جنبلاط: مسيحيو «14 آذار» ليسوا حلفائي

قال في حوار مع «الشرق الأوسط» إنه يتوقع ضربة إسرائيلية في أي لحظة

وليد جنبلاط (أ.ف.ب)
TT

استقر رئيس «اللقاء الديمقراطي» اللبناني والحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط في مكانه الجديد الذي انتقل إليه بعد الانتخابات النيابية الأخيرة، موضحا في حديث مطول مع «الشرق الأوسط» موقعه ومسار علاقته مع سورية، مؤكدا رفضه أن يتحول لبنان معاديا لها «لا في الماضي ولا الحاضر ولا المستقبل».

يتجنب النائب جنبلاط الحديث عن «فترة الانقطاع»، وهي العبارة التي اختارها للإشارة إلى فترة الجفاء والعداء مع سورية منذ عام 2004 حتى عام 2008، مشيرا إلى أنه قرر أن يقلب الصفحة، مشيرا إلى أن ما يحكم العلاقة بين لبنان وسورية هو «الجغرافيا السياسية واتفاق الطائف وكذلك النضال المشترك اللبناني - السوري». متمنيا لو لم يفشل اللقاء الأخير الذي جمع والده كمال جنبلاط بالرئيس السوري الراحل حافظ الأسد في عام 1977 الذي كان الأخير؛ إذ اغتيل بعده جنبلاط الأب، الذي يريد جنبلاط الابن لجنبلاط الحفيد، تيمور، أن يسير على خطاه في العلاقة الاستراتيجية مع سورية. ويعترف جنبلاط بأنه في البداية كان هناك نوع من الرفض عند بعض الأنصار لهذه العلاقة، ثم شيئا فشيئا تتغير الأمور. داعيا هؤلاء الأنصار - وتحديدا الدروز منهم - أن يعلموا أن «الفكرة اللبنانية ضيقة وقد تؤدي إلى الانعزال».

ويكشف جنبلاط أن الانتخابات المقبلة ستكون مختلفة في مناطق نفوذه «لأن الخريطة أكثر تعقيدا» بعدما نزع عن مسيحيي «14 آذار» صفة الحلفاء مفضلا استخدام مصطلح «بعض الأصدقاء» الذين لن يكونوا على الأرجح في لوائحه الانتخابية عام 2012. فجنبلاط يقول إنه لا يستطيع «السير مع منطق يقول إن سلاح المقاومة يشكل خطرا على لبنان»، مشبها إياه بالمنطق الذي استعمل في السبعينات بأن السلاح الفلسطيني يشكل خطرا على لبنان، معترفا بوجود «خلاف داخلي لا يزال قائما حول بعض المفاهيم الأساسية». أما المبادرة العربية فإنه «لا معنى لها من دون موازين قوى»، معتبرا أن سلاح المقاومة في لبنان نقطة قوة «عربية وإسلامية»، رافضا الكلام عن سحبه في انتظار «اللحظة المحلية والإقليمية المناسبة لدخوله في سلاح الدولة»، مشيرا إلى أن قضية صواريخ «سكود» التي قيل إن سورية هربتها إلى حزب الله دعاية هدفها التحضير لضرب لبنان وسورية، متوقعا حصول الضربة «في أي لحظة لأن إسرائيل دولة تقوم على العدوان». كما يرفض جنبلاط بشدة ما يقال عن سلاح حزب الله بأنه «امتداد إيراني»، مرحبا بالدور الإيراني «لأن إيران تحمل علم فلسطين»، كما يرحب بالدور التركي الجديد في المنطقة.

ويحذر جنبلاط بشدة «من التسريبات والتصريحات» في ما يخص المحكمة الدولية، معتبرا أن «ما يحصل يؤدي إلى تسييسها وهذا ما لا نريده»، واصفا علاقته برئيس الحكومة سعد الحريري بأنها «ممتازة» على الرغم من «ملاحظات» أدلى بها حول الأداء الحكومي و«ضرورة الالتفات إلى أمور الناس وقضاياهم المعيشية».

