلف وسائل الإعلام العالمية تصويرهم على أنهم مجرد حفنة من اللصوص وقاطعي الطرق.

ويخطط ممثلون للقراصنة لعقد اجتماع سري وشيك في مدينة ايل التي تعتبر المعقل الرئيسي للقراصنة المسلحين الذين أربكوا حركة التجارة الدولية قبالة السواحل الصومالية، للبحث في الطرق التي يعتقدون أنها قد تسهم في تحسين سمعتهم الدولية.

وقال قرصان صومالي رفض الإفصاح عن هويته لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من مدنية ايل الصومالية «نعم سنعقد هذا الاجتماع، العالم يصورنا على أننا إرهابيون وحفنة من المجرمين، هذا خطأ، لدينا قضية عادلة، نريد أن نعرضها، ليس هناك بديل آخر أمامنا سوى المضي قدما فيما نجيد فعله، وهو خطف السفن».

وعلى الرغم من أن أندروا موانجورا مسؤول برنامج رعاية البحارة الذي يتخذ من مدينة مومباسا الكينية مقرا له لمراقبة أنشطة القراصنة، نفى لـ«الشرق الأوسط» علمه بهذا الاجتماع، فإنه كشف في المقابل عن وجود اتجاه لدى القراصنة لتغيير التكتيكات العسكرية المستخدمة في خطف السفن والسيطرة عليها.

وقال أندروا عبر الهاتف لـ«الشرق الأوسط» تلقيت معلومات مؤكدة في هذا الصدد، إنهم (القراصنة) بصدد تغيير الأسلوب الكلاسيكي الذي طالما اتبعوه على مدى السنوات الماضية، الآن هم سيتجهون في عمليات قرصنة جديدة ما وراء البحار، سيصلون إلى الهند للمرة الأولى.

وأضاف: «يبدو أنهم حصلوا على أموال وأسلحة ومعدات عسكرية جديدة بعد سلسلة النجاحات التي حققوها مؤخرا، الآن هم يستثمرون هذا النجاح لتحقيق نقلة نوعية».

واعتبر أندور أنه يجب على العالم الانتباه إلى حقيقة المخاطر التي يسببها القراصنة، لكنه شدد في المقابل على أنه يجب النظر للأمور بطريقة موضوعية، معتبرا أن لدى القراصنة مشكلات أساسية يجب حلها.

من جهته، التقى أمس الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي الذي يترأس الدورة الحالية للقمة العربي، وفدا يمثل قيادات لجان الدفاع الشعبي عن السواحل الصومالية يزور ليبيا حاليا برئاسة عبد الله موسى ملك قبائل الداوود الصومالية.

ونقلت وكالة الأنباء الليبية عن الوفد الصومالي تأكيده أن مبادرة الحل الوحيدة التي يعترف بها الصوماليون هي مبادرة القذافي الذي فضح القراصنة الدوليين أمام العالم، وأكد أنهم هم المعتدون على ثروات السواحل الصومالية.

وأوضح موسى أن الوفد يضم صيادين صوماليين ضحايا القرصنة الدولية في سواحل الصومال، مؤكدا أن قرصنة السفن الدولية نهبت وطمرت النفايات والأسلحة الكيماوية في سواحلهم.

ولفت إلى أن السلاطين وشيوخ القبائل وأفراد الدفاع الشعبي والصيادين الصوماليين عقدوا ثلاثة تجمعات حاشدة في مختلف مناطق إقليم بونت لاند (أرض اللبان) الصومالي، صدرت عنها بيانات تؤيد المبادرة التي أعلنها القذافي لحماية السواحل الصومالية ومنحته تفويضا شعبيا، بأنه المخول بأن يتحدث إلى العالم من أجل حل مشكلة القرصنة الدولية في سواحل الصومال.

وحث الوفد العقيد القذافي على إرسال بعثة تقصي حقائق للوقوف مباشرة على تدمير الأساطيل الغربية لمواقع الصيادين الصوماليين وقصفها بالصواريخ وجميع الأسلحة المحرمة دوليا، وعلى معاناة عائلات الصيادين الصوماليين ضحايا هذه الأساطيل الغربية.

وقالت مصادر ليبية إن القذافي الذي رحب بالفكرة أكد مجددا أن المطلوب من العالم من الآن فصاعدا واضح بشأن احترام ملكية الصومال لثروة المنطقة الاقتصادية لمياهها وفقا لقانون البحار.

واعتبر أن المطلوب الآن هو الاتفاق بين الصوماليين وبين العالم وفقا لهذه النصوص التي تقول بأن المنطقة البحرية الاقتصادية الصومالية لا يمكن الصيد ولا الحفر فيها إلا بالاتفاق مع الصومال باعتبارها الدولة المالكة لثروات هذه المنطقة.

وأعلن القذافي أنه سيعمل مسودة لهذه الاتفاقية بين الصوماليين وبين العالم، منبها إلى أهمية وحدة الجهة الصومالية المسؤولة عن هذه المنطقة الاقتصادية، وأهمية احترام الجانب الصومالي لهذه الاتفاقية عند توقيعها وعلى العالم كذلك.

