السعودية: رحيل أحمد المبارك.. «الشيخ» و«الأديب» و«السفير»

عمل ممثلا للرياض في 5 دول.. وقضى 40 عاما في السلك الدبلوماسي.. ورحل عن 94 عاما

الشيخ أحمد بن علي المبارك
TT

غيّب الموت، أمس، الشيخ أحمد بن علي المبارك، الذي برحيله تكون السعودية قد فقدت أحد أهم رجالاتها الذين خدموا في السلك الدبلوماسي، منذ عهد الملك الراحل فيصل بن عبد العزيز، حيث عمل ممثلا لبلاده في 5 دول.

وحرص خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، حينما كان وليا للعهد، على تكريم الشيخ المبارك في واحدة من أهم التظاهرات الثقافية التي تشهدها البلاد، حيث كان شخصية عام 2003 الثقافية في المهرجان الوطني للتراث والثقافة.

ورحل الشيخ المبارك، عن عمر يناهز 94 عاما، قضى جلها في خدمة الوطن والأدب والشعر. وسيصلى عليه عصر اليوم (السبت) وسيواري جثمانه الثرى في مقبرة الصالحية، وسيتقبل العزاء فيه في مجلس أسرة آل مبارك.

المبارك، الذي كان آخر عهده في العمل الحكومي، حينما تولى منصب مدير الإدارة الإسلامية بوزارة الخارجية، ولد في محافظة الهفوف بالأحساء (شرق السعودية) في عام 1916، حيث درس الفقه والحديث والنحو والصرف والأدب والتاريخ على يد والده وعدد من مشايخ الأحساء. وقد بدأ دراسته على يد «المطوع» في ذلك الوقت وعمره سبع سنوات.

وتعود أولى مغامراته في طلب العلم حين كان عمره 15 عاما، حين تغرب بغرض مواصلة تعليمه في بعض الحواضر العلمية كالقاهرة وبغداد، ولاعتراض والده على غربته المبكرة وخوفا عليه «من رفاق السوء»، كما يذكر هو في كتاباته، سافر سرا في رحلة مليئة بروح المغامرة إلى بغداد، حيث انتقل من الأحساء إلى البحرين وتنقل من هناك في عدة جزر في الخليج العربي، ثم اتجه بحرا إلى الكويت ومنها إلى مدينة البصرة فبغداد، ودرس في دار العلوم العربية والدينية لكنه لم يستقر نفسيا.

حاول المبارك وقتها، العودة مجددا إلى الأحساء، وراح يكتب لوالده هناك طالبا الأمان، حتى عاد إلى مسقط رأسه، بعدها تجدد حنينه لطلب العلم، ولم تفلح محاولات ذويه في ثنيه عن الهجرة في سبيل ذلك، فكتب من أجله والده الشيخ علي بن عبد الرحمن المبارك (المتوفى سنة 1362هـ، 1941م) كتابا للملك عبد العزيز في الرياض يلتمس منه ابتعاث ولده أحمد المبارك إلى القاهرة للدراسة في الجامع الأزهر.. وقد تم له ما أراد.

انتظم بعدها المبارك في الدراسة في الأزهر وتدرج في دراسته الإعدادية والثانوية، ثم التحق بكلية اللغة العربية وحصل منها على ليسانس في اللغة العربية وآدابها، سنة 1949، ثم التحق بجامعة عين شمس وحصل منها على دبلوم في التربية وعلم النفس من معهد التربية العالي عام 1951.

بعد عودته للمملكة التحق في عام 1952 بمديرية المعارف العامة وكانت أول وظيفة له مفتشا عاما للمدارس الابتدائية والثانوية. وبعد عام تم تعيينه معتمدا للمعارف في منطقة جدة ورابغ، وبعد أن تحولت المعارف إلى وزارة أصبح مسمى وظيفته مديرا عاما للتعليم في جدة.

في 1954 نقلت خدماته لوزارة الخارجية، وعين بها مديرا للإدارة الثقافية والصحية، وبعدها بعام وتحديدا في 1955 انتقل للعمل في سفارة المملكة لدى الأردن ثم عمل في سفارة بلاده لدى الكويت. ثم أعيد ليعمل في وزارة الخارجية برتبة مستشار ومدير لإدارة الصحافة والنشر.

وفي 1962 عمل قنصلا للمملكة في مدينة البصرة بالعراق، لمدة 3 سنوات، ليعين في عام 1965، قائما بالأعمال في أكرا عاصمة دولة غانا، ليحط رحاله بعد 5 سنوات، وتحديدا في عام 1970 كسفير لبلاده لدى قطر بعد استقلالها، حيث كان أول سفير للمملكة لديها، قبل أن يعود مجددا لوزارة الخارجية ويعين مديرا للإدارة الإسلامية بالوزارة وممثلا للمملكة في منظمة وزراء خارجية الدول الإسلامية، حيث استمر بها إلى أن انتهت خدماته عام 1994.