* بعد «طي صفحة الماضي» كما تحب أن تطلق على العلاقة المستجدة مع سورية، هل نستطيع القول إنك عدت بعد مغامرة فاشلة إلى حيث كنت قبل عام 2004؟

- فتح ملفات الماضي لا ينفع. كون الرئيس الأسد قرر إغلاق ملف الماضي والدخول في المستقبل. أفضل أن أفعل الشيء نفسه. فتح ملف الماضي وتعقيداته والعودة إلى بعض الملابسات لن ينفع، في النهاية هناك الجغرافيا السياسية واتفاق الطائف، وهما يحكمان العلاقة بين لبنان وسورية، وكذلك النضال المشترك اللبناني - السوري منذ عقود في مواجهة إسرائيل والأحلاف الغربية تحكم العلاقة أيضا، والهدنة مع إسرائيل والعلاقات المميزة وأواصر القربى وعلاقات الصداقة العائلية.

*هناك قراران استراتيجيان اتخذتهما؛ الأول الابتعاد عن سورية عام 2004، والثاني العودة إليها عام 2008، لماذا؟

- الأول بسبب بعض ملابسات التمديد (لولاية الرئيس السابق إميل لحود) عام 2004 التي لا أريد أن أتحدث عنها، والثاني بعد قرار الرئيس الأسد في 31 آذار (مارس) 2010 باستقبالي وطي صفحة الماضي ووضع كل ملابسات الفترة الماضية للبحث التاريخي وللمذكرات.

* انتهى كل الماضي «الأسود» في العلاقة؟

- انتهى بالتأكيد. طبعا يبقى هناك تطوير العلاقات وإزالة الشوائب التي قد تكون لدى بعض الأوساط اللبنانية، وترجمة العلاقة بين البلدين في أطر سليمة، وهذا لا يعود إلي، بل إلى مسؤولي الدولة اللبنانية. أيام ما يسمى الوجود السوري، الذي يسميه البعض فترة الوصاية، لم ينشأ أي مشروع مشترك بين لبنان وسورية.. لا شيء. إن العلاقات المشتركة تبدأ من الاقتصاد، وربما نستطيع أن نبني اليوم من الاقتصاد عبر مشاريع مشتركة، كمشروع السكة الحديد بين البلدين من طرابلس إلى العمق السوري في حلب وصولا إلى كركوك والموصل في العراق لاحقا، وإقامة مصفاة مشتركة وسد مائي مشترك على (نهر) العاصي وغيرها من الأمور.

* قمت بزيارة ثانية إلى سورية..

- حدد الرئيس الأسد المحاور، هو والصديق القديم والجديد اللواء محمد ناصيف. وقد ذهبت وقابلته بالروحية التي أرساها الرئيس الأسد، كما التقيت صديقا قديما أيضا هو قائد أركان الجيش السوري السابق اللواء حكمت الشهابي وتناولنا الغداء بدعوة من اللواء ناصيف في أحد المطاعم على جبل قاسيون المطل على الشام.. كان المنظر جميلا ومهيبا.

* أين أصبحت العلاقة؟

- عندما ترى العماد الشهابي واللواء ناصيف تستعيد ذكريات جميلة جدا عمرها عقود من العلاقات الشخصية والسياسية. وعندي أصدقاء كثر في دمشق، ولاحقا سوف أستأذن الرئيس الأسد أو اللواء ناصيف لزيارتهم. وعندما يسمح الوقت أقوم بجولة سياحية، فالرئيس الأسد طلب مني أن أزور دمشق، والظاهر أنه أحدث تحسينات كثيرة على الشوارع والأحياء القديمة.

* زرت منزلك في دمشق؟

- ليس منزلي، إنه منزل زوجتي نورا. وبطريقته لكسر الجليد في أول الحديث سألني الرئيس الأسد أين يقع بيتي، فأجبته بأنه ليس بيتي، بل بيت زوجتي نورا، فقال لي «مثل بعضها»، وعند الباب سألته عن وضع البيت، فقال لي إنها تستطيع أن تتسلمه متى تشاء.

* ما وضع المنزل حاليا؟

- المنزل لها. كان هناك نوع من الإجراء الإداري، والعودة عنه ورقة إجرائية.

* إذا العلاقة المتجددة مع سورية عادت إلى طبيعتها انطلاقا من الخيارات الاستراتيجية السابقة التي جمعتك بسورية..

