تايلاند: التدخل المضاد للموالين للحكومة على الخط يعمق الأزمة

«القمصان الصفر» يطالبون بالأحكام العرفية.. ويهددون بتحركات أكثر ضد «الحمر»

TT

دخلت الأزمة السياسية في تايلاند منعطفا جديدا، تمثل في دخول حركة «القمصان الصفر» الموالية للحكومة على الخط، عبر مطالبتهم أمس بإعلان الأحكام العرفية وتهديدهم بتكثيف تحركاتهم ضد أصحاب «القمصان الحمر» المتظاهرين منذ منتصف الشهر الماضي في وسط العاصمة بانكوك.

وقال سوريا ساي كاتاسيلا المتحدث باسم حزب السياسة الجديدة، إن «رئيس الوزراء (ابهيسيت فيجاجيفا) يعرف جيدا أن التدابير العسكرية ضرورية في هذا الوضع، لأنه بات من الصعب التوصل إلى تسوية سياسية»، معتبرا أنه «من الضروري إعلان الأحكام العرفية». يشار إلى أن الحكومة أعلنت في 7 أبريل (نيسان) الحالي حالة الطوارئ في بانكوك وخمسة أقاليم مجاورة، إلا أن ذلك لم يؤد إلى إنهاء احتلال حي في وسط المدينة من قبل «القمصان الحمر» الأعداء اللدودين «للقمصان الصفر»، الذين يؤكدون أنهم لن ينسحبوا قبل استقالة ابهيسيت.

وقد وجهت حركة «القمصان الصفر» التي كانت تسمى تحالف الشعب من أجل الديمقراطية، في 18 ابريل إنذارا إلى الحكومة أمهلتها فيه أسبوعا لإيجاد حل للأزمة التي اتخذت منحى عنيفا منذ مواجهات 10 أبريل (25 قتيلا و800 جريح)، وإلقاء قنابل يدوية في 22 أبريل (قتيل واحد و85 جريحا). ووعد المتحدث باسم «القمصان الصفر» أيضا بـ«تكثيف التحركات» إذا استمر المأزق، دون أن يقدم مزيدا من التفاصيل.

لكن الأمل في التوصل إلى حل ودي بين الطرفين بات بعيدا بعد رفض رئيس الوزراء إجراء مفاوضات. وكان «القمصان الحمر» أعلنوا استعدادهم للحوار شرط حل البرلمان في غضون 30 يوما وإجراء انتخابات نيابية خلال ثلاثة أشهر. وكرر ابهيسيت الذي ظهر أول من أمس مع قائد الجيش وعده بإخراج المتظاهرين، لكنه لم يحدد مهلة لتدخل محتمل.

وازدادت المخاوف من تدهور يخرج عن السيطرة إذا حصلت مواجهة بين «القمصان الحمر» و«القمصان الصفر»، بعد أن هدد الموالون للحكومة الذين اتسمت مواقفهم بالتحفظ النسبي حتى الآن، بالتدخل من أجل «حماية الأمة». و«القمصان الصفر»، الذين يجمعون تحت رايتهم الموالين والمدافعين عن النخب الارستقراطية والمالية في بانكوك، يعتبرون أنفسهم ضمانة للملكية في وجه «القمصان الحمر» الذين يطالبون بعودة رئيس الوزراء المنفي تاكسين شيناواترا ويصفون هؤلاء «بالإرهابيين».

وكان ابهيسيت استفاد في أواخر 2008 من حركة احتجاج قوية أطلقها «الصفر» ضد حكومة موالية لتاكسين، للوصول إلى السلطة بعد تغير التحالفات النيابية. لكن «الحمر» ينكرون عليه أي شرعية ويتظاهرون منذ منتصف مارس (آذار) الماضي للمطالبة باستقالته وإجراء انتخابات مبكرة. وهم يحتلون منذ ثلاثة أسابيع حيا سياحيا وتجاريا في وسط بانكوك وأقاموا حوله سواتر، ويشتبهون في أن الحكومة تحشد قواها لتوجيه الضربة القاضية لهم. ووقعت بضع حوادث غير مهمة في شمال وشمال شرقي البلاد في الأيام الأخيرة بين «الحمر» وقوات الأمن، مما حمل على التساؤل حول احتمال تمدد عدوى الحركة إلى خارج بانكوك. وقال الزعيم المعارض ناتاوات سايكوار أمس: «قررنا اتخاذ تدابير فعالة ضد هذه الحكومة. وسيعمل الحمر في كل مكان على منع الشرطة والجيش من التوجه إلى بانكوك». وحصلت مناوشات أمس فيما كان نحو ستين عنصرا من «القمصان الحمر» يحاولون عرقلة تحرك وحدة للشرطة في إقليم فيتسانولك (وسط). وذكر شرطي محلي أن خمسة من «القمصان الحمر» يؤكدون أنهم أصيبوا خلال الصدامات قد رفعوا شكوى. في غضون ذلك، تحدث ملك تايلاند بوميبول ادوليادج أمس عبر التلفزيون الوطني مناشدا القضاة الذين عينوا أخيرا القيام بواجبهم، بدون أي إشارة إلى الأزمة السياسية التي قدمت المملكة. وقال الملك البالغ من العمر 82 عاما والذي كان يتحدث من المستشفى الذي يوجد فيه منذ سبتمبر (أيلول) الماضي: «قوموا بمهامكم بنزاهة. يمكن أن يكون هناك في هذا البلد أناس يتناسون واجبهم. عليكم أن تكونوا المثال من خلال العمل بنزاهة واستقامة، إن عملكم مهم جدا». واستطرد: «إن العمل بنزاهة سيسمح للبلاد بالتقدم ويكون مثالا يحتذى به للمواطنين والموظفين وكل الآخرين. أن ذلك سيتيح للبلاد العيش في سلام ووئام». وأضاف: «عليكم الإسهام في المحافظة على العدالة. فإن بقيتم أوفياء لقسمكم، فإن ذلك سيساعد البلاد على البقاء في وضع مستقر». ولم يشر الملك بشكل مباشر إلى اختبار القوة الحالي بين السلطة والمتظاهرين من «القمصان الحمر» الذين يطالبون منذ ستة أسابيع باستقالة الحكومة. وقد تدخل الملك مرات عدة في الماضي لتهدئة بعض الأزمات السياسية الكبرى، كما حصل خصوصا في العام 1992 عندما خضع لرغبته قادة المتظاهرين والجيش ليضع على الفور حدا لأزمة دامية.