تجدد الاضطرابات في قرغيزستان يوقع 5 قتلى و30 جريحا

المتظاهرون يعتقلون عمدة العاصمة.. والرئيس المخلوع في بيلاروسيا

قرغيزيون يتظاهرون في منطقة مايوفكا بضواحي العاصمة أمس (أ.ب)
TT

عادت الاضطرابات وأعمال الشغب إلى العاصمة القرغيزية بشكيك أمس ما أسفر عن مصرع خمسة أشخاص وإصابة ما يقرب من ثلاثين، فيما أعلن عن توجه الرئيس المطاح به قرمان بك باقييف مساء أمس إلى بيلاروسيا.

وتجددت الاضطرابات فيما صرح رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو أمس أن الرئيس القرغيزي المخلوع باقييف وثلاثة من المقربين منه موجودون في بيلاروسيا. وقال لوكاشينكو في خطاب في برلمان بيلاروسيا إن «باقييف وزوجته أي ما مجموعه أربعة أشخاص موجودون في مينسك منذ مساء الاثنين كمدعوين». وكانت وزارة خارجية كازاخستان أعلنت أول من أمس أن باقييف غادر كازاخستان التي كان لجأ إليها إثر الإطاحة به.

في غضون ذلك، قالت مصادر الأجهزة الأمنية القرغيزية إنه تم اعتقال أكثر من 100 شخص من مثيري الشغب فيما دفعت بقوات إضافية في محاولة لوقف عمليات السطو على المساكن والاستيلاء على الأراضي في مايوفكا بضواحي العاصمة والتي يقطنها ممثلو القوميتين الروسية والأتراك - المسخيت ممن جرى ترحيلهم من مناطق القوقاز إلى قرغيزستان وآسيا الوسطى إبان سنوات الحرب العالمية الثانية. وأشارت إلى أن أعمال الشغب طالت أيضا أكبر أسواق العاصمة التي شهدت تدافع المتظاهرين والسطو على المتاجر دون مقاومة تذكر من جانب وحدات الشرطة التي جرى دفعها إلى هناك في محاولة للحيلولة دون وقوع مثل هذه الأعمال المنافية للقانون. وكشفت عن احتجاز المتظاهرين عيسى عمر قولوف القائم بأعمال عمدة العاصمة في محاولة لإرغامه على تقنين ما قاموا به من تجاوزات وسرقات.

وكان المتظاهرون ومثيرو الشغب طالبوا باستقطاع 400 متر لكل منهم، وهو ما رفضه عمدة المدينة بسبب تخصيص هذه الأراضي لإقامة استاد العاصمة وعدد من المنشآت الرياضية، وإن أعلن موافقته على منحهم مثل هذه المساحات في قرية أوزيورنويه على مقربة من مطار «ماناس» الذي تستأجره القوات الأميركية وهو أيضا ما رفضه المتظاهرون.

ومن اللافت بهذا الصدد تجدد تذمر قوات الشرطة التي سبق واستجابت الحكومة المؤقتة لطلبها حول تغيير وزير الداخلية بولوت شيرنيازوف أحد أبرز قيادات الحكومة المؤقتة. غير أن شيرنيازوف عدل عن موافقته على الاستقالة من منصبه ما دفع عددا من رجال الشرطة إلى التهديد بعدم تنفيذ ما يطلب منهم من مهام تتعلق بتشديد حراسة مقار المباني والمؤسسات الحكومية والحفاظ على الاستقرار في المناطق التي يعيث فيها المتظاهرون فسادا.

وكان غريبا أن يعلن عادل بايصالوف رئيس سكرتارية رئيسة الحكومة المؤقتة أن الشائعات التي ترددت حول استقالة شيرنيازوف كانت بسبب بعض المتاعب الصحية التي ألمت به، وإن عاد ليؤكد استمراره في منصبه كوزير للداخلية وكأحد كبار أعضاء الحكومة المؤقتة. وعلى الرغم من اتساع حركة الاضطرابات المضادة في جنوب البلاد وعلى مقربة من العاصمة أعربت روزا أوتونبايفا رئيسة الحكومة المؤقتة عن يقينها أن حكومتها لا تزال تمسك بزمام الأمور في مختلف أرجاء قرغيزستان. وقالت إن الحكومة لن تلجأ إلى استخدام القوة ضد المعارضين في المناطق الجنوبية وفي مدينة جلال آباد معقل الرئيس المخلوع قرمان بك باقييف وشقيقه جاني بك رئيس جهاز حراسته الذي أعلنته الحكومة خارجا على القانون وتتهمه بإطلاق النار على المتظاهرين والمدنيين في 7 - 8 من أبريل (نيسان) الجاري.

وقال تامر سارييف نائب رئيس الحكومة المؤقتة وأحد أبرز قيادات المعارضة خلال الفترة الماضية إن حركة الاستيلاء على الأراضي في ضواحي العاصمة عملية مدبرة من جانب عدد من كبار الأثرياء وممثلي السلطة السابقة ممن قاموا بدفع المقابل المادي ثمنا لتحركات المشاغبين وإن لم ينف مشاركة عدد من المحتاجين، فيما كشف آخرون من دوائر الحكومة المؤقتة عن مشاركة عدد من أنصار الرئيس المخلوع باقييف. وردا على ما قيل بشأن أن مدبري أعمال الشغب يستهدفون طرد المواطنين الروس من المقيمين في قرغيزستان، أكدت مصادر الخارجية الروسية عدم صحة هذه الأنباء، فيما أشارت إلى أن هذه الأعمال من تدبير الأشقياء وعناصر الجريمة والعاطلين من الشباب ممن يحاولون سلب الآخرين ما يملكونه من متاع وأراض.

وكانت مصادر مختلفة أشارت إلى أن المتظاهرين كانوا يرفعون الشعارات المعادية للروس وهو ما دفع الخارجية الروسية إلى مطالبة السلطات القرغيزية بالاضطلاع بواجبها حول حماية المواطنين الروس والناطقين بالروسية من المقيمين في قرغيزستان، وهو ما يؤكد تضارب الأقوال الروسية الرسمية بهذا الصدد. وكان الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف قد تناول احتدام تطورات الأوضاع في قرغيزستان خلال حديثه مع ضيفه الرئيس الأوزبكي إسلام كريموف خلال لقائهما أمس في الكرملين. وخلص الرئيسان إلى أن من مصلحة بلديهما إقامة سلطة قوية في قرغيزستان وازدهار واستقرار هذه الجمهورية. ومن المعروف أن لقرغيزستان حدودا مشتركة مع أوزبكستان فيما تقع مناطقها الجنوبية، وخصوصا مناطق أوش وجلال آباد، على مقربة مباشرة من الحدود الأوزبكية. وكانت الأوضاع في قرغيزستان محور مباحثات أتونبافا مع قانات سعودبايف وزير خارجية قزقستان رئيس الدورة الحالية لمنظمة الأمن والتعاون الأوروبي خلال زيارته أمس لبشكيك.