الصومال: العثور على 5 جثث مقطوعة الرأس في غرب العاصمة

وساطة إثيوبية وجيبوتية في أزمة الخلاف في البرلمان الصومالي

أعضاء في البرلمان الصومالي يرفعون أياديهم خلال التصويت (أ.ب)
TT

وصل وزير الأوقاف الجيبوتي حامد عبد سلطان إلى مقديشو للتوسط في أزمة البرلمان الصومالي التي اندلعت بعد مطالبة عدد كبير من نواب البرلمان الصومالي باستقالة رئيس البرلمان آدم مدوبي بحجة انتهاء ولايته، وقدم نحو 300 نائب في البرلمان الصومالي مذكرة إلى الرئيس الصومالي يطالبون فيها الرئيس شريف شيخ أحمد بالدعوة إلى جلسة استثنائية للبرلمان لانتخاب رئاسة جديدة للبرلمان خلفا لآدم مدوبي.

وبعد ساعات من هذا الحدث قام 170 نائبا يؤيدون رئيس البرلمان الحالي بتقديم ورقة أخرى إلى الرئيس شريف شيخ أحمد يقولون فيها إن رئيس البرلمان لم تنته ولايته وإنه ليس هناك حاجة إلى عقد جلسة استثنائية لانتخاب رئيس جديد للبرلمان. وكان الرئيس الصومالي يجري اجتماعات مكثفة خلال الساعات الأخيرة مع النواب المؤيدين لآدم مدوبي والمناوئين له المطالبين باستقالته.

وانضم إلى هذه الوساطة وزير الأوقاف الجيبوتي حامد عبد سلطان الذي عقد فور وصوله إلى العاصمة مقديشو لقاءات منفردة مع كل من الرئيس شريف شيخ أحمد ورئيس الوزراء عمر شرماركي، وكذلك مع رئيس البرلمان آدم مدوبي وتوج ذلك بلقاء ثلاثي ضم الرئيس ورئيس الوزراء ورئيس البرلمان بحضور الوزير الجيبوتي. وترد معلومات متضاربة حول مصير هذه الوساطة وتحدثت مصادر حكومية صومالية لـ«الشرق الأوسط» عن قرب انفراج لهذه الأزمة والإعلان عن استمرار رئيس البرلمان في منصبه بناء على اتفاقية جيبوتي في يناير (كانون الثاني) من العام الماضي التي بموجبها شكلت السلطة الانتقالية الحالية (الرئاسة ورئاسة الوزراء ورئاسة البرلمان).

ويستند كل من المؤيدين والمناوئين لرئيس البرلمان الصومالي إلى هذه الاتفاقية التي أعطيت تفسيرات متناقضة، وتنص الاتفاقية التي وقعت في يناير 2009 بين الحكومة السابقة والمعارضة آنذاك بتمديد ولاية البرلمان الحالي لمدة عامين وهو ما يتمسك به المؤيدون لرئيس البرلمان الذين يجادلون بأن تمديد العامين يبدأ من تاريخ انتهاء ولاية البرلمان السابق (أغسطس/ آب عام 2009) وهذا التمديد يعني استمرار أعضاء البرلمان بما فيها رئاسته (رئيس البرلمان ونائباه) في شغل مقاعدهم في البرلمان، بينما يجادل النواب المعارضون لرئيس البرلمان بأن ولاية رئيس البرلمان ونائبيه انتهت في أغسطس الماضي، ولا يشملهم التمديد وبالتالي يطالبون بانتخاب رئاسة جديدة للبرلمان وفقا لاتفاقية جيبوتي أيضا.

وإلى جانب وساطة الوزير الجيبوتي فإن إثيوبيا أوفدت أيضا مندوبا عسكريا رفيعا يدعى الجنرال غبري إلى مقديشو لاحتواء الخلاف البرلماني باعتبار إثيوبيا داعما رئيسيا للحكومة الصومالية الحالية. وأفادت مصادر حكومية صومالية لـ«الشرق الأوسط» بأنه كانت هناك ضغوط على رئيس البرلمان آدم مدوبي لتقديم استقالته تفاديا لعزله من قبل النواب المناوئين له الذين يقال إنهم يشكلون أغلبية كبيرة.

