واشنطن تصف «احتمال» تزويد حزب الله بالصواريخ بالتصرف السوري «الاستفزازي» وتدعو لوقفه فورا

دمشق تنفي بشدة وسفير إسبانيا في لبنان يؤكد أن لا براهين على الاتهام

TT

تصاعد التوتر، أمس، بين واشنطن ودمشق حول مزاعم نقل سورية لصواريخ «سكود» إلى حزب الله بعد إعلان وزارة الخارجية الأميركية استدعاءها نائب رئيس البعثة السورية في واشنطن، زهير جبور، بشأن هذه القضية. وعلى الرغم من عدم تأكيد الولايات المتحدة تقرير نقل الأسلحة إلى حزب الله، فإنها وصفت «النقل المحتمل» للأسلحة إلى حزب الله بأنه «استفزازي». وفي بيان وزع على الصحافيين مساء أول من أمس، عبرت وزارة الخارجية الأميركية عن استيائها من الدعم السوري لحزب الله وتزويده بالسلاح.

وقال مساعد الناطق باسم الخارجية الأميركية غوردن دوغيد في بيان: «لقد تم استدعاء أعلى دبلوماسي سوري موجود في واشنطن، هو مساعد رئيس البعثة، زهير جبور، إلى وزارة الخارجية لمراجعة سلوك سورية الاستفزازي في ما يتعلق باحتمال نقل أسلحة إلى حزب الله». وأضاف أن الولايات المتحدة تدين نقل أي أسلحة، «خصوصا أنظمة صواريخ بالستية مثل (سكود) من سورية إلى حزب الله». وتابع: «ندعو إلى وقف فوري لأي نقل لأسلحة إلى حزب الله ومنظمات إرهابية أخرى في المنطقة».

وأشار الناطق الأميركي إلى العقوبات الأميركية المفروضة على سورية، قائلا: «تصنيف سورية كدولة راعية للإرهاب يتصل مباشرة بدعمها منظمات إرهابية مثل حزب الله».

وشدد دوغيد على أن هذه هي المرة الرابعة التي تتم فيها إثارة هذه المواضيع مع السفارة السورية في الأشهر الماضية، موضحا: «حوارنا مع سورية حول هذه المسألة كان صريحا وثابتا. نتوقع الأمر نفسه في المقابل».

وجاء البيان شديد اللهجة في وقت تدور فيه تساؤلات حول جدوى مساعي الرئيس الأميركي باراك أوباما لتحسين العلاقات مع سورية وإمكانية إحراز تقدم في ملف السلام في الشرق الأوسط. وحذر دوغيد من أن نقل مثل هذه الأسلحة «لا يمكنه إلا أن يزعزع الاستقرار في المنطقة ويشكل تهديدا مباشرا لأمن إسرائيل وسيادة لبنان».

واعتبر دوغيد في البيان الصادر أمس أن «خطورة إساءة الحساب الذي قد ينتج عن مثل هذا التصعيد يجب أن يجعل سورية تتراجع عن السياسة سيئة التصور التي تتبعها في تزويد حزب الله بالسلاح». وتابع: «أن التوتر المتصاعد والاحتمال المتزايد لنزاع تنتجه هذه السياسة يشكل عائقا أمام الجهود الجارية لتحقيق سلام شامل في الشرق الأوسط». وذكّر دوغيد السوريين بأن «كل الدول لديها التزام بموجب قرار مجلس الأمن 1701 لمنع تصدير أي سلاح إلى لبنان ما عدا ذلك الذي توافق عليه الحكومة اللبنانية».

وأكد مسؤول بوزارة الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط» أمس: «نحن نبحث هذه القضية ونثيرها مع السوريين منذ فترة»، مضيفا أن قضية السلاح على رأس القضايا التي يثيرها المسؤولون الأميركيون مع السوريين.

وتعقيبا على استدعاء واشنطن لزهير جبور «لمراجعة سلوك سورية الاستفزازي»في ما يتعلق باحتمال نقل أسلحة إلى حزب الله، أعربت دمشق أمس عن أسفها «لتكرار الإدارة الأميركية المزاعم الإسرائيلية حول تزويد سورية لحزب الله اللبناني بصواريخ (سكود)»، واعتبرت ذلك استجابة للطرح الإسرائيلي وكأن الإدارة الأميركية «تتبناه» وهو «أمر خاطئ ويؤسف له». وقالت مديرة الإعلام في وزارة الخارجية السورية بشرى كنفاني لـ«الشرق الأوسط»: «نعتقد أن الإدارة الأميركية تقع في خطأ كبير عندما تتبنى ادعاءات لا صحة لها متجاهلة الدوافع الكامنة وراء هذه الادعاءات»، وأضافت مؤكدة «أن هذا لا يساعد في تطوير العلاقات السورية - الأميركية بل يزيد في فجوة ضعف الثقة بين البلدين» وقالت بشرى كنفاني إن الإدارة الأميركية تتحدث عن «احتمال، بالاستناد فقط إلى التقارير الإسرائيلية التي تزعم ذلك، في حين أن الدوافع الإسرائيلية واضحة جدا، وهي لا تلتفت إليها».

