العماد ميشال عون: سلاح حزب الله لإسرائيل.. والجيش للمشكلات الداخلية

قال في حوار مع «الشرق الأوسط»: من حق لبنان التسلح ولا يمكن مقارنة صواريخ سكود بالطيران الإسرائيلي

العماد ميشال عون («الشرق الأوسط»)
TT

يرى النائب اللبناني العماد ميشال عون رئيس التيار الوطني الحر أنه لا يمكن نزع سلاح المقاومة (حزب الله) لأنه ليس لدى لبنان حاليا بديل عن هذا السلاح، وفند في حوار أجرته معه «الشرق الأوسط» في مدريد التي كان في زيارة رسمية لها 3 أيام ما يقال عن أن الجيش اللبناني هو البديل، قائلا «أؤكد لكم أن الجيش اللبناني غير جاهز حاليا للوقوف في وجه اعتداء إسرائيلي محتمل ضد الأراضي اللبنانية، وإنما بإمكانه فقط كبح المشكلات الداخلية والوقوف في وجه المجموعات المسلحة الموجودة في المخيمات الفلسطينية». وعن القضية التي أثيرت مؤخرا بشأن تزويد سورية حزب الله بصواريخ سكود اعتبر أنه يحق للبنان، كما يحق لأي دولة أخرى، أن يزوّد نفسه بكافة الأسلحة والوسائل والأساليب الممكنة من أجل الدفاع عن أهله وأرضه وسيادته. وهون من شأن التباعد بينه وبين رئيس مجلس النواب نبيه بري معتبرا إياه خلافا في وجهات النظر وليس نزاعا.

وجاءت زيارة عون إلى مدريد بعد أسابيع فقط من زيارة رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال سليمان، وبعد أيام فقط من زيارة أخرى لرئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، والتقى خلالها الجالية اللبنانية وألقى محاضرة أمام عدد من الدبلوماسيين العرب ورجال الأعمال واللبنانيين المقيمين في إسبانيا، وذلك بدعوة من منتدى الاقتصاد الجديد «نويبا أيكونوميا فوروم». كما استقبله وزير الخارجية الإسباني ميغيل أنخيل موراتينوس. وفي محاضرته قال عون إن من المستحيل نزع سلاح حزب الله، وطالب بحق لبنان في الحصول على كافة السبل والوسائل الضرورية من أجل الدفاع عن نفسه. وأضاف أن من حق لبنان الحصول على صورايخ سكود وأسلحة أخرى دفاعية، لأن إسرائيل تمثل «تهديدا وخطرا» على المواطن اللبناني والأراضي اللبنانية. واستبعد وقوع حرب جديدة في المنطقة نظرا لكون «إسرائيل غير قادرة على الحرب لأنها غير قادرة على صنع السلام». ثم أضاف أن عدم تمكن إسرائيل حتى الآن من شن «حرب حاسمة» في المنطقة من شأنه أن يضعها في «موقف خطر»، لأنها لم تتمكن من التغلب على المقاومة اللبنانية، وبالتالي فقد أصبحت صواريخ هذه المقاومة تطال كافة الأراضي الإسرائيلية من شمالها إلى جنوبها.

وعلى الصعيد الإقليمي، فقد اعتبر رئيس تكتل التغيير والإصلاح في لبنان أن الإدارة الأميركية تقف الآن على خط التماس بين العرب وإسرائيل. وتمنى على الرئيس الأميركي باراك أوباما أن يجتاز هذا الخط نحو الجهة العربية للمرة الأولى كي يتمكن من الوقوف على وجهة نظر البلدان العربية، وخاصة تلك التي تعاني من هذا النزاع أكثر من غيرها، حيال القضية الفلسطينية وغيرها من المسائل الإقليمية، والنظر إلى النزاع العربي - الإسرائيلي من جهتنا. واعتبر عون أن تخطي خط التماس من قبل الحكومة الأميركية التي يرأسها أوباما بات وشيكا، وذلك بسبب السياسة التي تطبقها إسرائيل حاليا، ولأن الوضع الإسرائيلي بات غير مقبول في أي مكان بسبب التجاوزات التي ترتكبها على كافة الأصعدة، وبالأخص الصعيدين الأمني والإعلامي. ثم أضاف أنه لا يرى حلا للنزاع الفلسطيني - الإسرائيلي لا على المدى القصير ولا على المدى المتوسط، ووصفه بالنزاع الطويل والشائك، ويحتاج إلى الكثير من الجهد والنشاط الدبلوماسي.

