طهران ردا على وساطة أنقرة النووية مع الغرب: التطبيق غير ممكن إلا بشروط

واشنطن: إيران قادرة على بناء صواريخ يصل مداها أميركا بحلول 2015

وزير الخارجية الإيراني منو شهر متقي يصافح نظيره التركي أحمد داود أوغلو في أعقاب مؤتمر صحافي مشترك عقداه في العاصمة الإيرانية طهران أمس (أ.ف.ب)
TT

تسعى أنقرة إلى لعب دور الوسيط بين طهران والغرب الذي يسعى إلى فرض عقوبات على الجمهورية الإسلامية بسبب برنامجها النووي المثير للجدل. وأبدى أحمد داود أوغلو وزير الخارجية التركي أمس استعداد بلاده للتوسط في المواجهة النووية بين الغرب وإيران في مسعى لتفادي سلة عقوبات اقتصادية جديدة معوقة. يأتي ذلك بينما يستعد الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الجمعة لزيارة رسمية تستغرق يومين إلى أوغندا العضو في مجلس الأمن الدولي لبحث ملف بلاده النووي. وفي زيارة رسمية للعاصمة الإيرانية طهران قال داود أوغلو إن تركيا في وسعها إحياء الحل الدبلوماسي للنزاع الذي سيقضي بأن ترسل إيران جزءا من مخزونها من اليورانيوم للخارج مقابل الحصول على وقود نووي مخصب لمستويات أعلى.

وقال وزير الخارجية التركي في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الإيراني منوشهر متقي: «إذا توفرت الإرادة من جانب أصدقائنا الإيرانيين وإذا رأوا أن من الحكمة أن نقوم بدور.. سنفعل»، وأضاف: «تركيا كدولة ثالثة مستعدة أن تلعب دورا وسيطا في تبادل اليورانيوم والقضايا النووية الإيرانية الأخرى». من جهته، قال وزير الخارجية الإيراني خلال المؤتمر إن إيران كانت تجري بانتظام مشاورات مع تركيا بخصوص البرنامج النووي، لكنه لم يرد بشكل واضح على عرض أنقرة الأخير.

غير أن رامين مهمان باراست، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، قال لاحقا في مؤتمر صحافي منفصل عندما سئل إن كانت مبادلة اليورانيوم يمكن أن تحدث في تركيا: «الدول الصديقة ومنها تركيا تسعى جاهدة لجعل الطرف الآخر يفهم حقوقنا النووية. هناك أفكار عدة لكن تطبيقها لن يكون ممكنا إلا إذا روعيت شروطنا»، بحسب وكالة «رويترز».

وقال متقي: «نعتقد أن الدبلوماسية هي مفتاح لحسم المشكلات الكبيرة بين إيران ودول مجموعة (5+1)»، مشيرا إلى الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا. وأضاف: «إذا اختاروا اللجوء إلى البدائل فليس في وسعنا أن نفعل شيئا حيال هذا»، مشيرا إلى التهديد بفرض عقوبات تقول طهران إنها لن يكون لها تأثير كبير على اقتصادها.

إلى ذلك، يصل الرئيس الإيراني إلى أوغندا بعد غد لبحث الملف النووي الإيراني والعقوبات، وقال جيمس موغومي، أمين عام وزارة الخارجية الأوغندية لوكالة الصحافة الفرنسية، أمس، إن نجاد «سيأتي في زيارة تستغرق يومين نبحث خلالها العلاقات الثنائية»، مضيفا: «بالطبع بصفتنا دولة عضو (غير دائم) في مجلس الأمن الدولي سنبحث المسألة النووية»، من دون إعطاء مزيد من التوضيحات.

في سياق متصل، قالت وزارة الخارجية الصينية أمس إنه ما زال هناك مجال للتوصل إلى حل عبر المفاوضات لبرنامج إيران النووي.

من جهة أخرى أفاد تقرير لوزارة الدفاع الأميركية بأن إيران قد تحصل على قدرة ضرب الأراضي الأميركية بحلول 2015. وأفاد البيان الذي أعدته وكالة الاستخبارات الدفاعية التابعة للبنتاغون حول الجيش الإيراني بأن إيران قد تحصل على دعم خارجي يجعلها قادرة على بناء صاروخ بعيد الأمد لضرب الولايات المتحدة خلال خمسة أعوام.