- الخيارات الاستراتيجية، الماضية والحالية، لم يتغير منها شيء. هذه الخيارات منصوص عليها في الدم المشترك، وفي اتفاق الطائف الذي وضع من قبل سورية والسعودية واللبنانيين، والكفاح المشترك من أجل ترسيخ عروبة لبنان والعقيدة العربية في الجيش اللبناني وتثبيت الهدنة مع إسرائيل، أي رفض أية تسوية على حساب الأرض وحق العودة، وأن يكون المساران متكاملين. عندما نسير في مسارات منفصلة، تكون النتيجة تفكيك العالم العربي.

* هل من عامل درزي في زيارتك إلى سورية؟

- إذا أردت أن تتكلم في الخصوصية الدرزية، وليس في سورية نظام طائفي والحمد لله، فإن نصف دروز لبنان لديهم أقارب في سورية نتيجة النزوحات الدرزية منذ عام 1711 عندما تقاتل الدروز اللبنانيون تحت شعار قيسي ويمني وكان أول النزوحات بذهاب الفريق اليمني إلى سورية، ثم موجة نزوح أخرى عام 1860 عندما حصلت تسوية الدول الكبرى على حساب الدروز آنذاك. التواصل الطبيعي وتواصل العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والعائلية لا يزال قائما بين دروز لبنان ودروز سورية، كبقية العائلات غير الدرزية التي ترتبط بجذور سورية، فغالبية العائلات اللبنانية لها جذور في سورية وقبلها في الجزيرة العربية، كآل شهاب والتنوخيين، حتى إن قسما من الموارنة أتى من حوران، وكذلك مار مارون (مؤسس الطائفة المارونية).

* انتقالك من موقع إلى آخر أزعج بعض حلفائك، لكن في المقابل كان هناك انزعاج من بعض أنصارك والحزبيين.

- في البداية كان هناك نوع من الرفض عند بعض الأنصار، ثم شيئا فشيئا تتغير الأمور. على هؤلاء الأنصار - وتحديدا الدروز منهم - أن يعلموا أن الفكرة اللبنانية ضيقة وقد تؤدي إلى الانعزال، والانعزال صفة عامة لا صفة خاصة ببعض المسيحيين، لبنان من دون عروبة لا معنى له. وفي الأساس، فإن العمق التاريخي للبنانيين هو سورية والعالم العربي، والدروز عندما كانوا في خطر، كانت دائما سورية تنجد دروز لبنان والعروبيين والوطنيين في لبنان. كانت هناك فترة تباين في وجهات نظر كبيرة جدا عام 1976، صحيح. آنذاك فشل اللقاء التاريخي الذي حصل بين الرئيس حافظ الأسد وكمال جنبلاط، وهذا أمر قد تكون له ظروفه الشخصية التي أتركها للتاريخ. وبعد عام 1977 عادت هذه العلاقات ووجهات النظر لتلتقي.

* استطعت أن تأخذ معك إلى سورية كل الحزبيين والأنصار؟

- بعض الحزبيين والأنصار.. في نهاية المطاف، السوري خرج من لبنان. لا يستطيع هؤلاء الأنصار، حزبيون اشتراكيون أو جنبلاطيون أو غيرهم أن يقولوا إن هناك وصاية سورية... «خلصنا» من هذه المقولة. علينا أن نحترم المصالح الأمنية السورية التي نص عليها «الطائف» ونصت عليها الجغرافيا السياسية. لن نقبل بأن ينقلب لبنان نظاما معاديا لسورية. لم نقبل به عام 1958 (ثورة عام 1958 ضد الرئيس السابق كميل شيمعون) ولم نقبل به عام 1982 (الاجتياح الإسرائيلي) و1983 (اتفاق 17 مايو/ أيار) ولن نقبل به لا اليوم ولا في المستقبل.

* قيل إن بعض مساعديك والقياديين في الحزب التقدمي غير مرحب بهم في سورية..

- لم أسمع أي شيء بهذا الخصوص في سورية.

* لم يعد هناك من مجال لعودة «الوصاية»؟

- بالتأكيد. سورية خرجت، وإدارتها للشأن الداخلي اللبناني لم تعد موجودة. فلنبن علاقات موضوعية، اقتصادية وسياسية وأمنية. وهذا شأن يعود إلى الشيخ سعد الحريري والحكومة.

* هل هناك مجالات لإقامة علاقات «ندية» بين البلدين؟

- هل لي أن أذكر بأنه في أيام الانتداب الفرنسي، أي أيام الوصاية والاحتلال الأجنبي كانت هناك جمارك موحدة بين لبنان وسورية.

