فلسطينيو 48 يتحدون القانون الإسرائيلي ويحيون ذكرى النكبة بزيارة إحدى القرى المدمرة

أوباما مهنئا: علاقاتنا المتميزة ستزداد قوة في الشهور القادمة

طائرات اسرائيلية تحلق فوق قبة الصخرة، احتفالا بذكرى قيام اسرائيل حسب التوقيت العبري، امس (رويترز)
TT

في تحدٍّ واضح للقانون الإسرائيلي الجديد الجاري إعداده، الذي يقضي بمنع إجراء أي مظاهر حداد أو حزن في يوم احتفال إسرائيل بتأسيسها، انطلق آلاف المواطنين العرب في إسرائيل (فلسطينيي 48)، في مسيرة حداد إلى أطلال إحدى القرى الفلسطينية المهدومة منذ أكثر من ستين عاما، رافعين شعارات تندد بالممارسات الإسرائيلية الاحتلالية وبالسياسة العنصرية المتبعة ضدهم ومطالبين بوضع حد لمأساة اللجوء الفلسطيني والتوصل إلى تسوية سلمية للصراع.

وكان الكنيست الإسرائيلي، قد أقر بالقراءة الأولى في منتصف مارس (آذار) الماضي مشروع قرار تقدم به حزب «إسرائيل بيتنا» اليميني المتطرف، بقيادة وزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، يحظر إحياء ذكرى النكبة في نفس يوم الاحتفال بذكرى تأسيس إسرائيل.

وكان واضحا أن هذا القانون جاء ليمس بالمواطنين العرب ومؤسساتهم وقياداتهم، في التعبير عن انتمائهم لشعبهم الفلسطيني وتضامنهم مع قضيته وشعورهم بآلامه. ووصفه النواب العرب في الكنيست بأنه قانون عنصري وفاشي «يدل على الخوف الذي أصاب القائمين عليه من تنامي الوعي الوطني والسياسي لدى المواطنين العرب». وأكدوا جميعا أن المواطنين العرب لن يحترموا هذا القانون «لأنه لا يحترمنا، ولا يحترم ذاكرتنا ومواقفنا المعلنة، وسنجد الطرق الملائمة لتحديه والالتفاف عليه، ونقول لكم ذلك سلفا»، كما قال النائب جمال زحالقة، رئيس كتلة التجمع الوطني.

ونفذوا وعدهم أمس، فرغم أن الشعب الفلسطيني يحيي ذكرى النكبة في 15 مايو (أيار) من كل عام، وهو اليوم الذي أعلن فيه عن تأسيس إسرائيل سنة 1948 حسب التقويم الميلادي، فإن فلسطينيي 48 أحيوا ذكرى النكبة، أمس، وهو يوم احتفال إسرائيل بتأسيسها وفقا للتقويم العبري. وبناء على قرار قيادتهم الوطنية المنضوية تحت «لجنة المتابعة العربية» بالتنسيق مع جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين، تم تنظيم «مسيرة العودة» إلى إطلاق قرية مسكة، واحدة من 530 قرية فلسطينية هدمت منذ عام 1948 وتم تهجير سكانها.

وتجمع هذه القرية أكثر من رمز لنكبة الشعب الفلسطيني. فهي تقع في السهل الساحلي لأرض فلسطين التاريخية، وصنفت في حينه واحدة من أعرق القرى في المنطقة لخصوبة أراضيها وكثرة أحراجها، وبلغ عدد سكانها أكثر من ألف نسمة. وتقول إحدى الروايات إن الاسم مسكة جاء نسبة إلى قبيلة مسكة القحطانية التي عاشت هناك في العهد الإسلامي. وهي تقع على بعد 15 كيلومترا جنوب غربي مدينة طولكرم، لذا اعتبرت إحدى قرى القضاء. تحدها شمالا مدينة الطيرة، وقرية كفر سابا المهجرة جنوبا وقرية الحرم (سيدنا علي) المهجرة من الغرب، وترتفع عن سطح البحر بنحو 50 مترا.

