الانتخابات البريطانية: كليغ يختبر «النجومية» بحديها.. ويستيقظ على إعلام بدأ يوجه له السهام

حزب الليبراليين الديمقراطيين يتقدم بمقاعد هامشية على حساب المحافظين

TT

سؤال واحد سيشغل البريطانيين اليوم: هل تمكن نك كليغ، زعيم حزب الليبراليين الديمقراطيين، من أن يحافظ على «نجوميته» التي اكتسبها قبل أسبوع، في المناظرة الأولى التي جمعته بخصميه، زعيم حزب العمال غوردن براون، وزعيم حزب المحافظين ديفيد كاميرون؟

منذ أسبوع، يشغل كليغ الإعلام البريطاني الذي كان مأخوذا به في البداية، لكنه بدأ ينقلب عليه رويدا رويدا. خلال أسبوع عرف عنه البريطانيون تقريبا كل شيء. شبهته بعض الصحف برئيس الوزراء السباق ونستون تشرشل بسبب شعبيته. ولكن بالأمس انقلبت عليه الصحف «المحافظة»، وبدأ كليغ يتذوق الطعم الآخر لهوس الصحافيين به. فاستيقظ صباح أمس، قبل ساعات من بدأ المناظرة الثانية التي قد تحدد مستقبل حزبه، على عناوين سلبية تجاهه في الصفحات الرئيسية لبعض الصحف اليمينية.

فصحيفة الـ«تليغراف» أمس تصدرت صفحتها الأولى قصة عن تبرعات كان يتلقاها كليغ في عام 2006، أدخلت إلى حسابه المصرفي الخاص، عوضا عن حساب مستقل للحزب. وقالت الصحيفة إن زعيم الليبراليين الديمقراطيين كان يتلقى مبالغ مالية شهرية، من ثلاثة من كبار رجال الأعمال، كل منهم يحول له مبلغا بقيمة 250 جنيها إسترلينيا، وقد أدخلت هذه المبالغ إلى حسابه الخاص. وسألت الصحيفة لماذا استعمل كليغ حسابه الخاص الذي يدفع منه ديونه ومصروف منزله، لكي يتلقى مساعدات تتعلق بنشاطه السياسي؟.. وقد دفعت قصة الـ«تليغراف» بحزب المحافظين إلى مواجهة كليغ ودعوته إلى تفسير أسباب قبوله مساعدات في حسابه الشخصي. ورد زعيم الليبراليين الديمقراطيين، غير المعتاد بعد على الاهتمام الصحافي به لهذا الحد، ولا بالطبع على الانتقادات، بغضب مؤكدا أن المساعدات أعلن عنها في حينها، وأنه لم يخالف القانون بما فعله.

وصحيفة الـ«تليغراف»، وهي يمينية مقربة من حزب المحافظين، تعتبر حتى الآن من أكثر الصحف التي تعتمد أسلوبا سلبيا تجاه كليغ منذ أن بدأ نجمه يسطع، خصوصا أن حزبه بات يهدد بشكل واضح حظوظ حزب المحافظين ويسلب منه مقاعد مهمة. وقد أثبت ذلك استطلاع للرأي أجراه معهد «إيبسوس موري» لـ«رويترز»، وأظهر الاستطلاع أن حزب الليبراليين الديمقراطيين بدأ يتقدم في مقاعد هامشية كان يسيطر عليها حزب العمال. وتعتبر هذه المقاعد مهمة جدا بالنسبة لحزب المحافظين الذي يحاول هو أيضا السيطرة عليها، وضرورية بالنسبة إليه إذا أراد الفوز أغلبية مقاعد البرلمان.

وحتى يوم أمس، كان آخر استطلاع للرأي أجراه معهد «يوغوف» قبل المناظرة الثانية، يظهر أن حزب المحافظين لا يزال في الطليعة بـ33 في المائة من نوايا الناخبين، بينما يحصل حزب الليبراليين الديمقراطيين على 31 في المائة، وحزب العمال في المرتبة الثالثة بـ27 في المائة. إلا أن هذه النتائج إذا فسرت عمليا، لن تعطي المحافظين أكبر كتلة نيابية، بل حزب العمال. وبسبب تعقيد النظام الانتخابي البريطاني، فإن حزب الليبراليين الديمقراطيين، حتى لو حصل على 32 في المائة من أصوات الناخبين، لن يتمكن من أن يترجم ذلك بأكثر من 100 مقعد من أصل 650 يتألف منها مجلس العموم. ويعني ذلك أن كليغ لن يتمكن من أن يصبح رئيس الوزراء المقبل في ظل هذا القانون، حتى ولو حصل حزبه على أكبر نسبة من نوايا الناخبين. إلا أنه سيتمكن من أن يمسك بيده ورقة قوية لفرض شروطه على الفريق الذي سيشكل الحكومة ويضطر لتشكيل ائتلاف معه.

وقد يضر ما كشفت عنه صحيفة الـ«تليغراف» بسمعة كليغ بين الناخبين، خصوصا أنه يحاول منذ بداية الحملة أن يصور نفسه بأنه خارج عن لعبة التبرعات غير القانونية التي تلف الحزبين الكبيرين. إلا أن ما كشفته الصحيفة عن كليغ بالأمس دفع اثنين من كبار قادة حزب العمال إلى الوقوف للدفاع عنه، عوضا عن الانقضاض عليه كما فعل حزب المحافظين، واتهام المحافظين في المقابل بأنهم خلف تلفيق القصة. وقد ترجمت الـ«تليغراف» ردود الأفعال تلك على أنها اعتراف مباشر من قبل حزب العمال بأنه سيخسر السلطة من دون دعم الليبراليين الديمقراطيين.

وقال وزير الخارجية ديفيد ميليباند، تعليقا على قصة التبرعات «هذه علامة على الرعب الذي يصيب صفوف المحافظين والصحف المؤيدة لهم. لا أعتقد أن الناس تريد حملة انتخابية سلبية». أما اللورد مندلسون، وزير التجارة، وثاني أقوى رجل في حزب العمال بعد براون، فقد اتهم المحافظين بأنهم خلف القصة، وقال إنهم يحاولون تلطيخ سمعة كليغ لأن حملتهم في حالة فوضى. وقال «أعتقد أن التغطية مقرفة بصراحة، وتفوح منها رائحة الألعاب القذرة التي يعتمدها حزب المحافظين.. وهذا يظهر الهلع الذي يصيبهم».

وكانت أيضا صحف يمينية أخرى قد صدرت وعلى صفحاتها الأولى انتقادات لكليغ. فعنونت مثلا صحيفة الـ«ديلي إكسبرس» صفحتها الأولى بـ«سياسة كليغ المجنونة حول الهجرة». ويدعو كليغ إلى منح المهاجرين غير الشرعيين الذين قضوا في بريطانيا 10 سنوات، ولم يتورطوا بأي جنح طوال هذه المدة، ويتحدثون الإنجليزية، أوراق عمل في بريطانيا. إلا أن الصحيفة وصفت ذلك بـ«الجنون»، مستندة إلى تقرير صدر أول من أمس حول ارتفاع عدد العاطلين عن العمل في البلاد إلى 2.5 مليون شخص، وهي أعلى نسبة بطالة منذ 16 عاما.