* ماذا عن الاتفاقات التي يطالب البعض بتعديلها؟

- لم أطلع على هذا الأمر، لكني أذكر أن الرئيس رفيق الحريري قال لي إن بعض الاتفاقات الاقتصادية (مع سورية) هي لصالح لبنان. علينا فقط أن نترجم هذه الاتفاقات. وأي اتفاق لصالح لبنان أو ليس لصالحه يمكن أن يناقش، فلا توجد اتفاقات جامدة، حتى الدول الأوروبية تختلف أحيانا داخل السوق المشتركة حول موسم البندورة أو البطاطا.

* اتخذت قرارك وذهبت إلى دمشق، كذلك فعل الرئيس سعد الحريري، لكن بقية الحلفاء..

- من تقصد بالحلفاء؟

* مسيحيو «14 آذار» مثلا.

- هؤلاء ليسوا حلفائي، هناك تسمية مختلفة. أنا أعلنت في 2 آب (أغسطس) الماضي خروجي من «14 آذار». كلمة حليف ليست مناسبة.. ممكن أصدقاء أو «بعض الأصدقاء».

* بماذا تنصح هؤلاء الأصدقاء في ما يخص العلاقة مع سورية؟

- لا أستطيع أن أقدم لهم النصائح، كما لا يمكنني السير مع منطق يقول إن سلاح المقاومة يشكل خطرا على لبنان. هذا يشبه المنطق الذي استعمل في السبعينات (قبل وخلال الحرب الأهلية) بأن السلاح الفلسطيني يشكل خطرا على لبنان. النغمة نفسها نعود إليها الآن. قالوا أيضا إن سلاح الحركة الوطنية يشكل خطرا على لبنان، والآن سلاح الحزب، وغدا قد يقولون سلاح الجيش أو عقيدته تشكل خطرا على لبنان ويجب إعادة النظر فيها، وقد يقولون إن اتفاق الهدنة يشكل خطرا على لبنان فلنعمل على حل منفرد مع إسرائيل، وقد يقولون إن الحياد ضروري لكي لا يقع اعتداء على لبنان.. الحجج موجودة، وأعرف هذه الأسطوانة وأحفظها غيبا.

* إلى أين ستؤدي هذه «الأسطوانة»؟

- بعض العقل اللبناني يجب أن يتطور، فهناك خلاف داخلي لا يزال قائما حول بعض المفاهيم الأساسية. على أية حال أظهرت التجربة بعد اتفاق كامب ديفيد سنة 1977 ثم اتفاق وادي عربة أننا وصلنا إلى أفق مسدود، ولا مجال إلا للعودة إلى التضامن العربي واعتماد المبادرة العربية، لكن المبادرة العربية من دون ميزان قوى لا معنى لها.

* خضت مع هؤلاء الأصدقاء انتخابات ونصف من موقع التحالف..

- من هؤلاء؟

* كل أطراف «14 آذار»..

- أنا أعتبر نفسي قد خسرت. المشاركة اقتضت الخسارة في بعض المواقع.. عظيم، في الانتخابات الماضية خسرت لصالح الحلفاء القدامى – الجدد، وفي المقابل خسرت لصالح بعض الذين كانوا حلفاء ولم يعودوا كذلك.

* ماذا عن الانتخابات المقبلة؟

-..لا أعرف. لن تكون الخارطة سهلة، فلنر.. في نهاية المطاف سواء بالانتخابات أو من دونها، هناك خط بياني عريض رسم من خلال حكومة الوفاق الوطني، وهذا أهم شيء.

* حكومة وفاق وطني؟

- نعم هذه الحكومة موجودة.. هناك آلية معينة للحكم ليست موجودة بعد، فبعض الناس لم يستوعبوا أن هناك ضرورة لمعالجات أخرى إلى جانب التأكيد على المسلمات والثوابت الرئيسية في الحفاظ على المقاومة والعلاقة المميزة مع سورية، لم ينزلوا بعد إلى معالجة الشؤون المعيشية الصغيرة وفي مقدمتها موضوع الكهرباء والأملاك البحرية والضريبة التصاعدية. لقد قاموا بخطوة مقبولة بزيادة الضريبة على الفوائد. أنا مع ضريبة على أرباح المصارف والشركات العقارية وعلى تداول الأسهم، وهذه الضريبة موجودة في العالم الرأسمالي.. هناك اتجاه عالمي نحو هذا الموضوع.. وفي لبنان لا يزال البعض يتحدث عن النظام الحر.. والجنة الضريبية، ويا لها من نظرية سخيفة.

