استياء في غزة من الضرائب على السجائر.. ومواطنون يربطون ذلك بالأزمة المالية

حكومة حماس تبرر الزيادة بقرار الإدارة السابقة

TT

كانت معالم التوتر بادية تماما على محيا غسان إبراهيم (45 عاما)، بعد أن جاب كل المحال التجارية ليلة الأحد الماضي بحثا عن السجائر، حيث فوجئ بامتناع المحال التجارية عن بيعه في أعقاب قرار الحكومة المقالة فرض ضريبة قدرها ثلاثة شيكلات (الدولار يعادل 3.5 شيكل) على كل علبة سجائر، وهو ما جعل أصحاب المحال التجارية يتوقفون في بادئ الأمر عن بيع السجائر. وقال غسان لـ«الشرق الأوسط» إنه بغض النظر عن المسوغات التي تقدمها الحكومة لتبرير رفع الأسعار، فإن القرار غير مفهوم في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية التي فاقمها الحصار المفروض على القطاع منذ أكثر من ثلاثة أعوام. وأضاف غسان الذي يعمل مدرسا، أن القرار لن يدفعه للتوقف عن شراء السجائر أو حتى تقليصه، معتبرا أن الأوضاع العامة لا توفر البيئة المناسبة لاتخاذ مثل هذا القرار. علبة السجائر التي كانت تباع بخمسة شيكلات (دولار وخمسة وثلاثون سنتا)، أصبحت تباع بـ8 شيكلات (دولاران وسبعة سنتات). وأكدت مصادر فلسطينية لـ«الشرق الأوسط» أن بعض التجار فضلوا تسليم ما لديهم من مخزون لسلطات الضرائب على أن يقوموا بدفع الضرائب، لكن الأغلبية استجابت ووافقت على الدفع، مما أدى إلى استئناف بيع السجائر في جميع أنحاء القطاع. وقال عبد الرحمن أبو عودة (47 عاما) الذي يعمل في مجال تربية المواشي والاتجار بها والذي يعاني من صعوبات مالية جمة جراء الأوضاع الاقتصادية الصعبة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه كان في وسعه التوقف عن التدخين، مستدركا بالقول :«لكن الأوضاع السائدة تجعل من الصعب جدا على مثلي التوقف عن التدخين»، مع العلم أنه قد مضى على شروعه في التدخين 33 عاما. لكن عبد الرحمن يأمل في أن يتمكن من إقناع نجله البكر حمد بالإقلاع عن التدخين، خاصة أنه هو الذي يتولى شراء السجائر له والإنفاق على تعليمه الجامعي. وأضاف: «ما سأنفقه على تدخيني وتدخين حمد يكفي تقريبا ما تنفقه العائلة المكونة من عشرة أفراد على الطعام. أحدنا يجب أن يتوقف عن التدخين».

وحتى حمد عوني الذي يدخن ثلاث سجائر فقط في اليوم بدا ممتعضا جدا من الزيادة المبالغ فيها، وقال إنه لن يتوقف عن التدخين حتى لو وصل سعر علبة السجائر إلى مائة دولار. من ناحيته، نفى زياد الظاظا نائب رئيس الوزراء ووزير الاقتصاد في حكومة غزة أن يكون قرار فرض الضرائب على السجائر جديدا، مشيرا إلى أن كل ما قامت به حكومته هو تفعيل قرار سابق اتخذته الحكومات السابقة. وفي تصريحات للصحافيين، قال الظاظا إن الحكومات التي مارست الحكم قبل الانتخابات التشريعية الأخيرة فرضت ضريبة 7.4 شيكل على كل علبة سجائر وكانت هذه الضرائب تتجه لجيوب الاحتلال الإسرائيلي. وأضاف أن متوسط سعر علبة السجائر كان يتراوح بين 12 و17 شيكلا، وفي ظل الواقع الجديد فإن سعر علبة السجائر يصل إلى عشرة شيكلات كحد أعلى.

هناك بعض الأوساط المرتبطة بالحكومة، لا سيما في المجلس التشريعي، تقول إن فرض الضرائب على السجائر يأتي لتقليص عدد المدخنين في قطاع غزة، لكن هذا المسوغ لا يبدو مقبولا لدى كثيرين، وهناك من يربط القرار بالضائقة المالية التي تمر بها الحكومة التي قامت أخيرا بتسليم جزء من رواتب الموظفين؛ إذ لم يتجاوز ما تلقاه الموظف الحكومي 400 دولار. وانتقد الكاتب الفلسطيني مصطفى إبراهيم فرض الضرائب، معتبرا أن قرار حكومة حماس مرتبط بالأزمة المالية التي تمر بها الحركة وحكومتها وليس بسبب الحرص على تطبيق القوانين. وقال إبراهيم: «على حكومة حماس أن تراعي الحياة الصعبة للناس وعدم حل أزمتها المالية على حساب الناس، ولا تجبرهم على دفع رسوم وضرائب لا يدعمها أي نص قانوني. الأوضاع القاسية جراء الحصار نعيشها جميعا، وذلك لا يعفي حكومة حماس من مسؤوليتها وضرورة القيام بالتزاماتها وتعهداتها للناس وعدم فرض أعباء جديدة على كواهلهم».