الانتخابات البريطانية: الاختبار الثاني في مناظرة حول السياسة الخارجية.. هل ينجح كليغ كما نجح أوباما؟

براون يمد يده علنيا لحزب الليبراليين الديمقراطيين.. فجاء الرد قاسيا

TT

يستعد زعماء الأحزاب الثلاثة الرئيسية في بريطانيا لخوض المناظرة الثانية اليوم، بعد أن قلبت المناظرة الأولى التي جمعتهم الخميس الماضي، المعادلة السياسية، ودفعت حزب الليبراليين الديمقراطيين إلى الواجهة. وستركز المناظرة الثانية على قضايا السياسة الخارجية، علما أن النقاش دار في المناظرة على القضايا الداخلية.

ونجح نيك كليغ زعيم حزب الليبراليين الديمقراطيين الأسبوع الماضي في إثبات نفسه منافسا قويا لزعيم حزب المحافظين ديفيد كاميرون وزعيم حزب العمال الحاكم غوردن براون، وأعطى دفعة كبيرة لحزبه الذي أظهرت نتائج استطلاعات الرأي بعد المناظرة تقدمه على حزب العمال وأحيانا على المحافظين. وتحول كليغ إلى نجم سياسي خلال 90 دقيقة فقط، مدة المناظرة، وتمكن من أن يحتل مساحة واسعة في الإعلام البريطاني الأسبوع الماضي، وهو أمر غير مسبوق لزعيم حزب طالما كان مهمشا في الحياة السياسية البريطانية.

وقد عزز تقدم حزب كليغ في استطلاعات الرأي حظوظ إنتاج برلمان معلق بعد الانتخابات، وهو عندما يعجز أي حزب عن الفوز بأغلبية الأصوات. وقد دفع ذلك براون إلى مد يده إلى حزب الليبراليين الديمقراطيين بشكل علني ومباشر، لتشكيل ائتلاف حكومي معه. ووعد براون في مقابلة مع صحيفة الـ«إندبندنت» بأن ينفذ الإصلاحات الدستورية التي يطالب بها حزب الليبراليين الديمقراطيين منذ مدة طويلة، في حال شاركوه الحكم. إلا أن رد كليغ جاء قاسيا، ووصف براون في مؤتمر صحافي عقده في لندن أمس بأنه «يائس».

وفي أقسى هجوم له على زعيم حزب العمال حتى اليوم قال كليغ: «بصراحة، أعتقد أن في حزب العمال وزعيمهم غوردن براون شيئا من اليأس، فهم يحاولون اليوم إظهار أنفسهم على أنهم دعاة الإصلاح، بينما قاوموا طوال 13 عاما في الحكم الإصلاحات (التي قدمناها)». ويحاول حزب الليبراليين الديمقراطيين منذ سنوات إصلاح النظام الانتخابي لكي يصبح أكثر عدلا، ويسمح للأحزاب الصغيرة بأن تمثل داخل البرلمان. إلا أن حزب العمال والمحافظين، كلاهما لطالما عارض إصلاحات كهذه، لأنها تصعّب عليهم الحصول على أغلبية مقاعد البرلمان. وبحسب النظام الانتخابي المطبق حاليا في بريطانيا، فإن حزب العمال قد يجمع أكبر عدد من النواب، رغم أنه يحل ثالثا في استطلاعات الرأي حاليا. وحزب الليبراليين الديمقراطيين، لن يحصل على أكثر من 99 نائبا من أصل 650، في حال ترجمت نتائج الاستطلاعات الحالية التي تعطيه نحو 30 في المائة من نيات الناخبين.

ويبدو أن «الغزل» الزائد من قِبل براون لحزب الليبراليين الديمقراطيين، الذي كان واضحا حتى في المناظرة الأولى عندما كرر براون أكثر من مرة قوله: «أنا أؤيد نيك»، بدأ يتسبب في شرخ داخل حزب العمال. وقالت صحيفة الـ«غارديان» أمس نقلا عن مصادر حكومية، إن بين وزراء في الحكومة جدلا حول درجة الانفتاح العلني تجاه تشكيل ائتلاف مع الليبراليين الديمقراطيين. وقالت الصحيفة أيضا نقلا عن المصدر، إن هناك مخاوف داخل حزب العمال، من أن حملة الحزب لا تحمل الكثير من الجديد، وهو ما يؤدي إلى قلق من تحول الحزب إلى متفرج على الحزبين الآخرين يتقاتلان على التغيير.

وستكون المناظرة التي ستجمع الزعماء الثلاثة للمرة الثانية اليوم، اختبارا آخر لكليغ الذي سيكون عليه أن يثبت أن النجاح الذي حققه في المناظرة الأولى لم يكن مجرد نصر مؤقت. إلا أن موضوع المناظرة الثانية قد لا يساعده كثيرا، لأنه لا خبرة كبيرة لديه في الشؤون الخارجية، وقد يقع تحت انتقادات حادة من براون وكليغ بسبب دعوته قبل أيام إلى إلغاء الترسانة النووية البريطانية مقابل استثمار الأموال التي تصرف على صيانتها، في مجالات التعليم والصحة وغيرها من القطاعات العامة. أما كاميرون، فهو أيضا سيقع تحت انتقاد خصميه بسبب موقفه «العدائي» تجاه أوروبا، وتحالفه مع اليمين المتطرف في البرلمان الأوروبي، وهو ما سينعكس سلبا على علاقات بريطانيا بالاتحاد الأوروبي في حال فوز حزب المحافظين. إلا أن براون سيواجه الصعوبة الأكبر، إذ قد يقع تحت انتقادات حادة بسبب عدم تزويده الجيوش البريطانية بالعتاد الكافي أفغانستان، وتردده في زيادة ميزانية وزارة الدفاع رغم مشاركة بريطانيا في حربين في السنوات الأخيرة.

إلا أن النقطة الأهم التي قد تلعب دورا كبيرا في فوز كليغ بالمناظرة الثانية، هي أن حزبه كان الوحيد الذي عارض غزو العراق عندما تم التصويت على القرار في البرلمان. هل يذكّركم هذا بشيء؟ بالطبع هناك علامات تشابه كثيرة هنا بين كليغ وباراك أوباما الذي اعتمد التكتيك نفسه في تقديم نفسه إلى الأميركيين على أنه صاحب الحكم الصحيح، رغم قلة خبرته وصغر سنه. فهل ينجح كليغ كما نجح أوباما؟