مخاوف زلزال مدمر في طهران تتحول إلى جدل سياسي – ديني

رجال دين يعتبرونه عقابا إلهيا على الرذيلة.. ومواقع معارضة ترجعه إلى أعمال قادة البلاد

TT

أطلق رجال الدين الشيعة المؤثرون في إيران تحذيرا يقول إن العاصمة المترامية الأطراف طهران على وشك مواجهة زلزال مميت، مما سيسفر عن إهلاك الملايين من الناس.

ويقول رجال الدين إن السبب وراء هذه النبوءة بسيط، وهو أن الرذيلة استشرت في أنحاء طهران، ويريد الله معاقبة المذنبين.

وقال آية الله عزيز خوشوقت، وهو واحد من كبار رجال الدين، للمصلين أثناء خطبة مؤخرة في شمال طهران: «اخرجوا إلى الشوارع وتوبوا من ذنوبكم. العذاب الإلهي واقع علينا. اتركوا المدينة».

وحتى بين الكثير من السكان غير المتدينين في العاصمة، التي يبلغ تعداد سكانها 12 مليونا، لم يتم أخذ هذه التحذيرات باستخفاف، فطهران تعد واحدة من أكثر العواصم المعرضة للزلازل في العالم، حيث إنها بنيت فوق تقاطع اثنتين من الطبقات التكتونية الرئيسية في الأرض. وهناك أكثر من 100 صدع تحت هذه المدينة. وأسفر زلزال ضرب مدينة بام، شرق إيران، عن مصرع عشرات الآلاف من الناس في عام 2003.

والمخاوف من تعرض طهران لزلزال كبير ليست جديدة، لكن النشاط الزلزالي المتزايد في جميع أنحاء العالم - بداية من الزلازل التي وقعت في الصين إلى باخا كاليفورنيا، إلى جانب الانفجار البركاني في أيسلندا - لم يقد إلى شيء سوى زيادة هذه المخاوف، ناهيك عن أن العلماء يقولون إنه من المستحيل التنبؤ بالتوقيت الأكيد لوقوع أي زلزال.

وقال أحد السكان المحليين العاطلين عن العمل، الذي قال إن اسمه ميسام: «إذا كانت الرذيلة هي ما تتسبب في وقوع الزلازل، لكان ينبغي وقوع فيضانات وانفجارات بركانية في طهران كذلك، لأن جميع الخطايا ترتكب في هذه المدينة الشاسعة».

وقد ذهب خوشوقت إلى حد تحذير الرئيس محمود أحمدي نجاد من الخطر، وذلك وفقا لأحد المواقع الإلكترونية الخاصة بالحرس الثوري الإيراني. وأثناء خطاب ألقاه أحمدي نجاد في الفترة الأخيرة، أشار إلى أن أحد رجال الدين أخبره بأن وقوع الزلزال أمر لا مفر منه.

وتم اتخاذ خطوات سريعة، فقد أعلن أحمدي نجاد أن الحكومة ينبغي لها أن تبدأ العمل في برامج لمساعدة 5 ملايين فرد على الأقل للانتقال من طهران في غضون السنوات القليلة المقبلة. وقد أعلن بعض الوزراء عن مكافآت تصل إلى 50 في المائة للموظفين الحكوميين الراغبين في الانتقال للعيش في مناطق أخرى.

بل إن هناك مناقشات بشأن نقل مقرات مؤسسات الدولة، وقد تساءل المتحف الوطني الإيراني القائم في طهران عن الموعد الذي يستطيع فيه نقل تشكيلة الأعمال الفنية التي لديه (300 ألف عمل فني) إلى موقع آمن.

وتأتي التحذيرات المتعلقة بالزلزال عقب أسابيع من الشكاوى من جانب شخصيات دينية حول ما يصفونه بالتدني في المعايير الأخلاقية في البلاد، خاصة فيما يتعلق بالنساء اللاتي خلعن الحجاب الإسلامي التقليدي والثوب الطويل عند قدوم فصل الربيع.

وقال حجة الله كاظم صديقي للمصلين في طهران الأسبوع الماضي: «النساء اللاتي لا يرتدين الحجاب... يقدن الشباب إلى الضلال، ويفسدن عفتهن وينشرن الزنا في المجتمع، وهو الأمر الذي يزيد من وقوع الزلازل».

وقد جعلت هذه النبوءات طهران تضج بالشائعات ونظريات المؤامرة. ويدعي البعض أنهم رأوا معسكرات سرية للاجئين على أطراف المدن. ويقول آخرون إن بعض السياسيين انتقلوا بعائلاتهم إلى مدن أخرى.

وتؤكد إحدى رسائل البريد الإلكتروني المنتشرة، التي كتبها معارضون للحكومة، أن الزلزال لن يكون قضاء وقدرا بل نتيجة أعمال قادة إيران، الذين يستثيرون الزلزال بمساعدتهم لسلاح الحرس الثوري الإيراني، الذي اعتقل المتظاهرين المناهضين للحكومة عقب الانتخابات المثيرة للجدل التي فاز بها أحمدي نجاد العام الماضي.

وقالت الرسالة: «إن الزلزال سيمنع هجوما ستقوم به الولايات المتحدة. فمن سيهاجم دولة عانت كارثة طبيعية؟!».

ولا يوافق خبراء الزلازل على هذا التحليل. وقال باهرام عكاشة، أستاذ الجيوفيزياء، في مقابلة أجريت معه: «الإيمان بالله شيء طيب للغاية، لكن لا ينبغي لنا التحوط».

ويعد عكاشة أكبر الخبراء في الزلازل في البلاد، وعكف على دراسة الأرض تحت طهران لأكثر من 35 عاما، ويتنبأ بمستقبل قاتم للعاصمة. وتزداد التوترات على طول خطوط الصدع على مر السنين. ويقول إن هناك احتمالا بنسبة 70 في المائة بوقوع زلزال قوته 7 درجات على مقياس ريختر. وتوقع عكاشة وغيره من العلماء أن يضرب هذا الزلزال البلاد في العقد الماضي استنادا إلى أنماط زلزالية سابقة في إيران.

وقال: «سيموت نصف السكان، وسيكون هناك انهيار لجميع البنية التحتية، وستتحطم السدود القريبة، وستندلع حرائق واسعة. وستصبح طهران غير صالحة للسكن تماما. ولا يوجد سبيل لتفادي وقوع ذلك. في الحقيقة لا نستطيع إنقاذ هذه المدينة».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»