استئناف تدريجي للرحلات في أوروبا.. وبريطانيا لا تزال الأكثر تشددا

نشاط البركان يتضاءل.. وتوقع عودة الملاحة الجوية لطبيعتها غدا

طفلة بريطانية وأخرى سويسرية ترسمان في مطار انشيون بكوريا الجنوبية، حيث تنتظر عائلتاهما العالقتان استئناف الرحلات أمس (أ.ب)
TT

استؤنفت حركة الملاحة الجوية بشكل تدريجي وغير منظم أمس في أوروبا ما أشاع أجواء من الارتياح بين آلاف المسافرين. لكن رغم ذلك، بدت سحابة جديدة من الرماد البركاني تتحرك باتجاه بريطانيا ما دفع بسلطات الطيران في هذا البلد إلى تقييد الرحلات مجددا. وأعيد فتح المجال الجوي البريطاني عند الساعة السادسة من صباح أمس في شمال البلاد، إلا أن شركة «بريتش إيروايز» ألغت كل رحلاتها القصيرة والمتوسطة. واستؤنفت حركة النقل الجوي تدريجيا نهار أمس في اسكوتلندا وشمال إنجلترا. من جهتها أرجأت أيرلندا إعادة فتح مجالها الجوي بسبب القلق من سحابة الرماد البركاني الجديدة.

بدورها، قالت هيئة الطيران المدني الإيطالية إن إيطاليا أعادت بالكامل فتح مجالها الجوي أمس. وفي سويسرا عاد الوضع تدريجيا إلى طبيعته في المطارين الرئيسيين في البلاد. أما في ألمانيا فتم تمديد إغلاق المجال الجوي حتى السادسة مساء على الأقل، حسبما أعلنت الوكالة الفيدرالية للأمن الجوي. وتوقعت شركة «لوفتهانزا» تأمين نحو 200 رحلة أمس أي أقل بـ15% من حجم رحلاتها الدولية عادة. وأعلنت منافستها «إير برلين» أن حركة الملاحة «طبيعية على وجهاتها». وقال وزير النقل الألماني بيتر رامساور إن الأولوية للسلامة. ورفض الانتقادات المتعلقة بالرحلات التي تمت استنادا إلى حدس الطيارين رغم الإغلاق الرسمي للمجال الجوي الألماني.

كما استؤنفت حركة الملاحة جزئيا في بلجيكا وسمح فقط بهبوط الطائرات. وقالت الأرصاد الجوية البلجيكية أمس إن السحابة البركانية لن تشكل أي تهديد لحركة الطيران في الأجواء البلجيكية، وإن السحابة التي تحركت باتجاه بريطانيا وجنوب الدول الإسكندنافية، واجهتها رياح قوية وسحابة أمطار دفعتها نحو بحر الشمال.

ومددت الدانمرك إغلاق مطاراتها حتى منتصف الليلة الماضية على الأقل لكنها أبقت مجالها الجوي مفتوحا فوق ستة آلاف متر. وأغلقت النرويج أيضا صباح أمس قسما من مجالها الجوي في جنوب غرب البلاد. وحسب متحدث باسم الهيئة الوطنية للطيران الجوي البولندي، فإن المجال الجوي بقي مغلقا أمس فوق مطارات بولندا كافة.

وفي اليونان تحول مطار أثينا الدولي إلى ما يشبه ملعب كرة قدم من كثرة المسافرين الذين ألغيت رحلاتهم إلى عدد من العواصم الأوروبية، ولم يجدوا أمامهم طريقة أخرى سوى الانتظار داخل قاعات المطار. وتلقت الخارجية اليونانية شكاوى من مواطنيها العالقين في الدول الأوروبية تتحدث عن زيادة أسعار السلع بطريقة خيالية وأيضا زيادة غير متوقعة في أسعار خدمات سيارات الأجرة لنقلهم إلى أماكن السفر البري.

وتسببت الأزمة في تعطيل مفاوضات دول اليورو بشأن تقديم قروض بقيمة 45 مليار يورو، لإخراج اليونان من أزمة اقتصادية طاحنة، وذكر وزير المالية اليوناني جورج باباكوستنتينو أن المباحثات بين المسؤولين الأوروبيين وصندوق النقد الدولي بهذا الشأن تأجلت لعدم استطاعتهم القدوم إلى أثينا.