وعن ماهية تلك الدوافع، قالت كنفاني إنه سبق لسورية، في سياق نفيها بقوة المزاعم الإسرائيلية، أن ذكرت أنها تهدف إلى المزيد من توتير الأجواء في المنطقة وإلى خلق مناخ يهيئ لعدوان إسرائيلي محتمل.

وقد كرر الناطق باسم السفارة السورية في واشنطن، أحمد سلقيني، أمس، نفي بلاده ادعاءات تزويد حزب الله بصواريخ «سكود». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «سورية لا تزال عند موقفها النافي والمندد بهذه التهم الإسرائيلية الملفقة، وتأسف أن تتبنى الولايات المتحدة هذه الروايات المزعومة». وأضاف: «نؤكد أن هدف هذه الروايات خلق ذريعة ورفع حالة التوتر في المنطقة تأهبا لعدوان إسرائيلي محتمل»، معتبرا «إن كان يوجد سلاح في المنطقة يزعزع من استقرارها ويشكل تهديدا على أمنها فهو السلاح الإسرائيلي الممول أميركيا والمستخدم فوق أعناق شعبنا المحتل في فلسطين ولبنان وسورية». وبدوره، دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في تقرير حول لبنان حصلت وكالة الصحافة الفرنسية على نسخة منه أمس، «كل الأطراف داخل لبنان وخارجه» إلى «وقف فوري» لكل محاولات «امتلاك أو نقل» أسلحة لقوى عسكرية خارجة عن سلطة الدولة اللبنانية.

وعبر بان كي مون في تقريره الحادي عشر نصف السنوي حول تطبيق القرار 1559 الصادر عن مجلس الأمن الدولي عام 2004، عن «قلق متزايد» إزاء التقارير حول «عمليات كبيرة لنقل أسلحة إلى لبنان عبر حدوده البرية». وقال «أنا قلق لأن مثل هذه الأنشطة من شأنها أن تزعزع استقرار البلاد وأن تقود إلى نزاع آخر». ودعا كل الأطراف «داخل لبنان وخارجه إلى وقف فوري لكل محاولات الاستحصال على السلاح ونقله وبناء قدرات عسكرية خارج سلطة الدولة».

واعتبر بان كي مون، الذي يضع تقريره دوريا استنادا إلى تقرير موفده الخاص إلى لبنان تيري رود لارسن، أن «منع تدفق السلاح إلى المجموعات المسلحة أمر أساسي بالنسبة إلى سيادة لبنان وأمن جميع مواطنيه، مشيرا إلى أن «عددا من الدول الأعضاء (في الأمم المتحدة) يواصل تزويدي بمعلومات تؤكد الادعاءات حول تهريب السلاح عبر الحدود البرية».

وفيما أكد أنه يتعاطى جديا مع هذه التقارير قال «إن الأمم المتحدة لا تملك وسائل التحقق منها بشكل مستقل».

أما في بيروت، حيث ساد قلق واسع من احتمال تذرّع إسرائيل بالـ«سكود» لشن عدوان على لبنان، فقد سجّل أمس موقف لافت لسفير إسبانيا خوان كارلوس غافو - الذي تقود بلاده القوات الدولية في الجنوب - إذ أعلن إثر زيارة لرئيس حزب الكتائب أمين الجميل، أن اتهام دمشق بأنها سلمت صواريخ «سكود» إلى حزب الله «لا يستند إلى براهين» مضيفا: «أعتقد أنه اتهام إسرائيلي، وهذا الاتهام يجب أن يستند إلى براهين، والقوات الدولية الموجودة هي الجهة المخولة بالقيام بالتحريات، ولكن على حد علمي، لا براهين لوصول صواريخ «سكود» إلى «حزب الله».

من جهته، أكد مسؤول حزب الله في الجنوب الشيخ نبيل قاووق أن «إسرائيل في هذه الأيام غارقة في بحر رعب من قدرات المقاومة ولا تخشى شيئا في المنطقة إلا قوة المقاومة»، لافتا إلى «أن السلاح الذي تمتلكه المقاومة سيبقى من الأسرار والمفاجآت ويبقى حسرة في قلوب الحاسدين والأعداء والمبغضين لها».