وبينما أكد ناطق باسم البنتاغون لـ«الشرق الأوسط» بأن هذا «التقييم ليس جديدا» بحد ذاته إلا أنه أشار إلى تغيير في طريقة صياغة تقييم التهديد ليحدد فترة محددة أكثر من السابق. وأضاف الناطق بأن الولايات المتحدة تراقب التطورات الإيرانية العسكرية، وأن التقييم يعود لأجهزة الاستخبارات المختصة.

وجاء في التقرير الذي صدر هذا الشهر وكشف عنه النقاب أمس أن «إيران وبمساعدة أجنبية كافية ستتمكن على الأرجح من تطوير واختبار صاروخ ذاتي الدفع عابر للقارات يمكنه الوصول للولايات المتحدة بحلول عام 2015». وبينما كشف البنتاغون عن بعض تفاصيل التقارير إلا أن نسخة سرية منه سلمت للكونغرس لتقييم التهديد المحتمل من إيران والذي شمل أيضا تقييما لدعم إيران حزب الله وحماس.

وتراقب واشنطن عن كثب توقيت النجاحات التي تحققها إيران في تكنولوجيا الصواريخ بعيدة المدى وتتهم طهران بالسعي لامتلاك أسلحة نووية كما تدفع باتجاه فرض جولة جديدة من العقوبات عليها.

وأفاد التقرير الأميركي الجديد أن «برنامج إيران النووي ورغبتها في الحفاظ على إمكانية تطوير أسلحة نووية جزء أساسي من استراتيجية الردع لديها».

ويشدد مسؤولون أميركيون على أن التهديد من إيران لا يقتصر فقط على تطوير برنامجها النووي بل أيضا صواريخها الباليستية، والتي تعتبر واشنطن أنه من المهم أن تواجه من خلال تعاون مع دول المنطقة وتطوير أنظمة دفاع صاروخية. ويذكر أن الجيش الأميركي فشل في يناير (كانون الثاني) في إحباط ضربة صاروخية إيرانية جرت محاكاتها في إطار تدريب تكلف 150 مليون دولار فوق المحيط الهادي. وفشلت المحاولة بسبب عطل في رادار من صنع شركة «رايثيون» للصناعات الدفاعية والنافذة في الولايات المتحدة. ويذكر أن تقييم المدة الزمنية المتوقعة لتطوير التكنولوجيا الإيرانية تراوحت في السابق بين 5 و10 سنوات، إلا أن التقرير الأخير يحدد 5 سنوات. وكانت الاستخبارات العامة الأميركية أشارت في مايو (أيار) 2009 إلى أنه من غير المرجح أن تمتلك إيران صاروخا بعيد المدى قبل ما بين 2015 و2020 وذلك وفقا لما قاله مسؤولون أميركيون اطلعوا على التقرير السابق حين صدوره.

ووصف إيك سكيلتون رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب الأميركي التقرير بأنه «نظرة شاملة للوضع العسكري في إيران». واشتمل التقرير أيضا على تقدير لقدرات إيران العسكرية الأوسع ودعمها مقاتلين في العراق وأفغانستان بجانب حماس في الأراضي الفلسطينية وحزب الله في لبنان. وذكر التقرير دون أن يوضح تفاصيل أن حزب الله قام وبدعم من إيران بتجديد ترسانته عما كانت عليه أثناء الحرب التي شنتها إسرائيل على لبنان عام 2006.

ولفت التقرير إلى أن إيران تستطيع أن تستهدف إسرائيل من خلال علاقاتها ودعمها حزب الله. وأفاد التقرير أن إيران «قادرة على ضرب إسرائيل بشكل مباشر وهي تهدد مصالح إسرائيلية وأميركية في العالم». وتثار تساؤلات حول دعم إيران لمسلحين يستهدفون القوات الأميركية في أفغانستان. وأشار التقرير إلى العثور على أسلحة أعطتها قوة القدس الإيرانية لمسلحين أفغان، وهو الأمر الذي تم الكشف عنه العام الماضي. وتم العثور على أسلحة إيرانية الصنع في أفغانستان، منها صواريخ 107 ملليمترات.

وشمل التقرير تقييما لعدد القوات الإيرانية، وأفاد أن قوام القوات البرية الإيرانية يقدر بنحو 220 ألف فرد و«قوات المقاومة البرية» التابعة للحرس الثوري تقدر بنحو 130 ألف عنصر.