* هل ستكون خصما لبعض المشاريع داخل الحكومة كموضوع الخصخصة؟

- في بعض القطاعات نعم. ما زلنا غير قادرين على تثبيت الدولة بأملاكها العامة. في كل بلدان العالم الأملاك البحرية أملاك عامة إلا في لبنان.

* كيف تقيم أداء حكومة الوحدة الوطنية؟

- انطلقت في بعض التعيينات المقبولة، والموازنة التي أعلنتها وزيرة المال لا يوجد فيها زيادة على الضريبة على القيمة المضافة والحمد لله. المطلوب أكثر، لكن ما العمل.

* كيف تقيم تجربة الرئيس سعد الحريري في الحكم؟

- جيدة.. جيدة. لكن أتمنى لو أن بعضهم نزل إلى الأمور العملانية أكثر من الأمور العامة الكبرى والتحليل؛ فهذا أفضل. فلنضع خطة عملانية مثلا لإنتاج الكهرباء. في قطر هناك 14 ألف ميغاواط من الإنتاج وعندنا 1500. وبعض مناطق عكار تنال ساعتين من الكهرباء فقط.

* وعلاقتك معه؟

- جيدة.. بل ممتازة.

* ماذا ترى في الأحداث الأمنية المتنقلة؟

- عيون أرغش وبعض الأحداث الأمنية في كل مكان، نحن معرضون للأحداث الأمنية. هناك كثرة سلاح بين أيدي المواطنين ورُخص سلاح إضافية، فهناك نحو 7 آلاف رخصة معطاة، فلنحصر الأحداث الأمنية في إطارها المحدود ولا داعي لتكبيرها. في عيون أرغش فهمت أن الأمر مرتبط بقضية تهريب طن من الحشيش.

* ماذا عن موقف البطريرك الماروني نصر الله صفير في الكلام عن حق الدفاع عن الأرض؟

- المبدأ هو الجيش والمقاومة والشعب.. إلى أن يأتي الوقت المناسب اللبناني والإقليمي بقرار تشاوري حواري تنضم فيه الآلية العسكرية لحزب الله إلى الدولة اللبنانية، لكن هذا يحتاج إلى التوقيت المناسب. لذلك من الأفضل أن لا نستخدم كلمة سلاح، بل كلمة «استراتيجية دفاعية».

* هل من مجال لخطة دفاعية؟

- موجودة. في غياب التوازن العربي - الإسرائيلي والانحياز والعجز الأميركيين، هناك عامل أساسي في لبنان، هي ورقة يجب أن تكون في يد العرب والمسلمين، هي ورقة المقاومة الإسلامية للضغط على إسرائيل والدفاع عن لبنان. لماذا لا نأخذ الموضوع بهذه الرؤية العريضة، ولماذا نحصر المقاومة على أنها فقط في لبنان..

* ماذا عن «الامتداد الإيراني» لهذه المقاومة؟

- طيب.. كانت إيران ترفع علم فلسطين، وإلى جانب إيران اليوم تأتي تركيا، فهل نقول لا؟ بالعكس أرحب بالدور الإيراني وبالدور التركي. هذه عوامل تساعد المبادرة العربية، وهل لي أن أذكر أن المبادرة العربية تمت الموافقة عليها في المؤتمر الإسلامي في عام 2003 في إيران. في النهاية الجنة تحميها ظلال السيوف، حتى الجنة تحتاج إلى السيوف..

* السيوف كافية على ما يبدو.

- لا، ليست كذلك. نحتاج إلى أكثر قليلا من السيوف.. الصواريخ مثلا.

* لقد دخل الـ«سكود» إلى المعادلة! - إنه صاروخ قديم، الكلام عنه فقط دعاية إسرائيلية قد تكون تحضيرا لضرب لبنان وسورية. هناك صواريخ متطورة أكثر من «سكود» وأصغر بكثير.

* تتوقع ضربة ما؟

- إسرائيل لا تستطيع أن تعيش في السلام، إنها مبنية على الحرب. عندما تقبل إسرائيل بالسلم تسقط، فهي كيان توسعي لا حدود له.

* نحن تحت خطر الضربة.

