قضية صبيحة طالب «اللبؤة المفجوعة» تعود إلى الواجهة

بعد طلب القضاء البريطاني أدلة حول كيفية مقتلها برصاص جنود بريطانيين

TT

لم تكن قضية مقتل امرأة عراقية من قبل جنود بريطانيين في محافظة البصرة مثل غيرها من الضحايا المدنيين الذين قتلوا برصاص القوات الأجنبية. فقد تحولت صبيحة خضر طالب (62 عاما) إلى «لبؤة مفجوعة» هاجمت الجنود البريطانيين الذين قتلوا ولدها أمام عينيها في باحة منزلها الريفي.

عرف أهالي ضواحي شمال البصرة صبيحة برجاحة العقل ورشاد الحكمة كغيرها من نساء القرى الفلاحية حسب روايتهم لـ«الشرق الأوسط» ولم يكن طموحها أبعد من توفير الأمن ورغيف الخبز وسلامة أفراد عائلتها من الشرر المتطاير جراء الاحتلال وأعمال العنف، الذي كانت تبتعد عن تداعياته قدر المستطاع، لكنها التقت مجموعة من الجنود البريطانيين داهموا منزلها فجر يوم الخامس عشر من نوفمبر (تشرين الثاني) 2006 بعد أن أمطروا ولدها بوابل من نيران أسلحتهم.

عادت قضية مقتل صبيحة إلى واجهة الأحداث الآن بعد أن استجابت قيادة شرطة المحافظة إلى دعوة المحكمة البريطانية برفع الأدلة الثبوتية خلاف ما زعمت القوات البريطانية أنها قتلت الضحية بغير قصد خلال تبادل نار مع مسلحين على خلفية النظر في مجموعة من الدعاوى المرفوعة أمام القضاء قدمها أهالي الضحايا.

وتوقعت أوساط قانونية أن تكون قضية صبيحة من أكثر القضايا إثارة أمام القضاء البريطاني من بين عشرات القضايا الأخرى المعروضة أمامها حول انتهاكات القوات البريطانية لحقوق الإنسان خلال وجودها في محافظات الجنوب العراقي. ويرى شهاب أحمد كاظم (محام) «أن يتمكن القضاء في جلسته القادمة من جمع إفادة الشهود والأدلة الجنائية التي رفعتها الشرطة المحلية، والتي أكدت فيها أن سبب وفاتها تعرضها للضرب، والتخلص من رفاتها برميها على قارعة الطريق، مع اعتراف الجنود البريطانيين، كل هذا يرسم صورة فريدة لأم لم تتمكن من كتم مشاعرها وتحولت إلى كائن خرافي للثأر من القتلة».

وأفاد ياسين خضر شقيق الضحية لـ«الشرق الأوسط» بأن أسرتها سبق أن حررت شكوى حالها حال العشرات من ذوي ضحايا القوات البريطانية أمام القضاء البريطاني لعدم امتلاك القضاء العراقي صلاحية النظر في جرائم القوات المحتلة وأوكلت القضية إلى محام بريطاني أسوة بالضحايا الآخرين «لكن بعد تنصل القوات البريطانية من جريمتها وربطها بالضحايا الذين لقوا مصرعهم نتيجة القصف أو القتل غير العمد واعتبارها حادثا عاديا كغيره من حوادث الحروب طلبت من المحكمة إحضار ملف مقتلها من الشرطة العراقية كجهة إثبات رسمية». وقال إن «منزلها تعرض إلى مداهمة في فجر يوم 15 من نوفمبر (تشرين الثاني) 2006 ونتيجة الظلام وعدم تبيان أشكال المداهمين وعدم استجابتهم للمناداة عن كشف هوياتهم كما هو متعارف في الريف العراقي أطلق ابن الضحية كريم عاصي عددا من الطلقات التحذيرية في الهواء اعتقادا منه أن لصوصا يقتربون من المنزل بغية السرقة التي انتشرت وقتذاك في المدن وضواحيها، لكن المداهمين الذين تبين فيما بعد أنهم من القوات البريطانية أطلقوا وابلا من نيران أسلحتهم باتجاه مصدر النيران وأردوا كريم قتيلا، ووسط فزع العائلة ومقاومة والدته لهم بأسنانها وأظافرها تم اقتيادها معهم إلى جهة مجهولة، إذ لم تمض أكثر من ثلاثة أيام حتى تم إخبارهم من الشرطة بالعثور على جثتها موضوعة في كيس في أحد الشوارع». وأضاف: «على الرغم من قيد الأم فإنها لم تهدأ، ويبدو أنهم تخلصوا منها إثر مقاومتها الشرسة»، مؤكدا أن الأهالي «أطلقوا عليها اسم اللبؤة حتى باتت مثالا يقتدى به على الأمومة».