وفيما يلي حوار «الشرق الأوسط»، أمس، مع العماد عون:

* شاركت منذ أيام في جلسات الحوار الوطني. هل تتوقع التوصل إلى اتفاق في مسألة استراتيجية الدفاع؟

- اتفقنا في طاولة الحوار الوطني على عدم مناقشة هذه المسألة الحساسة خارج جلسات هذا الحوار، وبالتالي فإن من يخالف هذا الاتفاق يكون قد خالف الإرادة شبه الجماعية التي اتفقت عليها جميع القوى السياسية العاملة في لبنان. نحن لا نحب الحديث عن هذا الموضوع والجميع يعرف أن هدفنا والهدف من الحوار هو الوصول إلى حل، فالتوقعات لا تزال متناقضة لأن الحوار حتى الآن غير مصمم وغير مرسوم كما يجب. أما فيما يتعلق بمسألة الاستراتيجية الدفاعية، وهي من أهم البنود المدرجة على جدول أعمال جلسات الحوار، فإننا نعتبرها سياسة دفاعية تسمح لنا بالدفاع عن لبنان ورد المخاطر عن أرضنا ومواجهة هذه المخاطر. إننا ننظر إلى سلاح المقاومة كجزء من الاستراتيجية الدفاعية التي نبحث عنها ونعتبر هذه السلاح رد الفعل الطبيعي على بقاء الاحتلال الإسرائيلي وتعنت إسرائيل بعدم تنفيذ قرارات مجلس الأمن وخاصة القرار 1701. ونحن لا نعرف أو بالأحرى لا يمكننا القول إلى أين سيوصلنا هذا الوضع لأن هناك طرفا آخر، هو إسرائيل، يعرقل كافة المعادلات اللبنانية بتدخلاته واعتداءاته، فإننا نجد كل يوم إما اعتداءات على المواطنين أو ضد الأراضي اللبنانية أو تصاريح تحريضية أو اتهامات كاذبة أو انتهاكات للسيادة اللبنانية، فكيف بإمكاننا إذن في هذا الوضع أن نبحث في قضية سلاح حزب الله تحت الضغط الإسرائيلي القائم حاليا في المنطقة، إنه موضوع صعب وشائك وهناك وجهات نظر متباينة بين الأطراف بشأن هذا الموضوع. أنا رؤيتي واضحة بالنسبة لهذه المسألة، وأنا أرى وأعتبر أن مقاومة حزب الله هي الرد الفعلي الطبيعي ضد الاعتداءات التي تمارسها وترتكبها إسرائيل ضد سيادة الأراضي اللبنانية والشعب اللبناني، وهنا أسأل أي استراتيجية تبقى لدينا في حال حصول هجوم إسرائيلي إذا تخلينا عن هذا السلاح؟ لهذا السبب ولأسباب كثيرة أخرى، لا يمكن نزع سلاح المقاومة، لأنه ليس لدى لبنان حاليا بديل عن هذا السلاح. يقال إن الجيش اللبناني هو البديل، ولكن أنا أؤكد لكم أن الجيش اللبناني غير جاهز حاليا للوقوف في وجه اعتداء إسرائيلي محتمل ضد الأراضي اللبنانية، وإنما بإمكانه فقط كبح المشكلات الداخلية والوقوف في وجه المجموعات المسلحة الموجودة في المخيمات الفلسطينية. وبالمقابل نجد مقاومة حزب الله قادرة تماما على الوقوف في وجه إسرائيل، إنها قوة دفاع وليست قوة هجوم كما تريد أن تصورها إسرائيل للمجتمعات الدولية والرأي العام العالمي.

