الطيارون العراقيون اليوم بلا مقاتلات «ميغ» ولا «إف - 16»

قائد القوة الجوية: لا نزال بعيدين عن القوة الكاملة.. وسنحتاج أميركا بعد عام 2011

TT

في الوقت الذي تستعد فيه القوات الأميركية لانسحاب كامل من العراق بنهاية عام 2011، هناك مجال واحد لن يكون العراقيون فيه قادرين على الادعاء بأن لهم كامل السيطرة عليه، ألا وهو المجال الجوي. فرغم شرائه لطائرات، وتدريبه جيلا جديدا من الطيارين، فإن العراق ما زال بعيدا كل البعد عن القوة الجوية العظيمة التي قادها صدام حسين في يوم من الأيام.

وقال قائد القوة الجوية العراقية اللواء أنور حمة أمين أحمد، في مقابلة أجرتها معه وكالة «أسوشييتد برس»، إن «العراق دولة ذات سيادة، لكن دعنا نكن صرحاء، إننا لا نمتلك طائرات حربية أو مقاتلات نفاثة أو طائرات مقاطعة أو أنظمة دفاعية جوية. إننا لا نزال بعيدين عن القوة الكاملة للقوات الجوية. وسنحتاج إلى الولايات المتحدة بعد عام 2011».

وكان العراق أعلن في مارس (آذار) العام الماضي نيته شراء سرب من الطائرات المقاتلة «إف 16»، من شركة «لوكهيد مارتن كورب». لكن هذه الصفقة، التي من المحتمل أن تبلغ قيمتها مليارات الدولارات، لا يزال أمامها طريق طويل من الموافقات من وزارتي الخارجية والدفاع الأميركيتين، ومن المحتمل أن تتسبب الأزمة المالية العراقية، التي نجمت عن الانخفاض المفاجئ في عائدات النفط، في عرقلة هذه الصفقة.

وفي ظل اتفاقية وضع القوات بين الولايات المتحدة والعراق، فإن انسحاب القوات الأميركية بنهاية عام 2011 يمثل نظريا نهاية نشاط القوات الجوية الأميركية في البلاد. لكن الضباط العراقيين والأميركيين يتحدثون بصورة متزايدة حول «شراكة طويلة المدى» في العمليات الجوية التي ستمتد بعد ذلك التاريخ.

وبمساعدة الولايات المتحدة، عمل العراق منذ عام 2005 على إعادة بناء قوته الجوية، بداية من الصفر والتحول من الأسلحة السوفياتية التي كان يستخدمها صدام حسين إلى الخبرة الأميركية. وقال البريجادير جنرال الأميركي سكوت هانسون، قائد الجناح الاستطلاعي الجوي رقم 321 ورئيس التدريب العراقي والبعثة الاستشارية، إن الحملة اكتسبت زخما، في الوقت الذي بدأت فيه القوات الأميركية في الانكماش. وقال هانسون المتمركز فريقه في مطار المثنى وسط بغداد «إنه ليس مجرد تدريب للطيارين، فكل شيء تريده في القوات الجوية، نقوم بتعليمه لهم، يشمل ذلك مجالات الصيانة واللوجيستيات والاتصالات والتصادم والإنقاذ والسيطرة على الحركة الجوية، وهو ما يعني جميع مجالات عمل القوة الجوية».

وفي الوقت الراهن، يستخدم الطيارون العراقيون طائرات الهليكوبتر من طراز «إم آي - 17»، والطائرات الأصغر حجما مثل «سيسناس»، التي تستخدم بصورة أساسية في مراقبة الحدود وجمع المعلومات الاستخباراتية. وتبرعت الولايات المتحدة بثلاث طائرات من طراز «سي 130» عام 2005، وثلاث طائرات من طراز «بيتش 350 سوبر كينغ إير»، وهي طائرات خفيفة، وصلت البلاد في أبريل (نيسان) الماضي.

ويتم استخدام طائرات «تي 6 تيكسان» أحادية المحرك ومزدوجة المقعد في التدريب الأساسي للطيارين في الكلية الجوية التي فتحت أبوابها في ديسمبر (كانون الأول) الماضي في تكريت شمال بغداد. وأظهر هانسون لوكالة «أسوشييتد برس» مخططات لأحدث التجهيزات التي تمتلكها القوات الجوية العراقية، والتي تشمل 44 طائرة تدريب، و36 طائرة نقل، و19 طائرة استطلاع ومراقبة، و3 طائرات للهجوم البري. وبتنفيذ نحو 285 غارة كل أسبوع، قامت هذه الطائرات بالتحليق لأكثر من 134 مرة في يوم الانتخابات التي جرت في السابع من شهر مارس (آذار) الماضي، وكان الهدف من هذا التحليق هو دعم الثقة لدى الناخبين العراقيين. وقال هانسون «إنهم يرون العلم العراقي على الطائرات، ويعرفون أنها قوتهم الجوية».

وحتى الآن، تخرج 57 طيارا جديدا في هذه الكلية، ويتلقى 99 آخرون التدريب. والطيارون معظمهم من الشباب، لكن بعضهم كان أيضا من القوة الجوية أثناء حكم صدام حسين.

وكان يُنظر إلى القوات الجوية العراقية في الماضي على أنها الأفضل في العالم العربي. وتأسست هذه القوات عام 1931، وحاربت في صراعات كثيرة في «الشرق الأوسط»، حيث حاربت القوات البريطانية عام 1941، وإسرائيل عامي 1948 و1967. واستثمر صدام حسين جزءا ضخما من الثروة النفطية في البلاد لتجهيز القوات الجوية، وأثناء الحرب مع إيران، التي امتدت بين عامي 1980 و1988، ضربت القوات الجوية المطارات في طهران وعددا من المدن الإيرانية. وفي أوج قوها في أواخر ثمانينات القرن الماضي، كان القوات الجوية تمتلك نحو 750 طائرة حربية، بما في ذلك طائرات من طراز «ميغ» و«سوخوي» السوفياتية و«ميراج» الفرنسية.

بيد أن حرب الخليج عام 1991، التي أعقبت غزو العراق للكويت، دمرت صفوف هذه القوات. وهربت مئات الطائرات إلى الدولة المجاورة إيران، ولم تعد إلى البلاد أو تم تدميرها أثناء القتال. وعقب هذه الحرب، تم فرض مناطق حظر طيران في العراق، وأدت العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة إلى تفاقم الأمور. وتم تفكيك مئات الطائرات للحصول على قطع غيار، وبحلول عام 2002 كانت 100 طائرة صالحة للطيران فقط لا تزال قيد الخدمة.

وعقب الغزو الأميركي للعراق عام 2003، عثرت الفرق الأميركية على الكثير من الطائرات السليمة، لكنها كانت غير صالحة للطيران ومدفونة تحت الرمال. وبالنسبة لبعض الطيارين من فترة حكم صدام حسين، تعد إعادة بناء القوات الجوية خطوة في استعادة بعض الفخر الذي كانت تتحلى به في الماضي.

وقال المقدم أحمد مطشر عقب الهبوط بطائرته الهليكوبتر من طراز «إم آي - 17» في قاعدة التاجي شمال بغداد أثناء مناورة حربية في أواخر شهر مارس «لقد تعلمنا الكثير من أصدقائنا الأميركيين، لقد منحونا الكثير. لكننا في حاجة إلى المزيد».