الحكومة اللبنانية تبدي «تفهمها» لمطالب قطاع النقل.. والاتحاد العمالي يؤكد أن تحركه ليس سياسيا وسيستمر

الإضراب الاحتجاجي على أسعار الوقود يشل الحركة

مواطن لبناني يرفع رغيف خبز في تظاهرة نظمها أمس في بيروت سائقو السيارات والباصات احتجاجا على ارتفاع أسعار الوقود (أ.ب)
TT

شل إضراب قطاع النقل الخاص لبنان أمس احتجاجا على الارتفاع الكبير في أسعار الوقود الناجم عن ارتفاع أسعار المشتقات النفطية، والضريبة العالية التي تفرضها الحكومة على هذه المشتقات من جهة ثانية. وأثار ارتفاع أسعار الوقود بشكل كبير في الآونة الأخيرة ليتجاوز عتبة الـ34 ألف ليرة (نحو 23 دولارا للصفيحة) استياء الفئات الشعبية المتضررة من هذا الارتفاع، وخاصة قطاع السائقين العموميين الذين نفذوا مظاهرة مدعومة من نقابات النقل البري والاتحاد العمالي العام، لم تسمح لها القوى الأمنية بمتابعة طريقها إلى النهاية، فيما شهدت بعض المناطق إشكالات بين السائقين المضربين وغير المضربين، بالإضافة إلى إقدام بعضهم على قطع الطرقات بالإطارات المطاطية المشتعلة، مما استدعى تدخل القوى الأمنية لإعادة فتح الطرقات. وتسبب الإضراب في شلل تام في مختلف المناطق اللبنانية، وأغلقت معظم المدارس الرسمية والخاصة أبوابها، بسبب عدم تمكن الطلاب من الوصول إلى صفوفهم.

رئيس اتحاد نقابات سائقي السيارات العمومية، عبد الأمير نجدي، اعترف بأن «التحرك الذي شلّ كل المناطق اللبنانية دون استثناء، جاء متأخرا»، ولكنه لفت في اتصال مع «الشرق الأوسط»، إلى أن «الظروف السياسية لم تكن تسمح بالقيام بتحرك من هذا النوع». وحمّل «الحكومة مجتمعة مسؤولية ارتفاع سعر صفيحة البنزين، الذي يبلغ اليوم 34500 ليرة لبنانية (23 دولارا أميركيا)، وسعر برميل النفط يتراوح بين 75 و80 دولارا أميركيا، بينما وصل سعر الصفيحة نفسها إلى 28 ألف ليرة (19 دولارا) عندما وصل سعر البرميل عالميا إلى 150 دولارا».

ودعا نجدي «الحكومة إلى خفض الضريبة على صفيحة البنزين (10 دولارات)»، متسائلا «لماذا يتأخر مجلس الوزراء في التنقيب عن النفط وهو موجود بشكل هائل في لبنان؟». كما دعا إلى «إيقاف شركات النفط الاحتكارية، التي تربح من جيب المواطن نحو مليار و500 مليون دولار سنويا».

وكان مجلس الوزراء قد دعا في جلسته أول من أمس، إلى التعاطي بإيجابية قصوى مع مطالب النقابات، مشيرا إلى أن وزارة الأشغال العامة والنقل أنجزت خطة النقل وسيصار إلى عرضها على الوزراء في أقرب وقت ممكن في جلسة خاصة تعقد قريبا. ورأى نجدي أن هذه الخطة أتت متأخرة كثيرا، مشيرا إلى أن «اتحاد النقابات أعد الخطة مع وزارة الداخلية ووزارة الأشغال العامة والنقل قبل أكثر من سنة، ولولا تحرك اليوم لما كانوا تذكروها». وأوضح «أننا أوقفنا المظاهرة في كورنيش المزرعة، ولم يجبرنا أحد على التوقف».

من جهته، استغرب رئيس الاتحاد العمالي العام غسان غصن، الاتهامات بأن التحرك مسيّس وتقف وراءه قوى 8 آذار، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «عندما يختلفون سياسيا يقولون إن الاتحاد ينتمي إلى جهة سياسية معينة، وعندما يتفقون في حكومة وحدة وطنية يقولون الشيء نفسه»، مشددا على أن «التحرك نابع من ألم الناس ومطالبهم بتخفيض أسعار المحروقات، وتخفيف الظلم الواقع عليهم من السياسة الضريبية التي لا تؤمن العدالة الاجتماعية، وتأخذ من محدودي الدخل لتغني الأغنياء». وتساءل: «أين الضرائب على الأرباح العقارية وأرباح البنوك والمستثمرين بالأموال الذين يشكلون 5% من الشعب اللبناني؟». وأكد أن «تحرك اليوم هو استكمال لسلسلة تحركات يقوم بها الاتحاد العمالي في مختلف القطاعات العامة، وسيستمر في 17 يونيو (حزيران) المقبل»، معتبرا أنه «نجح في مختلف المناطق اللبنانية بنسبة 90%». وأوضح أن «المظاهرة توقفت في كورنيش المزرعة ولم تكمل طريقها إلى منطقة رياض الصلح كما كان مقررا، لأن القوى الأمنية منعت المظاهرة السيّارة التي كان مقررا أن تنضم إلى المظاهرة الراجلة من الوصول إلى مكان التجمع، فارتأت النقابات أن توقف تحركها، وتقطع الطريق في منطقة كورنيش المزرعة التي تشكل نقطة حيوية داخل العاصمة بيروت».

ودعا غصن الحكومة إلى إقرار خطة النقل الجديدة، وتحسين النقل المشترك لتخفيف الأعباء عن كاهل المواطنين، مذكرا بأن «مجلس الوزراء تبنّى في بيانه الوزاري بالعنوان العريض أولويات المواطنين، بينما نجونا في اللحظة الأخيرة من الزيادة على الضرائب في مشروع الموازنة الذي قدمته وزيرة المال ريا الحسن مؤخرا».

بدوره، رأى وزير الأشغال العامة والنقل غازي العريضي «أن مطالب السائقين محقة في معظمها بطبيعة الحال، وأن موضوع تخفيض أسعار المحروقات يعني جميع اللبنانيين وليس السائقين فقط»، لافتا إلى «أن النقاش حول هذه النقطة لاقى إجماعا في جلسة الحكومة أمس حول ضرورة تنظيم أسعار المحروقات». وأشار إلى أنه «طالب خلال الجلسة بعقد جلسة خاصة لمجلس الوزراء لمناقشة هذه الخطة، وقد لاقى الطرح إجماعا من قبل الوزراء». وأوضح أن «خطة النقل لم تطرح بعد في الحكومة الحالية بسبب بعض المشاغل التي لا نريد العودة إليها»، لافتا إلى أن «خطة العمل المقترحة تعالج الكثير من المشكلات ومطالب السائقين واشترك فيها جميع الأفرقاء».