الحريري: تحريك المسار الفلسطيني هو الطريق الوحيد لتبريد أجواء المنطقة وإعادة الاستقرار إليها

يواصل مساعيه الدولية بالتكامل مع «دول الاعتدال» العربي للجم «أي حماقة إسرائيلية»

TT

يستكمل رئيس الحكومة اللبنانية، سعد الحريري، اتصالاته العربية والدولية الهادفة إلى تكوين «شبكة أمان» عربية ودولية لحماية لبنان من أي عدوان إسرائيلي محتمل في ظل تصاعد وتيرة التهديدات الإسرائيلية، فأجرى اتصالا هاتفيا برئيس الوزراء الإسباني، الذي ترأس بلاده الاتحاد الأوروبي، يضاف إلى عدد كبير من الاتصالات التي أجراها في الأيام القليلة الماضية سعيا إلى تشكيل «نواة ضغط عربية ودولية» ضد إسرائيل. وقالت مصادر رئيس الوزراء اللبناني لـ«الشرق الأوسط» إنه يسعى إلى «تحميل المجتمع الدولي مسؤولياته إزاء الضغط على إسرائيل لمنعها من ارتكاب أي حماقة في لبنان والمنطقة، وإعطاء الأولوية لتحريك ملف المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية وإعادة الاعتبار إليها كأولوية لدى المجتمع الدولي، لأنه (الحريري) يرى أن إسرائيل توتر الأجواء للتفلت من الضغوطات»، مشيرة إلى أن الحريري يعتقد أن هذا هو الطريق الوحيد الذي يمكن أن ينفع في تبريد الأجواء في المنطقة وإعادة الاستقرار إليها.

وسيزور الحريري اليوم الرئيس المصري حسني مبارك في منتجع شرم الشيخ، وستتركز الزيارة، بعد تهنئة مبارك بسلامته في أعقاب العملية الجراحية التي أجريت له في ألمانيا «تطورات الأوضاع على الساحة اللبنانية ومجمل العلاقات العربية، وآخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها عملية السلام والقمة العربية الأخيرة في ليبيا، إلى جانب سبل تعزيز التعاون المصري - اللبناني في المجالات كافة».

في إطار الاتصالات، التي يجريها الحريري مع القيادات والمسؤولين الأوروبيين لمواجهة التهديدات الإسرائيلية، أجرى قبل ظهر أمس اتصالا هاتفيا برئيس الوزراء الإسباني خوسيه لويس ثاباتيرو. وقد أكد الحريري، وفق بيان لمكتبه الإعلامي، ضرورة إتباع الموقف الأوروبي بخطوات عملية ملموسة للضغط على إسرائيل لدفعها إلى وقف رفضها المتواصل القبول بالمطالب الفلسطينية المحقة والمشروعة، والانصياع لجهود المجتمع الدولي لدفع مسيرة السلام قدما إلى الإمام، لافتا إلى التزام لبنان الكامل بتطبيق القرار 1701. ونقل بيان رئاسة الحكومة اللبنانية عن رئيس الحكومة الإسبانية تأكيده للرئيس الحريري أن بلاده، التي ترأس حاليا الاتحاد الأوروبي، ستسهم بالعمل مع الأطراف كافة في المجتمع الدولي لإعادة إحياء المسار التفاوضي الفلسطيني - الإسرائيلي كأولوية أساسية في هذه المرحلة، مشددا على أن إسبانيا مستمرة في مراقبة الموقف في المنطقة من أجل تأمين جو من الاستقرار والحوار.

ووصف عضو كتلة الحريري، النائب عقاب صقر، تحرك الحريري «الهاتفي» بأنه «استكمال للزيارات الخارجية التي قام بها مؤخرا انطلاقا من حرصه على إقامة شبكة أمان عربية ودولية للواقع اللبناني تضاف إلى مساعيه في تحصين الوضع الداخلي والحؤول دون قيام إسرائيل بعدوان أو اعتداء جديد على لبنان»، مشيرا إلى أن الذين كانوا ينتقدون زيارات الحريري الخارجية بدأوا الآن يدركون أهمية ما قام - ويقوم - به. وكشف صقر عن سلسلة اتصالات يقوم بها الحريري بعيدا عن الأضواء أيضا تصب في الاتجاه نفسه، مشيرا إلى أن الحريري «يحاول أن يوصل إلى الإسرائيليين رسالة، مفادها أن الواقع الداخلي اللبناني متماسك وأن رئيس حكومة لبنان يقول بالصوت العالي إن أي اعتداء إسرائيلي على لبنان، هو اعتداء شخصي عليه وعلى حكومته الديمقراطية المنتخبة، لا على فريق واحد في لبنان». وتحدث صقر عن مساع يقوم بها الحريري مدعوما من دول الاعتدال العربي، وفي مقدمها السعودية التي يقوم المسؤولون فيها باتصالات علنية وغير علنية في المحافل الدولية لدعم لبنان وتجنيبه الضربات الإسرائيلية، واصفا الدور المصري والكلام الذي أدلى به وزير خارجيتها في بيروت بأنه «رسالة عربية لمنع الضربة»، مشيرا إلى أن الحريري سعى إلى هذا المحور العربي وأصبح جزءا منه، معتبرا أن هذه الخطوات التي يقوم بها الحريري مدعوما من دول الاعتدال العربي «فعالة ومؤثرة دوليا»، مبررا ذلك بأن هذه الدول بما تمثله من اعتدال وشخص الحريري المعتدل تحظى مجتمعة بقدر عال من الصدقية وأصواتها مسموعة في الخارج.

وشدد صقر على أن الحريري برده على إشاعات «السكود» الإسرائيلية «إنما كان يحمل جبلا من الضغوط على عاتقه، فيما كان البعض في لبنان يتلهى بالتعامل مع الموضوع من نظرة ضيقة وبحرتقات لا تخفى على أحد».

ووجه صقر انتقادات إلى الموقف الإيراني، الذي يأتينا بقضية الجزر الإماراتية المحتلة والمناورات، ليخفف من دون قصد الضغط الدولي على إسرائيل ويحرف الأنظار عن ممارساتها، داعيا الإيرانيين إلى أن يكونوا «أكثر حكمة» قائلا: «يا حبذا لو تنهي إيران قضية الجزر بإعادتها إلى أصحابها في إطار قرار استراتيجي كبير يمنع الشرخ في الجسم العربي - الإيراني».