* ما هو تعليقك على ما كشف عنه مؤخرا عن تزويد سورية لحزب الله بصواريخ سكود بعيدة المدى؟

- بصرف النظر عما إذا كانت هذه الاتهامات صحيحة أو للدعاية فقط كما عودتنا إسرائيل، لا يحق لإسرائيل، ولا لأي دولة أخرى، أن تتدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية بل على العكس، يحق للبنان، كما يحق لأي دولة أخرى، أن يزوّد نفسه بكافة الأسلحة والوسائل والأساليب الممكنة من أجل الدفاع عن أهله وأرضه وسيادته. على كل حال، لا يمكن مقارنة صواريخ سكود بالطيران الحربي الإسرائيلي والرؤوس النووية والقنابل العنقودية والأسلحة المتطورة المزودة بأعلى المستويات التكنولوجية التي تستخدم ضد الشعب والأراضي اللبنانية، لذلك ننصح بعدم إعطاء هذه المسألة اهتماما أكثر مما تستحقه. وأضيف إلى ذلك أن القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان تحافظ على المشكلة ولا تقدم أي حلول، فهي تقوم فقط بدور المراقبة ومهمتها مؤقتة، ولكننا نقدّر الجهود التي تبذلها هذه القوات «للمحافظة على الهدوء» وتقديم الإثباتات بشأن الاعتداءات التي ترتكبها إسرائيل ضد الشعب اللبناني والأراضي اللبنانية، وقد نعتبر هذا الدور إيجابيا إذا كان الهدف منه «كسب الوقت لإيجاد حل»، وهنا أضيف أن الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية لا تزوّد لبنان بأي أسلحة، إنها مسألة سياسية في نظري، وبالتالي فإنها تدعم إسرائيل.

* هل تعتقد إذن أن إسرائيل تنشر هذه الأخبار تمهيدا لعملية عسكرية أم إن هدفها فقط زيادة التوتر في المنطقة؟

- من الممكن أن يكون هذا التصعيد على المستوى الإعلامي ونشر هذا النوع من الأخبار والإشاعات تمهيدا لعملية عسكرية تخطط لها إسرائيل، ولكن إذا قامت إسرائيل بشن هجوم على لبنان تكون قد ارتكبت خطأ جسيما يهددها قي العمق، لأنها أولا لن تستطيع حسم هذه الحرب، وثانيا لأنه لا يمكنها أن تربح هذه الحرب، وثالثا لأن هذه الحرب قد تؤدي إلى ازدياد شعبية المقاومة ليس فقط في لبنان وإنما في كافة الدول العربية. نحن نعتبر أن التصاريح في حد ذاتها هي الحرب الحقيقية ضد لبنان لأنها تسمم الجو، وبالتالي تهدد موسم السياحة المقبل، ولكنها حرب غير جديدة ولا تزال قائمة منذ أكثر من سنتين، والهدف منها هو ضرب الاقتصاد اللبناني في صميمه، وهذه في نظري هي الحرب الحقيقية.

* على الرغم من أنك تتحدث عن «مقاومة حزب الله» لقد فصلت في حديثك هذا الصباح المقاومة اللبنانية عن حزب الله.. هل بإمكانك أن تقدم شرحا مقنعا لهذا الفصل بين حزب الله والمقاومة؟