- في أي لحظة، فما الذي تغير؟

* ماذا سيكون موقف وليد جنبلاط إذا حصلت الضربة؟

- في عام 2006 كنت مع المقاومة، وكنت أول من قال «انتصر حزب الله» وكان هذا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أيضا فلا تسأل عما سيكون عليه موقفي.

* هل ترى في التسريبات الأخيرة حول المحكمة الدولية مؤشر خطورة على الوضع الداخلي اللبناني؟

- كل هذه التسريبات تصب في إطار تسييس المحكمة. ونحن في الأساس نقول لا لتسييسها. كل هذه التسريبات التي تصدر من حين إلى آخر تصب في هذا الاتجاه وهذا أمر مؤسف ومزعج.

* من المسؤول عن هذا التسييس؟

- يجب أن تسأل أصحاب الشأن.

* ومن هم أصحاب الشأن؟

-أنا لست من أصحاب الشأن، لكني أستغرب أن تصدر بعض التصريحات من بعض ما يسمى الشهود.. أمر غريب. علينا أن ننتبه، نعود في هذا الإطار إلى ما أوردته مجلة «ديرشبيغل» التي أخذت ضجة (بكلامها عن دور لحزب الله في اغتيال رفيق الحريري)، لكن هذه المعلومات صدرت قبل ذلك من خلال مجلة «لو فيغارو» وجريدة «السياسة» الكويتية. فكيف استطاعت «ديرشبيغل» وغيرها اختراق أسرار المحكمة؟ هذا غير مسموح حتى لو لم يكن صحيحا. و«ديرشبيغل» في نهاية المطاف غربية، ومعروف النفوذ الإسرائيلي لدى هذه الصحف.

* ماذا عن الانتخابات البلدية وتقاسم البلدات الدرزية الكبرى مع الوزير طلال أرسلان..

- غير صحيح.. ليس تقاسما. حيث يكون هناك توافق بيني وبين الأمير طلال سنفرض التوافق، وهناك مناطق العائلات قررت التوافق فيها، وهناك مناطق ستكون فيها الانتخابات. عندما أكون مع الأمير طلال والحزب السوري القومي الاجتماعي وتيار التوحيد والحزب الشيوعي وغيرهم، يكون الجو أفضل.

* هل تكافئ الأمير طلال أرسلان على دوره بينك وبين سورية؟

- لا مكافآت.. تقليديا هذا هو مجتمعنا القائم على أسس عائلية. لم نتطور بعد في لبنان إلى المجتمع الحزبي. الوضع نفسه يتكرر في كل القرى الأخرى المسيحية والإسلامية.

* ماذا سيكون عليه الوضع في القرى المسيحية؟

- ما تبقى من نفوذ تقليدي.. وسنترك الأمور لأهلها.

* هل هناك تواصل وتنسيق مع التيار الوطني الحر؟

- هناك بعض العائلات التي تنسق مع التيار العوني، كما هي حال الدامور، فلا يوجد حزب تقدمي في الدامور.

* تيمور.. التلميذ يستعد للخلافة.. والده يريد له انطلاقة مماثلة لانطلاقته

* تتجه الأنظار حاليا إلى نجل رئيس «اللقاء الديمقراطي» تيمور وليد جنبلاط، الذي اختار الأب أن يبعده عن أجواء التشنج السياسي الذي كان قائما في لبنان خلال فترة التوتر الشديد، مختارا الزج به في الحياة السياسية في توقيت لافت وفي اتجاه يقول جنبلاط الأب إنه «اتجاه جده كمال جنبلاط مؤسس الحزب التقدمي الاشتراكي».

ويبدو أن جنبلاط يسعى لعدم «إحراق» نجله الأكبر بإبعاده ما استطاع عن الإعلام وبدفعه ما استطاع إلى خوض التجربة الحزبية والسياسية، ويبدو أن الشاب البالغ من العمر نحو 28 عاما فيه كثير من صفات أبيه، خاصة لجهة حبه القراءة السياسية والتاريخية، بالإضافة إلى متابعته لعدد من الدوريات العربية والعالمية.

الأب يريد لابنه الدخول التدريجي في السياسة، فهو تلميذ الآن، وربما يصبح أستاذا بعد 3 سنوات، أي موعد الانتخابات النيابية المقبلة التي يرفض جنبلاط حتى الساعة الخوض في إمكانية مشاركة تيمور فيها. وفي حديثه مع «الشرق الأوسط» كان للنائب جنبلاط مواقف يعلنها للمرة الأولى في ما يخص اتجاه نجله السياسي و«آليات» عمله:

* في الزيارة الثانية لسورية كان رفيقك تيمور؟

- نعم، وسيرافقني في كل زياراتي إلى دمشق. وإن شاء الله يوما ما أعرفه على الرئيس الأسد.

