بلجيكا تبحث حل أزمتها وتزايد الحديث عن تقسيم البلاد

عقب استقالة الحكومة بسبب النزاع بين الفلامانيين والفرانكفونيين

جون ميشال جافو زعيم حزب الخضر يتحدث للصحافيين أمس بعد مغادرته القصر الملكي في بروكسل حيث شارك في مشاورات أجراها الملك ألبرت الثاني بشأن الأزمة السياسية في البلاد (رويترز)
TT

استأنف ملك بلجيكا أمس لليوم الثاني، مشاوراته مع قادة الأحزاب والقوى السياسية المختلفة في البلاد، حول كيفية الخروج من الأزمة الحالية التي تشهدها البلاد، في أعقاب استقالة حكومة ايفس لوترم أول من أمس، على خلفية انسحاب الحزب الليبرالي الفلاماني من الائتلاف الحكومي، احتجاجا على عدم تسوية النزاع بين الفلامانيين والفرانكفونيين بشأن المنطقة الانتخابية «بروكسل فلفورد هالا».

والتقى الملك ألبرت في قصره بضاحية لاكن ببروكسل، رؤساء أحزاب الديمقراطي الإنساني، والاشتراكي الوالوني، والخضر، والديمقراطي الفلاماني. وكان الملك التقى أول من أمس رئيس الحكومة المستقيلة، ورئيسي مجلسي النواب والشيوخ، وبعدها زعيم الحزب الليبرالي الفلاماني الكسندر ديكرو. وقال الأخير في تصريحات بعد ساعات من الاستقالة، إن الأمل لا يزال موجودا بشأن عودته للتفاوض، ولكن بعد أن تصدر عن الحكومة إشارة تبرهن لنا على إمكانية إعادة الثقة فيها. من جانبه قال نائب رئيس الحكومة رينيه ديدير من حركة الإصلاح الليبرالي الوالوني، إنه يجب التركيز حاليا على المستقبل، وحان الوقت لطرح السؤال الهام كيف يمكن لنا أن نعيش معا في بلجيكا خلال المرحلة القادمة؟

في هذه الأثناء أعربت إسبانيا التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي أمس عن الأمل في أن تتمكن بلجيكا التي ستخلفها في رئاسة الاتحاد في الأول من يوليو (تموز) المقبل، من تخطي الأزمة الحالية. وقال وزير الخارجية الإسباني ميغيل أنخيل موراتينوس على هامش اجتماع للحلف الأطلسي في تالين «آمل أن تتم تسوية هذه القضية في بلجيكا». بيد أنه لم يبد قلقا حيال آثار الأزمة البلجيكية على الاتحاد الأوروبي. وكما هي العادة في التناوب فإن الرئاسة الإسبانية «عملت أصلا حول أبرز القضايا الأوروبية» مع بلجيكا. وتعطي بلجيكا، التي تعيش في أزمة متواصلة، الانطباع بأنها بصدد الذوبان ببطء. ومنذ آخر انتخابات تشريعية في يونيو (حزيران) 2007 تسارعت وتيرة ولادة الحكومات ورحيلها في الوقت الذي يدير فيه المعسكران الظهر بعضهما لبعض.

وتزايدت صلابة الحواجز اللغوية التي تقسم البلاد ولم يعد الفرانكفونيون الذين لا يتحدثون الهولندية مرحبا بهم في منطقة الفلامن. كما أن الأحزاب السياسية مقسمة منذ سبعينات القرن الماضي وتعطي قراءة وسائل إعلام المجموعتين القارئ الشعور بأنه إزاء بلدين مختلفين. وتطالب المنطقة الشمالية من البلاد بمزيد من السلطات الذاتية في الوقت الذي تم فيه تقليص الصلاحيات الفيدرالية إلى حدود ضئيلة من أجل التوجه إلى نموذج «كونفدرالي». وبحسب استطلاع للرأي أجري مؤخرا فإن نحو 40 في المائة من الناخبين الفلامانيين يدعمون حتى الأحزاب المؤيدة للانفصال.

وأظهرت بلجيكا في الماضي قدرة لا شك فيها على تجاوز أزماتها المتكررة، لكن هذه المرة يبدو الأمر في غاية الخطورة. وقال بيار فيركوتيرين المحلل السياسي في جامعة مون «إن الثقة تتضاءل باستمرار في بقاء بلجيكا على الأمدين المتوسط والبعيد».