من جهة أخرى، اندلع أمس خلاف قانوني ودستوري بين ترويكا السلطة الانتقالية في الصومال (الرئيس والحكومة والبرلمان) الخلاف بين الحكومة والبرلمان في وقت يقول فيه رئيس البرلمان الصومالي عدن مادوبي إن فترة رئاسته للبرلمان لم تنته وإنه لا يوجد ما يبرر محاولة الإطاحة به من منصبه.

وألغى البرلمان الصومالي اجتماعا كان يفترض أن يعقده أمس في العاصمة الصومالية مقديشو من دون أسباب معلنة، فيما قال برلمانيون صوماليون لـ«الشرق الأوسط» إن البرلمان الذي لم يجتمع منذ نهاية العام الماضي يتهم الحكومة بإعاقة عمله وتعطيل اجتماع أعضائه.

وأعلنت الحكومة الصومالية أن تأجيل اجتماع البرلمان تم بسب ما وصفته بمسائل فنية، مؤكدة أن الاجتماع سيتم في وقت لاحق من هذا الأسبوع.

وكان الرئيس الصومالي الشيخ شريف قد عاد إلى مقديشو بعد جولة خارجية شملت كينيا وأوغندا في محاولة للحصول على دعم عسكري ومالي جديد لحكومته في مواجهة المتمردين الإسلاميين الذين يسعون للإطاحة بها وتشكيل إمارة إسلامية في الدولة التي تشهد منذ عام 1991 حربا أهلية وفوضى سياسية وعسكرية وأمنية عارمة.

وقالت مصادر رفيعة المستوى في الحكومة الصومالية التي يقودها عمر شارمارك لـ«الشرق الأوسط» في اتصال هاتفي من مقديشو إن الحكومة مدعومة من الرئيس الانتقالي الشيخ شريف شيخ أحمد تسعى لإزاحة مادوبي على اعتبار أن فترة رئاسته للبرلمان قد انتهت منذ شهر أغسطس (آب) الماضي وتعيين وزير المالية الحالي شريف حسن بدلا عنه.

وأوضحت المصادر أن رئيس البرلمان يرفض هذا الاتجاه ويصر في المقابل على أن اتفاق جيبوتي للمصالحة الوطنية الذي كرس رئاسة الشيخ شريف للسلطة الانتقالية في الصومال وشمل توسيع عضوية البرلمان إلى 550 عضوا، يتضمن أيضا أن تنتهي فترة رئاسته للبرلمان مع انتهاء فترة رئاسة الشيخ شريف العام المقبل.

وكشفت المصادر التي طلبت عدم تعريفها النقاب عن أن محاولة الإطاحة بمادوبي من منصبه تأتي على خلفية دعمه اتجاها من بعض أعضاء البرلمان لمسائلة حكومة شارمارك داخل البرلمان والتصويت على سحب الثقة منها بسبب عدم قيامها بالمهام المنوطة بها.

ونقل مسؤول مقرب من رئيس البرلمان الصومالي لـ«الشرق الأوسط» عنه القول، الخلاف ليس مع الرئيس (الشيخ شريف) وإنما مع رئيس الحكومة، والموضوع يتعلق بصلاحية مدة القيادة البرلمانية والحكومة الانتقالية طبقا لنص الاتفاق المنصوص عليه في جيبوتي.

وأضاف «مادوبي يرى أن المدة التي تمت زيادتها للحكومة الانتقالية تضم الجميع سواء الرئيس أو البرلمان، وعلى هذا فلا مبرر لأن يطلب بعض النواب من المحسوبين على الحكومة اختيار رئيس جديد للبرلمان».

وتابع «البرلمان تم انتخابه في نيروبي لمدة خمس سنوات والمصالحة التي تمت العام قبل الماضي في جيبوتي تضم الجميع وليس أشخاصا معينين».

وتعذر أمس الحصول على تعليق فوري من رئيس الحكومة الصومالية عمر شارمارك بعدما حاولت «الشرق الأوسط» الاتصال به هاتفيا عبر هاتفه الجوال دون جدوى، لكن عمر طلحة نائب رئيس البرلمان الصومالي دعا في المقابل مسؤولي الترويكا الانتقالية إلى حل خلافاتهم في أسرع وقت، وقال لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من مقديشو، إن من شأن استمرار هذه الخلافات إعطاء صورة سلبية عن السلطة الانتقالية في لبلاد والإساءة إلى سمعتها في الداخل والخارج.

وكان مادوبي قد تولى لمدة شهر بصورة مؤقتة رئاسة السلطة الانتقالية في الصومال بعدما قرر الرئيس الصومالي السابق عبد الله يوسف التنحي بشكل مفاجئ عن منصبه في شهر ديسمبر (كانون الأول) عام 2008 بعدما عجز عن حل الخلافات التي استحكمت آنذاك بين ترويكا السلطة التي تولاها للمرة الأولى عام 2004.