من جانبها توقعت المنظمة الأوروبية لسلامة النقل الجوي (يوروكنترول)، أن يجري أمس تسيير نحو نصف الرحلات الجوية المقررة في أوروبا. وذكرت في بيان أن من المتوقع تسيير 14 ألف رحلة، مقارنة مع ما بين 27 ألف و28 ألف رحلة، يجري تسييرها في الأحوال الطبيعية. ولم يجرِ تسيير 67 في المائة من الرحلات الجوية أول من أمس.

كان وزراء النقل الأوروبيون اتفقوا الليلة قبل الماضية على تخفيف القيود المفروضة على الطيران منذ بعد ظهر الخميس في قسم كبير من أوروبا. وقرر الاتحاد الأوروبي إقامة ثلاث مناطق جغرافية واحدة قريبة من مركز انبعاث الرماد من بركان آيسلندا تبقى فيها القيود على الملاحة «تامة» وثانية ترفع فيها القيود لكن تطور الوضع فيها سيكون رهنا بالمعطيات العلمية وثالثة «لا قيود فيها». ويتوقع أن تعود حركة الملاحة الجوية إلى طبيعتها غدا الخميس بحسب الهيئة الأوروبية لسلامة الطيران (يوروكونترول).

في غضون ذلك، أكد علماء آيسلنديون أنهم لم يسجلوا أي مؤشر لازدياد نشاط البركان أيافيول أمس، وأن سحب الرماد التي تؤدي إلى شلل الملاحة الجوية الأوروبية قد تضاءلت إلى حد كبير. وأكدت العالمة الجيوفيزيائية سيغرون هرينسدوتير من جامعة آيسلندا في ريكيافيك: «لم نلاحظ أي تكثيف لثوران» البركان. وأضافت: «نلاحظ دائما تقلصا للبركان، مما يعتبر مؤشرا جيدا على الدوام. وسأشعر بالقلق إذا ما لاحظنا تمددا للبركان، لكننا نرى أنه يتقلص». وأعربت العالمة عن «الدهشة» من تصريحات السلطات الملاحية البريطانية مساء أول من أمس التي أفادت أن الثوَران سيتكثف وأن سحابة جديدة من الرماد تتجه نحو الجزر البريطانية. من جهتها، أكدت خبيرة الأرصاد الجوية غودرون نينا بيترسون من مصلحة الأرصاد الجوية الآيسلندية، أن كميات الرماد المنبعثة من البركان أقل.

وفي آسيا، بقي الكثير من المسافرين عالقين رغم الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. وأقلعت طائرة تابعة لشركة «لوفتهانزا» من مطار بكين الدولي في نحو الساعة 12 ظهر أمس متجهة إلى فرانكفورت بعد تأجيل استمر 90 دقيقة. وهبطت طائرة تابعة للخطوط الجوية النمساوية قادمة من فيينا في بكين في الساعة السادسة والنصف صباحا، طبقا لمعلومات على موقع المطار على الإنترنت.

وانتظر المسافرون بشغف الوصول إلى وجهاتهم. وقالت سيا كاسيتش التي كانت تنتظر رحلتها على متن طائرة تابعة لخطوط «لوفتهانزا» للعودة إلى ميونيخ: «كان من المفترض في الأصل أن أغادر يوم الجمعة في نفس هذا التوقيت، لكن الرحلة أُلغيت، لهذا السبب أمضيت نهاية الأسبوع بالكامل (السبت والأحد) في محاولة للعثور على رحلات بديلة، إيروفلوت عبر موسكو وقطر عبر الدوحة. وكنت آمل في العثور على الكثير من البدائل، لكن شيئا لم يأتِ منهم. الآن آمل أن تغادر هذه الرحلة». لكن بقيت 18 رحلة على الأقل من وإلى مدن أوروبية، ملغاة في بكين أمس. وغادرت طائرة تابعة للخطوط الجوية الفرنسية من شنغهاي إلى باريس صباح أمس فيما كان مقررا أن تتجه طائرات أخرى إلى أوروبا بعد الظهر.