- أنا لم أتحدث لا عن «الذراع السياسية» للمقاومة اللبنانية ولا عن «الذراع العسكرية» لحزب الله، وأقول إن تبنّي حزب الله للمقاومة هو على درجة كبيرة جدا كدرجتي أنا شخصيا ودرجة تبني بعض القوى السياسية اللبنانية أيضا، أنا شخصيا أتبنى المقاومة، ولقد اتخذت مواقف علنية عن اقتناع كلي في هذه المسألة. كيف يمكن لبلد مثل لبنان أن يواجه إسرائيل ويقف ضدها في الوقت الحاضر؟ كيف يمكن لدولة مثل لبنان محاربة إسرائيل وكل ما لديها من ترسانة عسكرية بما في ذلك الأسلحة ذات الرؤوس النووية؟ كيف يمكن لبلد مثل لبنان التفاوض مع إسرائيل؟ إذن، واستنادا إلى ما سبق وقلت، إن المقاومة وسلاح المقاومة هما ورقة ضخمة جدا ومهمة إلى حد كبير. وأضيف أن الطرف الذي يجلس على طاولة المفاوضات يكون أمامه خياران، إما أن يستجدي أو يكون لديه غرض للتبادل، ولذلك علينا أن نكون واقفين على أرجلنا كي لا نلجأ إلى التسوّل، فالمقاومة وسلاح المقاومة هما الوسيلتان الوحيدتان اللتان تسمحان لنا بأن نبقى واقفين.

* زار وليد جنبلاط العاصمة السورية مؤخرا واجتمع بعدد من المسؤولين السوريين. ما هو برأيك هدف هذه الزيارة والغرض منها وما هي النتائج التي تتوقع أن تنبثق عنها؟

- بإمكان جنبلاط زيارة سورية متى شاء ولأي غرض يراه مناسبا، نحن بالنتيجة هدفنا الأول والأخير في العلاقات مع دمشق هو التوصل إلى سياسة ثابتة معها، وهناك اتفاق حاصل بين كافة الأطراف والقوى السياسية اللبنانية على هذه السياسة، وليس لنا أي شأن بتفاهم جنبلاط أو غيره مع سورية ولا بغرض زيارته لها، وإنما ما نريده هو أن يكون هناك تفاهم على المبادئ السياسية وأن يكون هناك بالنتيجة إجماع لبناني على هذه السياسة الثابتة كي لا تتأثر بالمسائل والمشكلات الداخلية اللبنانية وكي لا تؤثر عليها هذه المسائل والمشكلات سواء كانت معنية بالجهة الحاكمة أو الجهة المعارضة، وهكذا وبهذه الطريقة لا تتقلب السياسة مع سورية.

* هل تعتقد إذن أننا عدنا إلى ما كنا عليه في السابق، ونجد طوابير المسؤولين اللبنانيين تقف على خط بيروت - الشام بانتظار دورهم؟

