الرباط تتحول في نهاية كل أسبوع إلى مدينة للراجلين

قلب العاصمة المغربية يغلق في وجه السائقين لفسح المجال أمام المشاة

TT

تكاد العاصمة المغربية تتحول في نهاية كل أسبوع إلى مدينة للمشاة. لم يختلف يوم أمس عن ذلك، إذ أغلقت معظم الشوارع، وأضحى غير متاح لسائقي السيارات والحافلات التحرك في الشوارع الرئيسية، خاصة في وسط المدينة الذي أغلق بالكامل. في نهاية كل أسبوع يتحول قلب الرباط إلى ساحات للمشاة والدراجات والسباقات، وأمس تعرضت حركة المرور في عدد من شوارع العاصمة المغربية إلى شلل تام، حيث توقفت السيارات والحافلات مفسحة المجال للراجلين والمتسابقين. وشهدت المدينة أمس ماراثون (سباق على الطريق) شاركت فيه نساء من كل الفئات جئن من مختلف المدن المغربية.

وقالت نزهة بيدوان، العداءة المغربية السابقة ورئيسة جمعية «المرأة إنجازات وقيم» التي أشرفت على السباق، إن هذا الماراثون أضحى من أكبر التظاهرات النسائية في العالم. وذكرت في ندوة تقديمية للسباق أن الهدف منه يكمن في توعية المرأة المغربية بأهمية ممارسة الرياضة باعتبارها وسيلة تساعد على الصعيدين الاجتماعي والمهني وتشجيعها على الانخراط في الحركة الرياضية بصفة عامة والمساهمة في النهوض بالرياضة النسائية بصفة خاصة. وأوضحت بيدوان بطلة العالم مرتين (1997 و2001)، وحاملة ذهبية كأس العالم (1998)، أن تنظيم هذه التظاهرة يأتي تتويجا لبرنامج من الأنشطة قامت به الجمعية خلال العام الماضي، شمل الجوانب الرياضية والتربوية والاجتماعية والإنسانية.

وعرف سباق أمس مشاركة نحو 22 ألف متسابقة من مختلف الأعمار والشرائح الاجتماعية، يمثلن عددا من المؤسسات التعليمية والجمعيات الرياضية والثقافية والتعاون الوطني والسلك الدبلوماسي المعتمد بالرباط، فضلا عن عداءات من الأولمبياد الخاص المغربي وفتيات من الأقاليم الجنوبية والقرى النائية.

وفازت العداءة مليكة أسحساح بلقب الدورة الثالثة لسباق النصر، واحتلت المرتبة الثانية في هذا السباق زهور القمش (الجيش الملكي) وهي عداءة على الصعيد العالمي، وفي المرتبة الثالثة بشرى السهلي (الجيش الملكي) والرابعة مليكة بلفقير. وقالت مليكة أسحساح إن مشاركتها في هذا السباق على الطريق تندرج في إطار تحضيراتها لمشاركات مقبلة، معربة عن ارتياحها للمشاركة القياسية في هذا الموعد السنوي «الذي يؤكد الإقبال النسوي المتزايد على الممارسة الرياضية».

ومن جهتها، قالت رئيسة الجمعية المنظمة نزهة بيدوان إن الدورة حققت الأهداف المتوخاة، سواء من حيث حسن التنظيم أو المشاركة المكثفة للفتيات والنساء. وأضافت أن جمعية «المرأة إنجازات وقيم» ستنظم سباقين في فاس (وسط المغرب) وشفشاون (شمال المغرب) على التوالي يومي 9 و23 مايو (أيار) المقبل، إضافة إلى سباق آخر بمدينة العيون سيتم تحديد موعده في وقت لاحق.

وفي نهاية السباق، تم تسليم كؤوس وجوائز للفائزات في مختلف الفئات، إضافة إلى المشاركتين الأكبر سنا (68 سنة) والأصغر سنا (سنتين ونصف السنة) من طرف منصف بلخياط وزير الشباب والرياضة، وحسن العمراني والي جهة الرباط، وفتح الله ولعلو عمدة مدينة الرباط، وشارك بعض العدائين السابقين في الحفل.

ونوه خالد السكاح، العداء المغربي والبطل العالمي السابق، بهذه السباقات التي تشهدها الرباط وقال لـ«الشرق الأوسط» إنها تبين ما سماه «النهضة الرياضية في المغرب»، مشيرا إلى أنها تدفع بعجلة ألعاب القوى.

وقال إن هذه التظاهرات الرياضية تعرف بألعاب القوى، وتقرب الشباب من الرياضة، كما أنها تصقل مواهبهم وأيضا خبرة المنظمين لمثل هذه النشاطات. وأضاف «سنة بعد سنة يلاحظ بشكل واضح تحسن التنظيم، وتتجلى بصمات الخبرة فيه». واعتبر أن هذه السباقات من شأنها أن تساعد على تنظيم ماراثونات كبيرة، وأعطى مثالا عن ذلك بماراثون نيويورك العالمي الذي كانت بدايته عبارة عن سباق لمسافة ستة آلاف كيلومتر، معتبرا أن ما تعرفه الرباط هذه الأيام هو عرس رياضي يجمع الرياضيين المحترفين بالناس.

وتعرف الرباط منذ أسابيع تنظيم سباقات وماراثونات جعلت شكلها يتحول من مدينة مكتظة بالسيارات والحافلات إلى مجال للدراجات والمشاة من مختلف المدن والشرائح الاجتماعية والأعمار، كما تنظم فيها مهرجانات للأطفال وحفلات فنية ومسابقات، وتتزامن هذه النشاطات مع اختيار العاصمة المغربية إلى جانب واشنطن ونيويورك وبوينس آيرس وطوكيو وكالكوتا، لاحتضان الاحتفالات بالذكرى 40 ليوم الأرض.مما جعل الرباط تتخذ حلة جديدة وتتزين بكل ما هو أخضر، وترفع شعارات تدعو للاهتمام بالبيئة والحفاظ عليها، فكل الملصقات واللوحات الإعلانية في شوارع المدينة لا تتحدث سوى عن البيئة وتنتشر فيها أشجار ورقية ودراجات خضراء وهو حال الصحف والقنوات المغربية التي تطلق حملات توعية للتعريف بأهمية الحفاظ على البيئة.

وستستمر الرباط في العيش على إيقاع الاحتفالات والمهرجانات مع اقتراب انطلاق مهرجان موازين الدولي للموسيقى، الذي تنظمه جمعية مغرب الثقافات، ويستقبل فنانين مغاربة وعالميين ومجموعات غنائية واستعراضية من 50 دولة من القارات الخمس، ويستقطب آلاف المغاربة والأجانب والمعجبين من كل بقاع العالم. وهو ما سيعني أيضا إغلاق عدد من الشوارع كذلك أمام حركة المرور، بحيث ستتحول الرباط من جديد إلى مدينة مشاة. وسينظم مهرجان موازين الدولي للموسيقى في 21 مايو المقبل، ويمتد أسبوعا كاملا، وهو ينظم حفلات مجانية مفتوحة للجمهور، مما يساهم في إقبال استثنائي.