واشنطن تقدم دعما جديدا للقوات اليمنية لمحاربة «القاعدة»

صنعاء تشدد الإجراءات الأمنية حول المصالح الغربية خشية هجمات

TT

أبلغت وزارة الدفاع الأميركية الكونغرس عزمها تقديم مساعدات جديدة للقوات اليمنية الخاصة لدعم مساعيها لمواجهة تنظيم «القاعدة في شبه الجزيرة العربية». ويدرس الكونغرس حاليا قرار البنتاغون تقديم مزيد من الدعم، وفي حال لم يدخل تعديلات عليه، من المتوقع أن تبدأ وزارة الدفاع في تطوير برنامج الدعم الإضافي للقوات اليمنية الخاصة قريبا. وفي اليمن شددت السلطات إجراءاتها الأمنية حول المصالح الغربية في البلاد، وذلك خشية وقوع هجمات إرهابية لـ«القاعدة في جزيرة العرب» الذي يتخذ من اليمن مقرا له، وتزامنت هذه الإجراءات مع إعلان الولايات المتحدة أنها ستعزز مساعدتها العسكرية لليمن، بهدف شن حملة تستهدف تنظيم القاعدة.

وفي واشنطن، أكد ناطق باسم البنتاغون لـ«الشرق الأوسط» أمس أن «الأولوية بالنسبة لنا هي بناء القدرات اليمنية في مكافحة الإرهاب». وأضاف أن «هناك مجالات عدة يمكن لنا أن نساعد فيها؛ منها دعم إضافي لبرامج مكافحة الإرهاب القائمة حاليا». وتركز الولايات المتحدة على أهمية تدريب وتقوية القوات الخاصة لمكافحة الإرهاب في اليمن، بناء على محادثات جارية مع المسؤولين في صنعاء.

وكان وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس قد أقر في فبراير (شباط) الماضي مساعدات أمنية بقيمة 150 مليون دولار لليمن خلال العام المالي 2010، ارتفاعا من 67 مليون دولار العام الماضي، لكن البنتاغون لم يعلن تفاصيل كثيرة حول البرنامج بسبب حساسية الموضوع.

وشدد الناطق باسم البنتاغون على أهمية التعاون الأميركي - اليمني في مواجهة الإرهاب، موضحا: «نحن ندعم بشدة الخطوات التي تتخذها حكومة اليمن ضد (القاعدة في شبه الجزيرة العربية)، واليمنيون حريصون جدا على ذلك». وأضاف: «يجب الإشادة بالحكومة اليمنية، ونحن مسرورون لقرار اليمنيين بمنع اليمن من أن يكون أرضا للإرهابيين». يذكر أنه منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي أعلنت السلطات اليمنية عن نجاح عدة عمليات لمواجهة عناصر «القاعدة» في اليمن، وبناء على هذه التطورات تتطلع الولايات المتحدة إلى تخصيص مزيد من الدعم للقوات اليمنية. وأفادت وكالة «رويترز» نقلا عن مسؤولين مطلعين على الأمر إن البنتاغون أبلغ الكونغرس بأنه سيقدم 34 مليون دولار في شكل «مساعدة تكتيكية» لقوات العمليات الخاصة اليمنية و38 مليون دولار لتزويد اليمن بطائرة نقل عسكرية. وأضافوا أنه سيتم في وقت لاحق الإعلان عن تمويل إضافي لتعزيز قدرات النقل الجوي في اليمن. وأوضح مسؤول يمني لـ«الشرق الأوسط» أن «المباحثات اليمنية - الأميركية الأخيرة تركزت على تعزيز قدرات القوات الخاصة ووحدات مكافحة الإرهاب، إضافة إلى تطوير وتحسين النقل الجوي لتلك الوحدات ليتسنى لها القيام بعمليات مكافحة الإرهاب». وأضاف المسؤول أن «الجديد في الأمر أن الجانب الأميركي أصبح اليوم يركز أيضا على الجانب التنموي خلافا للعادة»، في إشارة إلى الميزانية الأميركية المقبلة التي من المرتقب أن تخصص مساعدات تنموية لدعم اليمن «كشريك» بدلا من حصره فقط في الإطار الأمني. وفي الوقت الذي توحي فيه التصريحات الأميركية بضربات جديدة لتنظيم القاعدة في اليمن، فإن خبراء في مجال محاربة الإرهاب، يعتقدون أن «القاعدة» في اليمن يمر بمرحلة ضعف غير مسبوقة، ويقول لـ«الشرق الأوسط» سعيد عبيد الجمحي، مؤلف كتاب عن تنظيم القاعدة، إنه وفي ظل الأوضاع الراهنة وفي ضوء الضربات الاستباقية التي وجهت إلى التنظيم في الآونة الأخيرة، فإنه يمر بمرحلة ضعف، ويردف الجمحي: «لكن وبحكم درايتي بـ(القاعدة)، فإنه لم يمت وليست هناك دلائل على أنه يحتضر، وهذه العبارة رددت كثيرا في العراق، لكن الأيام أثبتت العكس».

وردا على سؤال حول إمكانية قيام «القاعدة» بعمليات جديدة في اليمن، خاصة مع الإجراءات الأمنية المشددة، يقول الجمحي الخبير في شؤون «القاعدة» إن الحكومة اليمنية وتحديدا أجهزة مخابراتها «ربما تكون لديها معلومات بتحضير (القاعدة) لتنفيذ عمليات، وربما هذا ما يفسر الإجراءات الأمنية المشددة».

وتعليقا على إعلان واشنطن تقديم مساعدات عسكرية إلى اليمن في حربه ضد الإرهاب، يؤكد الجمحي أن الأميركيين «أكثر الناس إدراكا لخطر (القاعدة)» وأن ما وصفها بـ«الصحوة اليمنية»، ربما ترجع إلى التعاون بين الجانبين في هذا المجال، مشيرا إلى أن الأميركيين «يسيرون بوتيرة واحدة ومتواصلة في هذا المضمار ولن يتوقفوا».

ويعد اليمن الذي كان مرشحا لضربة عسكرية عقب أحداث الـ11 من سبتمبر (أيلول) عام 2001م، بعد أفغانستان مباشرة، بعد أن تعرضت السفينة الحربية الأميركية «يو إس إس – كول» لعمل إرهابي من «القاعدة» في سواحله في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2000م، أحد أهم شركاء الولايات المتحدة في الحرب على الإرهاب. وأكدت صنعاء في أعقاب الضربات الاستباقية التي نفذت أواخر شهري ديسمبر (كانون الأول) ويناير (كانون الثاني)، واستهدفت معاقل يعتقد أنها لـ«القاعدة» في جنوب وشمال البلاد، أن تلك العمليات نفذت في ضوء تنسيق استخباراتي مع الولايات المتحدة وعدد من الدول العربية.