- هذا يعود إلى نضجهم السياسي، نحن كما قلت نحاول أن تكون هناك سياسة ثابتة نحو سورية، كما أننا متفقون مع القوى السياسية اللبنانية على مبادئ هذه السياسة والسلوك المتبادل بيننا وبينها. حتى الآن أنا أعرف أنه بعد تأليف الحكومة وبعد اجتماعات قطر طُلب من الرئيس الأسد عدة مرات أن يتحدث معي، ولكن جوابه كان دائما أنه لا يريد التدخل في القضايا الداخلية اللبنانية، ومهما كانت درجة الصداقة لا يريد استخدامها للضغط على الشعب اللبناني، وعلى اللبنانيين أن يعتادوا بالنتيجة على معالجة مواضيعهم وقضاياهم الداخلية بأنفسهم، وكما سبق وقلنا إن حقوق الفلسطينيين لا تصان ولا تعطى إلا من خلال احترام المبادئ، ونحن في الداخل يجب أن نحرص على احترام حقوق بعضنا لبعض، ولكن كل هذا يعود كما قلت إلى النضج السياسي. الجميع يقول لي إن سورية تتدخل في الشؤون اللبنانية الداخلية، وأنا أجيب الجميع بأن فرنسا أيضا تتدخل بالشؤون الداخلية اللبنانية والولايات المتحدة الأميركية تتدخل أيضا، وحتى إسرائيل، لو استطاعت، فقد تتدخل أيضا، هذا يعود إلينا وإلى كيفية تعاطينا مع الآخرين. أين هي نقاط الاتفاق مع سورية؟ بالطبع هناك مواضيع ومسائل ومصالح مشتركة نبحثها مع دمشق، لا يجوز لها أن تفرض علينا كما لا يجوز لنا أن نفرض عليها. تعلّمنا من التاريخ ونشاهده في الحاضر، أن علاقة الجيران تكون دائما مميزة، إما أن تكون سيئة جدا وإما أن تكون جيدة جدا، لذلك فهناك تمييز في هذه العلاقة بين سورية ولبنان، فإما أن تكون شرا أو تكون خيرا. لقد قلنا في الماضي ونصر عليه اليوم من جديد، نطمح إلى علاقات أخوية منفتحة مع سورية، وما قلته اليوم عن موضوع المسيحيين في الشرق، نريدهم أن يفهموا من جديد أن هذه أرضهم أيضا. أما من حيث المواطنة، فالمواطنة ليس لها علاقة بالدين ولا بالمعتقدات، فإما أن تكون من هذا المجتمع تعيش فيه وتتعايش مع الآخرين، أو لا تكون منه، وهذه هي النظرة الحقوقية التي نحن بصدد توعية المسيحيين بها من أجل الحد من الطائفية السياسية والعمل على إنهائها كليا، فالانتماء قد يكون لمجتمع يتمتع فيه الجميع بنفس الحقوق والواجبات. ولكن أين الخطأ هنا؟ الخطأ هو أننا لا نحترم حقوق المواطنين. منذ فترة عندما تم الحديث في مجلس النواب عن الطائفية السياسية وإلغائها، دعيت في مداخلتي الجميع للتمهل. أولا كيف يمكن أن تقنع اللبنانيين؟ اليوم الطائفية السياسية يجب أن يكون فيها ضوابط، نحن حزب علماني وندعو للعلمنة من أجل توحيد الأحوال والحقوق الشخصية، وهذا من أضمن المسائل التي نطالب بها، ولكن قبل إلغاء الطائفية السياسية يجب أن نطبق مبدأ الكفاءة ضمن المذهب الواحد وليس ضمن الطائفة، فهناك المسيحي الماروني كما أن هناك المسيحي الكاثوليكي وهناك المسلم الشيعي كما أن هناك المسلم السني. وهنا أقول وأؤكد أن بإمكاننا إلغاء الخوف عندما نبدأ باحترام مبدأ الكفاءة ضمن المذاهب.

* ولكن هذا يستلزم تربية وتوعية أجيال كثيرة مقبلة.

- إذن علينا أن نسير على الطريق المستقيم. أنا سأحدثك عن قصة عشتها شخصيا، لا أريد تلقين أي دروس لأحد كما أنه ليس في نيتي نشر أي نوع من الأفكار، سوف أخبرك بقصة عشتها أنا شخصيا وأترك لك القناعة، فإذا كان الإنسان حرا وكان ضميره حرا فبإمكانه أن يتخذ الموقف الذي يشاء. حصلت هذه القصة في لبنان عام 1985، فقد نشرت وزارة الدفاع اللبنانية مسابقة لقبول طلبات ترشيح لدخول المدرسة الحربية، وكان المجلس العسكري يتألف من درزي وسني وشيعي وكاثوليكي وروم أرثوذكس وأنا شخصيا، فأتينا بلائحة المرشحين كي نقرر طلبات الترشيح المقبولة، فقمنا بتصنيف الطلبات والنسب من كل مذهب ووضعنا خطا تحت عدد الطلبات التي يجب قبولها من كل طائفة، وأصدرنا مرسوما بقبول هؤلاء الطلاب، فقام وزير الدفاع آنذاك بإعادة المرسوم المذكور قائلا إن بعض الوزراء طلبوا منه إدخال أسماء بعض الأشخاص إلى اللائحة (كان الوزير عادل عسيران، رحمه الله) وقال لنا إنه من قناعتنا، ولكن هذه هي المطالب وهذه هي القائمة بأسماء الأشخاص التي نريدها، ولن يوافق مجلس الوزراء على غيرها وسيرفضون أي مرسوم لا يحتوي على هذه الأسماء، وبعد مناقشة طويلة، كنا نتمنى خلالها أن تكون أسماء الأشخاص «المطلوبة» موجودة فوق الخط الذي رسمناه، قمنا بدورنا برفض القائمة التي قدمها إلينا الوزير آنذاك.