وفي العاصمة مقديشو، تم العثور على 5 جثث مقطوعة الرأس في منطقة يسيطر عليها المسلحون الإسلاميون. وقال أحد سكان منطقة مقابر بركات (شمال غربي مقديشو) - وهي المنطقة التي عثر فيها على الجثث - لـ«الشرق الأوسط» أمس: «إن الجثث الخمس وجدت مرمية بجانب الطريق وهي مقطوعة الرأس ومقيدة الأيدي، وتعود إلى مخطوفين من قبل الجماعات المسلحة، وكانوا في عداد المفقودين خلال الأيام الأربعة الماضية». وأضاف: «كانوا عمال بناء، يعملون في ترميم مبنى مقر البرلمان الصومالي في مقديشو الذي تقوم الحكومة بإعادة ترميمه وتجهيزه».

ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن ذبح هؤلاء الأشخاص، إلا أن بعض السكان في منطقة مقابر بركات قالوا لـ«الشرق الأوسط» إن لديهم اعتقادا بأن المسلحين الإسلاميين هم الذين قاموا بذبح الأشخاص، وقال علي فارح من سكان مقابر بركات: «نعتقد أن مسلحين مناوئين للحكومة نفذوا هذه العملية، القتلى كانوا قد تلقوا تهديدات عبر الهاتف قبل أيام من قبل مسلحي الشباب، مهددين بالقتل بسبب مشاركتهم في بناء مقر البرلمان». وسبق أن نفذ المسلحون الإسلاميون المعارضون للحكومة الصومالية أحكاما بالإعدام ضد عدد من الأفراد بتهمة التجسس لصالح وكالة الاستخبارات الأميركية الـ«سي آي إيه» وكذلك لصالح قوات الاتحاد الأفريقي العاملة في مقديشو الـ«الأميصوم»، وأيضا لصالح الحكومة الصومالية التي تدعمها الأمم المتحدة.

وكانت منظمة «هيومن رايتس ووتش» المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان قد اتهمت هذا الأسبوع حركة الشباب المجاهدين بممارسة قمع عنيف بحق المدنيين، وقالت المنظمة في تقرير أصدرته قبل أيام إن مسلحي الحركة يقومون باغتيالات وممارسات غير إنسانية على الرغم من أنهم جلبوا قدرا من الاستقرار في عدة مناطق بجنوب البلاد لكن بثمن باهظ «يدفعه السكان المحليون ولا سيما النساء». وأشار تقرير المنظمة بشكل خاص إلى العقوبات التي يمارسها مقاتلو حركة الشباب من بتر الأعضاء والجلد التي يتعرض لها المدنيون، وأيضا إعدام أو اغتيال الأشخاص الذين يشتبه في أنهم خونة أو من مؤيدي الحكومة، وقالت المنظمة إن مسلحي الحركة يقطعون رؤوس الأشخاص الذين تتهمهم بالتجسس للحكومة باعتبار أنهم خونة.

وتزايدت عمليات ذبح المدنيين وإلقاء جثث مجهولة الهوية في الشوارع والأسواق، وفي بعض الأحيان يتم إلقاء رؤوس مقطوعة في شارع، وبقية الجثث في منطقة أخرى غير بعيدة عن مكان إلقاء الرؤوس، وأدخلت هذه العملية الرعب في نفوس عدد كبير من سكان مقديشو. ويسيطر المسلحون الإسلاميون على معظم وسط وجنوب البلاد، بالإضافة إلى أجزاء كبيرة من العاصمة مقديشو، ويسعون لإسقاط الحكومة الانتقالية.

وفي وسط الصومال تستمر المعارك لليوم الثالث على التوالي بين مقاتلي حركة الشباب المجاهدين وميليشيات أهل السنة والجماعة في عدة مدن بوسط البلاد، وتدور المعارك خلال الأيام الثلاثة الماضية في عدة مدن وقرى ريفية في إقليم جل جدود بوسط البلاد، وأسفرت عن سقوط أكثر من 50 قتيلا وجريحا معظمهم من الميليشيات المتقاتلة. وأعلن كلا الطرفين عن تحقيق مكاسب عسكرية وهزيمة الطرف الآخر خلال هذه المعارك، وقال الشيخ علي محمود راجي المتحدث باسم حركة الشباب المجاهدين، إن مقاتليه استولوا على مدينتي غلعد، ومسغواي، بينما قال الشيخ عبد الله أبو يوسف القاضي المتحدث باسم أهل السنة، إن مقاتلي أهل السنة تمكنوا من طرد ميليشيات الشباب في عدة مناطق بإقليم جل جدود، جرت فيها الاشتباكات الأخيرة بينهما.