* ماذا تريد لتيمور؟

- أن ينطلق من حيث بدأت عام 1977 بالعلاقة الكفاحية والسياسية مع سورية في مواجهة الأخطار على لبنان من قبل الذين كنا نسميهم آنذاك الانعزال ومواجهة إسرائيل. هذا هو الخط البياني الصحيح الأول والأخير.

* تحضره للخلافة؟

- في أيام الاضطراب كان بعيدا خارج لبنان، وآن الأوان أن يتأقلم. أنا أضعه في الثوابت ثم ينطلق. لا ننسى أن أول تجربة كانت له هو عندما حضر عيد المقاومة والتحرير العام الماضي عند حزب الله، ثم ذهب وحضر مناسبة اختفاء الإمام الصدر..

* جنبلاط يهدي الرئيس السوري كتابا ساخرا عن مدينة تعتكف عن التصويت!... حكاية «رهبة» المائتي متر

* تحدث النائب جنبلاط لأول مرة عن لحظات اللقاء الأولى مع الرئيس الأسد.. فاعترف بأن رهبة اللقاء الأول كانت كبيرة جدا، لكنه ما لبث أن دخل في «الجو» بعدما كسر الرئيس الأسد حدة اللقاء، فوعده بكتاب يهديه إياه على غرار ما اعتاد جنبلاط مع الأسد. جنبلاط كشف لـ«الشرق الأوسط» أنه قرر أن يأخذ معه للرئيس الأسد في اللقاء المقبل كتابا لكاتب عبثي شيوعي برتغالي عن مدينة تقرر الاعتكاف عن التصويت.. فجنبلاط قد عاد للقراءة بعد أن أخرته ظروف السياسة المتقلبة والمتوترة عن ذلك:

* هل عدت إلى القراءة؟

- لن أوقف القراءات، لكن أيام التوتر كانت مزعجة، أما الآن فالأمور أفضل.. لكني أعترف بشيء من التأخير في هذا المجال. الكتاب هو أهم صديق، وتحديدا الكتاب الورقي، فأنا لا يمكن إلا أن أشعر بالورق.

* علاقتك مع التكنولوجيا جيدة إجمالا..

- نعم، لكني لست مدمنا ولا أعيش العالم الافتراضي.

* اشتهرت بالاستعمال السياسي للكتاب.. وكنت تهدي الكتب..

ـ لا أهدي الكتب السياسية دائما، أحيانا أهدي كتبا قصصية وكتبا هزلية، مثلا أقرأ الآن لكاتب أحبه كثيرا يدعى خوزيه ساراماغو وهو كاتب شيوعي برتغالي ولديه نوع من العبثية والسخرية، وأحب أن أهدي كتبه.

* لماذا لم تأخذ معك كتابا عند زيارتك الرئيس الأسد؟

- ذكرني الرئيس الأسد بهذا وسألني عن سبب عدم إحضاري كتابا معي.. صراحة كنت متهيبا الموقف. سبق أن زرت قصر الشعب مرتين، الأولى عام 2003 عندما التقيت الرئيس بشار الأسد ومرة عند تقديم التعازي في الرئيس الراحل حافظ الأسد. ومن باب قصر الشعب إلى المدخل هناك مسافة بين 200 و300 متر، وهندسة القصر جميلة جدا.. وبسيطة. كانت المسافة مهيبة جدا. الطريق من الباب إلى المدخل كانت طويلة جدا.. وفجأة فتح الباب وابتسم فورا قائلا: «أهلا وسهلا.. لم تحضر لي كتابا معك»، فكسر الحدة فورا وقلت له: «إن شاء الله في المرة المقبلة».

* ستأخذ معك كتابا في الزيارة المقبلة؟

- دوما كنت أفعل، وسأفعل في المرة المقبلة.

* هل من كتاب معين؟

- نعود لساراماغو.. فلديه رواية حول كيف أنه في بلد من البلدان تقرر مدينة فجأة الاعتكاف عن التصويت.. جميلة. قد يكون هذا خير خيار.