* وماذا حصل بعد ذلك؟

- أدى هذا الخلاف إلى توقف عمليات التطوع في المدرسة الحربية حتى عام 1989، وتم تهديدي بالإقالة من قبل مجلس الوزراء فكان جوابي «أهلا بالإقالة».

* نعود إلى موضوع وليد جنبلاط.. هل تعتقد أنه انحرف عن خطه السابق وعن القوى السياسية التي وقف معها في الماضي وبدأ بالتقارب مع خط عون - نصر الله؟

- على صعيد السياسة العليا كالمقاومة وغيرها من المواضيع المهمة الأخرى، أعلن جنبلاط أنه يسير على هذا الخط. أما في ما يتعلق بالسياسة المحلية، فبإمكان وليد جنبلاط أن يكون معك أو ضدك، ولكن هذا موضوع آخر، أما بالنسبة للسياسة العليا فقد أصبح مع هذا الخط.

* في ما يخص الانتخابات البلدية الوشيكة هل هناك اتفاق بين التيار الوطني الحر ووليد جنبلاط؟

- هناك تفاهم على صعيد محلي. نحن أعطينا تعليمات تقضي بالتفاهم في القرى، وقلنا إننا سنبارك أي تفاهم يمكن أن يحصل على المستوى القروي المحلي. أنا شخصيا لا أعطيها أهمية كبيرة، لأن الانتخابات البلدية في لبنان غير مسيّسة، ونظرا لعدم كونها تعبيرا سياسيا واضحا بالنسبة لي، هناك مثل قروي عامي يقول «اللبناني بيحرق شرواله لينكي جاره»، وهذه هي حال الانتخابات البلدية في قرى لبنان، وما أكثرها.

* إذن هذه التفاهمات المحلية التي أعطيت تعليمات بشأنها يمكن أن تمهد الطريق إلى اتفاقات أخرى وعلى أصعدة أعلى؟

- المهم اليوم هو عودة اللبنانيين إلى الحياة الطبيعية فيما بينهم، أيا كانت انتماءاتهم الشخصية وخطوطهم السياسية، عليهم العيش معا بشكل طبيعي. نحن الآن بصدد توعيتهم كي يطبقوا حق الاختلاف وحرية الرأي.

* ماذا عن التباين بينك وبين رئيس مجلس النواب نبيه بري؟

- ليس بيني وبين بري أي نزاع وإنما اختلاف في وجهات النظر. لقد اختلفنا على توقيت إلغاء الطائفية السياسية.. أنا أريد أن ألغي الطائفية كلية وليس الطائفية السياسية فقط. وهنا وقع الاختلاف في وجهات النظر. فمثلا مسألة تخفيض سن الاقتراع أنا أقول إنه لا يمكن ذلك دون تنشئة الأجيال ضمن المدارس والجامعات. وقد شمل برنامج زيارة عون اجتماعا أمس في مجلس النواب الإسباني مع رئيس لجنة الدفاع والناطقين بأسماء الكتل النيابية الممثلة في البرلمان، واجتماعا آخر في مجلس الشيوخ مع رئيسي لجنتي الدفاع والشؤون الخارجية والناطقين بأسماء الكتل فيها، ثم اجتماعا آخر بعض الظهر في مقر وزارة الدفاع الإسبانية مع الوزيرة كارمي تشاكون يبحث خلاله معها الوضع الداخلي والأمني في لبنان بشكل خاص والوضع في المنطقة بشكل عام، خاصة بعد الأخبار التي نشرت عن تزويد سورية لحزب الله بصواريخ سكود، كما جرى الحديث عن القوات الإسبانية العاملة ضمن القوات الدولية في جنوب لبنان. ومن المعروف أن الجنرال الإسباني ألبيرتو أسارتا هو القائد الحالي لهذه القوات منذ فبراير (شباط) الماضي بعد أن كان قائدا للقوات الإسبانية العاملة في الجنوب.