وفي الفترة ما بين 18 - 20 أبريل (نيسان) من عام 1948، وتحت تهديد العصابات الصهيونية سكانها بمجزرة مشابهة لمجزرة دير ياسين، إذا لم يغادروا المكان بإرادتهم، أخليت القرية من غالبية سكانها. ولكنها بقيت تحت الحكم الأردني لنحو سنتين ثم سلمت إلى إسرائيل رسميا عام 1951 بعد توقيع اتفاقية رودس. وهاجر قسم منهم، في ما عاش من بقي منهم في الوطن لاجئا في مدينة الطيرة ومنطقة المثلث الجنوبي.

وأرسلت حكومة إسرائيل جرافاتها عام 1951 لتمسح كافة البيوت وتسويها مع أرض القرية وقبورها، ولم يبق منها سوى خرائب هي عبارة عن أنقاض مسجد ومدرسة وبئر هدمت هي الأخرى عام 2006.

وكانت لجنة المتابعة العليا للمواطنين العرب قد أصدرت بيانا صحافيا بالمناسبة جاء فيه: «عام آخر يمر على نكبة شعبنا العربي الفلسطيني، التي قامت خلالها المنظمات العسكرية الصهيونية، ومن بعدها إسرائيل، بطرد نحو مليون فلسطيني إلى خارج الوطن وتنفيذ المجازر والتهجير القسري المبرمج، ليصبح معظم شعبنا بين ليلة وضحاها يفترش الأرض ويلتحف السماء في مخيمات اللجوء، كما قامت بهدم وتدمير أكثر من 530 قرية ومدينة عربية عن بكرة أبيها ومصادرة كافة أملاكنا وأراضينا بموجب العشرات من القوانين التعسفية، معتبرة شعبنا غائبا عن أرضه ووطنه وهو حي يرزق وهم يستبيحون مقدساتنا وما زالوا مستمرين في مخططاتهم الإجرامية عبر سن الكثير من القوانين المتعلقة بخصخصة أملاك اللاجئين والمهجرين وكذلك القانون سيئ الذكر الذي يتعلق بإحياء ذكرى النكبة».

تلقى الإسرائيليون تهنئة حارة ومميزة، أمس، من الرئيس الأميركي باراك أوباما بمناسبة احتفالاتهم بالذكرى السنوية الثانية والستين لتأسيس دولتهم، وعد فيها بأن تتوثق العلاقات المميزة بين إسرائيل والولايات المتحدة وتزداد قوة في الشهور القريبة القادمة. وأكد أوباما، في رسالة موجهة إلى كل من الرئيس الإسرائيلي، شيمعون بيريس، ورئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، على متانة العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة، مذكرا بأنه «بعد دقائق من إعلان ديفيد بن غوريون عن استقلال إسرائيل، وتحقيق الحلم بدولة للشعب اليهودي في وطنهم التاريخي، كانت الولايات المتحدة أول دولة تعترف بإسرائيل».

وأضاف أن الولايات المتحدة تواصل الحفاظ على علاقات متينة غير قابلة للكسر مع إسرائيل، تنطوي على التزام الولايات المتحدة المتواصل بأمنها إلى الأبد. وقال أوباما إن إسرائيل ستظل حليفا استراتيجيا مركزيا للولايات المتحدة في الشرق الأوسط. وأكد أنه على ثقة بأن العلاقات الخاصة مع إسرائيل ستستمر وتتعزز في الشهور والسنوات القادمة. وأضاف أن الولايات المتحدة ستواصل بذل الجهود مع إسرائيل للتوصل إلى سلام شامل وتحقيق الأمن في المنطقة، بما في ذلك حل الدولتين للشعبين، ومواجهة ما سماه «القوى التي تهدد إسرائيل والولايات المتحدة والعالم».

وكانت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، قد أجرت استطلاع رأي بهذه المناسبة سألت فيه الإسرائيليين أن يدرجوا أحلامهم وآمالهم بمناسبة السنة الثانية والستين لإسرائيل، فقالت الأكثرية (%56) إن حلمهم الأول هو إجراء مفاوضات سلام مع الفلسطينيين والعرب. وكان أملهم التالي (%34) هو أن تمتلئ بحيرة طبرية بالماء.