جمهوريون يتأهبون لمعركة الرئاسة الأميركية مبكرا

عبر بوابة انتخابات التجديد النصفي بالكونغرس

TT

ربما يعتقد البعض أنه ليس هناك عضو متعقل في الحزب الجمهوري يطمح إلى الوصول لمنصب رئاسة الولايات المتحدة، ويقدم على الدخول في صراع دموي داخل حزبه، لكن وجهة النظر هذه يثبت خطؤها هذا العام، ذلك أن المرشحين المحتملين للتنافس على ترشيح الحزب الجمهوري أحدهم لخوض انتخابات الرئاسة عام 2012 يقتحمون التنافس على إعلان التأييد لمرشحين في انتخابات مجلس الشيوخ بأعداد كبيرة على نحو غير اعتيادي عبر مختلف أرجاء البلاد.

ففي فلوريدا مثلا، انضم هذا الأسبوع ميت رومني إلى منافسيه الرئاسيين السابقين، وربما المستقبليين، مايك هوكابي ورودولف غيلياني إلى الفريق المؤيد لماركو روبيو، المرشح لمجلس الشيوخ. ويبدو ذلك رهانا مضمونا، ذلك أن الرئيس السابق لمجلس نواب فلوريدا تمكن من إحراز مكانة متقدمة مبهرة في الانتخابات التمهيدية داخل الحزب الجمهوري لدرجة أن الحاكم تشارلي كريست، المرشح الذي كان مفضلا من قبل، ربما يضطر إلى التخلي عن حزبه والترشح بصورة مستقلة في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

ومع مرور الوقت، يتكشف أن هذا العام سيكون أي ارتباط لمرشح محتمل خلاله بواشنطن والمؤسسة السياسية أمرا شديد الخطورة، مما يعد انحرافا عن الحسابات القديمة التقليدية التي قامت على أن الانتخابات التمهيدية تخلق أعداء بلا داع.

وأشار جون ويفر، المفكر الاستراتيجي المخضرم، إلى أنه في ظل هذا المناخ ربما يشكل اقتحام المعركة، خطوة ذكية للمرشحين الرئاسيين الراغبين في إبداء إخلاصهم. وحتى الآن، تركت مواقفهم تأثيرا ملحوظا على الانتخابات الأولية داخل الحزب الجمهوري من كنتاكي وكارولاينا الجنوبية حتى إنديانا ونيويورك.

وواضح أن المتنافسين المحتملين على الترشح للرئاسة حريصون على ربط صورتهم بالثورة المتفاعلة في الأعضاء العاديين أنفسهم داخل الحزب، الأمر الذي يوحي باعتقادهم أن التنافس على الترشح للرئاسة عام 2012 سيحمل طابعا مختلفا عن السبيل المعتاد للترشح داخل الحزب، الذي كان أشبه بقرار تتويج لمرشح معين من جانب المؤسسة الحاكمة في الحزب. وعلق رالف ريد، الذي يترأس منظمة محافظة تدعى «ائتلاف الإيمان والحرية»، بقوله: «إنها دراسة حالة، على ما أعتقد، لأوسع سباقات الترشح للرئاسة داخل الحزب الجمهوري منذ عام 1964، أو ربما على الإطلاق».

عادة ما تسهم عمليات إعلان التأييد لأعضاء بعينهم في تمتعهم بمكانة بارزة وتبرعات كبيرة. هذا العام، يبدو أن السياسيين المتطلعين إلى تلميع صورتهم هم الأكثر سخاء في إعلان تأييدهم لمرشحي الحزب. ومن شأن إعلان التأييد لمرشح ما في توقيت مناسب من قبل مرشح رئاسي محتمل تسليط أضواء الإعلام على اسم المرشح. إلا أن الانحياز إلى صف بعينه في الانتخابات التمهيدية لا يخلو من مخاطرة، ذلك أنه في حال خسارة المرشح الذي أعلنت تأييدك له، فإنك قد تتعرض للانتقام من جانب الفائز. ويفسر ذلك، على سبيل المثال، أن قائمة معلني التأييد لروبيو من الشخصيات الحزبية رفيعة المستوى لم تشرع في التنامي إلا بعد أن كشفت استطلاعات الرأي تقدمه.

والملاحظ أن أحدا من المرشحين المحتملين للتنافس على ترشيح الحزب الجمهوري لأحدهم في انتخابات الرئاسة لم يبد قوة وحماسا في إعلان تأييد مرشحين انتخابيين أكثر من سارة بالين، التي مدت يد العون إلى أكثر من 10 مرشحين حتى الآن. كانت بالين قد خرجت عن صمتها مبكرا بإعلانها تأييد مرشح الحزب المحافظ، دوغ هوفمان، في مواجهة ديد سكوزافافا، الجمهوري الأكثر اعتدالا، وذلك في خضم تنافسهما المحتدم في إطار انتخابات خاصة داخل الدائرة الـ23 في نيويورك. وقد أسفرت الحرب التي أشعلتها هذه الانتخابات عن خروج المرشح الجمهوري من السباق وتمكن الديمقراطيين من الفوز بالمقعد.

مؤخرا، أثارت حاكمة ألاسكا السابقة والمرشحة لمنصب نائب الرئيس في الانتخابات الرئاسية عام 2008، الدهشة داخل الحزب الجمهوري بإعلان تأييدها راند بول، مرشح «حفلات الشاي»، الذي يهدد بهزيمة المرشح المنتقى من قبل مؤسسة الحزب، تري غرايسون، في الانتخابات التمهيدية لعضوية مجلس الشيوخ في كنتاكي. كان بول قد صرح، من بين أشياء أخرى، أنه لا ينبغي أن تتدخل الحكومة الفيدرالية في فرض القوانين المتعلقة بالمخدرات وأنه لو أتيحت له الفرصة، لكان صوت ضد حرب العراق.

بالنسبة إلى مرشح رئاسي محتمل لا يزال يحاول بناء سمعة له على الصعيد الوطني، لا تتوافر خطوط واضحة تحدد متى وكيف ينبغي أن يقتحم صراع الانتخابات التمهيدية. على سبيل المثال، أعرب تيم بولنتي، حاكم مينيسوتا، أيضا عن تأييده مرشح الحزب المحافظ في نيويورك في الانتخابات الخاصة. إلا أنه عندما كشف في أواخر مارس (آذار) الماضي عن قائمة من سبعة مرشحين يؤيدهم في انتخابات 2010، التزم بإعلان وقوفه إلى جانب مرشحين في الانتخابات التمهيدية يبدو فوزهم من المؤكد. على الجانب الآخر، أعلن السناتور جيم ديمينت، في الأيام الأخيرة تأييده لمرشحين محافظين في انتخابات مجلس الشيوخ مناهضين للمؤسسة المسيطرة داخل الحزب، وذلك في كولورادو وإنديانا، مما أثار تكهنات بأنه يرمي للتنافس على الترشح للرئاسة عن الحزب عام 2012.

ويشار إلى أن الطامحين إلى التنافس على الرئاسة عمدوا منذ أمد بعيد استغلال موسم انتخابات التجديد النصفي أواخر العام الحالي لتعزيز مهاراتهم بمجال الحملات الانتخابية وبناء شبكات سياسية لهم. ومن المعروف أن ريتشارد نيكسون عمد عام 1966 إلى اقتحام انتخابات الكونغرس في نفس ذلك العالم لتسليط الأضواء على نفسه باعتباره مرشحا رئاسيا محتملا لعام 1968.

* خدمة «واشنطن بوست» - خاص بـ«الشرق الأوسط»