يشاي يعود للبحث عن مخططات استيطانية جديدة في القدس

نتنياهو يواجه صراعا داخل «الليكود» على خلفية البناء الاستيطاني

TT

في الوقت الذي تحاول فيه الإدارة الأميركية تسوية الخلافات مع إسرائيل واستئناف مفاوضات السلام المتعثرة بسبب البناء الاستيطاني في القدس والضفة الغربية، كشف النقاب في تل أبيب، أمس، عن عودة وزير الداخلية الإسرائيلي، إيلي يشاي، إلى البحث عن مخططات استيطانية جديدة في القدس.

فقد تبين أن المدير العام لمكتب الوزير، جابي ميمون، بعث برسالة إلى اللجنة اللوائية للتنظيم والبناء، يطلب فيها استئناف الأبحاث المجمدة في مشاريع البناء «كما كنا نفعل في الماضي». ومع أن ميمون سجل في الرسالة تحفظا، كاتبا «المخططات ذات الوزن الثقيل يجب أن تطرح أمامي قبل طرحها في اللجنة»، فإن استئناف البحث في مخططات استيطانية في القدس الشرقية المحتلة، أيا كان حجمها، تعتبر استفزازا مقصودا، يراد منه تفجير الموضوع من جديد.

والمعروف أن الوزير يشاي، هو الذي يقف وراء المشروع الاستفزازي ببناء 1600 وحدة سكن يهودية في حي شعفاط العربي في القدس الشرقية، والذي أعلن قبل شهرين إبان زيارة نائب الرئيس الأميركي، جو بايدن، إلى المنطقة وتسبب في حينه بأزمة كبيرة بين الإدارة الأميركية وإسرائيل.

ووجهت واشنطن اتهاما مباشرا في بيان رسمي إلى الوزير يشاي. وعلم أن الأميركيين طلبوا من رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، إقالة يشاي. وعندما حاول نتنياهو تسوية المشكلة بطريقة «محترمة»، طرحت وزيرة الخارجية، هيلاري كلينتون، والرئيس باراك أوباما، سلسلة مطالب كشروط لاستئناف المفاوضات.

ومن أبرز هذه المطالب: إلغاء المشروع المذكور لبناء 1600 وحدة سكن، وقف البناء الاستيطاني في جميع أحياء القدس الشرقية، إعادة فتح مكاتب منظمة التحرير الفلسطينية في القدس، الاستمرار في تجميد البناء الاستيطاني الجزئي في الضفة الغربية، الذي تقرر لمدة عشرة شهور، وعدم استئنافه في نهاية المدة المقرر أن تنتهي في سبتمبر (أيلول) المقبل، إطلاق سراح ألفي أسير فلسطيني من السجون الإسرائيلية، تخفيف الحصار عن قطاع غزة، الانسحاب من المناطق التي أعادت إسرائيل احتلالها من الضفة الغربية بعد الانتفاضة في سنة 2002، إزالة الحواجز العسكرية داخل الضفة، وغيرها.

وما زالت المحادثات جارية حول هذه المطالب، وخلال المفاوضات كشف أن نتنياهو توجه إلى الرئيس الروحي لحزب «شاس»، الحاخام عوفاديا يوسف، عبر رئيس الدولة شيمعون بيريس، قبل ثلاثة أسابيع، طالبا رأيه في تجميد البناء الاستيطاني في القدس. وحاول بيريس شرح خطورة حدوث أزمة مع الإدارة الأميركية. فأفتى يوسف بالسماح بوقف البناء في القدس حتى لا تكون هناك أزمة في العلاقات مع «ملك العالم»، أي الولايات المتحدة.

وأثار نشر هذه الفتوى غضب إيلي يشاي، وليس من المستبعد أن يحاول استخدام نفوذه كوزير للداخلية لإجهاضها. ويرى المراقبون أن تصرف يشاي هذا يكشف عن خلافات داخل قيادة «شاس».

من جهة ثانية، أشارت مصادر سياسية في معسكر اليمين الإسرائيلي إلى أن نتنياهو أيضا يواجه صراعا داخل حزبه «الليكود» على خلفية البناء الاستيطاني في القدس. ففي معسكر اليمين المتطرف، يتربصون به ويستعدون لتوجيه صفعة قوية له خلال مؤتمر الحزب الذي سيعقد بعد غد، الخميس. فهم يتهمونه بالضعف في مواجهة الإدارة الأميركية والتفريط بالقدس والانحراف إلى اليسار، والتحول إلى أسير بأيدي رئيس الدولة شيمعون بيريس ووزير الدفاع إيهود باراك. ويتهمونه بخيانة المعسكر القومي الذي انتخبه على أساس برنامج الليكود السياسي، بينما هو ينفذ برامج أحزاب اليسار.

ويقود معسكر المعارضة في الليكود، المستوطن موشيه فاغلين، الذي أعلن أمس أن نتنياهو يضلل أعضاء الحزب ويدير معركة ضد معارضيه بدعوى أنها معركة شخصية، بينما في الحقيقة هي معركة سياسية بين رئيس حزب يتخاذل أمام العرب والأميركيين وبين أناس مخلصين لمبادئ الحزب.

تجدر الإشارة إلى أن صحيفة «معاريف» الإسرائيلية نشرت خبرا، في عددها أمس، مفاده أن هناك اتفاقا سريا بين إسرائيل والولايات المتحدة يقضي بأن تلغي إسرائيل غالبية مشاريعها الاستيطانية في القدس الشرقية من دون إعلان، وأن تمتنع واشنطن عن ممارسة ضغوط على إسرائيل في هذا الشأن، وإن كان لها انتقاد توجهه سرا.