السفير الأميركي في بغداد يدعو العراقيين إلى التحرك سريعا لتشكيل حكومة جديدة

: النظام القضائي الذي عليه أن يحسم بعض الخلافات لم يكن محصنا

TT

أعرب السفير الأميركي لدى بغداد، كريستوفر هيل، عن مخاوف عميقة أول من أمس بشأن تباطؤ المسؤولين العراقيين في التحرك من أجل تشكيل حكومة جديدة، وقال إنهم في حاجة إلى «البدء في المهمة». ويرى مسؤولون أميركيون أن تشكيل حكومة جديدة والوصول إلى عملية نقل سلس للسلطة يمثل مقدمة هامة لتقليل عدد القوات إلى 50 ألفا كما هو مخطط له بحلول نهاية أغسطس (آب). وتعكس التصريحات القوية الخارجة عن المألوف من جانب هيل مخاوف أميركية متنامية بخصوص عملية أبطأتها عوامل متنوعة، من بينها النتائج المتقاربة في الانتخابات البرلمانية التي جرت في 7 مارس (آذار) الماضي، وعملية إعادة الفرز اليدوية لنحو 2.4 مليون صوت في بغداد، والجهود المستمرة من أجل شطب مرشحين بسبب مزاعم بالتعاطف مع حزب البعث.

وقال هيل لصحافيين داخل السفارة الأميركية مساء أول من أمس: «واضح، أن هناك رغبة في أن نراهم يسرعون من وتيرة الأمور. على الرغم من أننا كنا نعلم أنها ستكون فترة صعبة، فإننا نقترب من انتهاء 7 أسابيع تقريبا» منذ عملية التصويت. ويقول زعيما التكتلين اللذين حصلا على معظم الأصوات، رئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي والشيعي العلماني المدعوم من السنة إياد علاوي، إنه وقعت تجاوزات خطيرة أضرت بنتيجة الانتخابات. وطلب المالكي، الذي حصل الائتلاف التابع له على مقاعد أقل من ائتلاف علاوي بمقعدين اثنين فقط، إجراء عملية إعادة فرز يدوية. ويقول علاوي إن سياسيين شيعة منافسين، بمباركة من المالكي، أساءوا استعمال سلطة هيئة أوكلت إليها مهمة شطب المتعاطفين مع حزب البعث من أجل إضعاف الائتلاف الذي يتزعمه.

وقال هيل: «أود أن أشير إلى أن هذه الانتخابات نتائجها متقاربة، وقد أدت إلى ضغوط كبيرة وتحديات عظيمة تواجه كافة المؤسسات الديمقراطية الناشئة داخل العراق». وأضاف أن النظام القضائي، الذي عليه أن يحسم بعض الخلافات «لم يكن محصنا».

ومما يعزز حالة الضبابية، أعلن مسؤولون عراقيون أن مرشحا واحدا على الأقل في ائتلاف علاوي تبين أنه غير مناسب للمنصب بسبب مزاعم بعلاقات له مع حزب البعث. وإذا أقرت لجنة الاستئناف هذا القرار، وإذا جرى شطب مرشحين منتخبين آخرين في قائمة العراقية التي يتزعمها علاوي خلال الأيام الأخيرة، فإنه من المحتمل أن تفقد العراقية تقدمها بمقعدين. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى تأخر في العملية ويثير حالة من الغضب بين صفوف السنة. وكانت إدارة أوباما قد أصدرت أوامر للجيش في مطلع 2009 بتقليل عدد القوات إلى 50 ألفا بحلول نهاية أغسطس 2010. وكان من المفترض أن تجري هذه الانتخابات في ديسمبر (كانون الأول) أو يناير (كانون الثاني)، وأن تكون الحكومة الجديدة تولت مهامها قبل الموعد النهائي بوقت كافٍ.

وعلى الرغم من تأخر مدته 3 أشهر والخلافات الأخيرة، يقول قادة أميركيون إنهم لا يزالون في طريقهم لتنفيذ ذلك بحلول الموعد النهائي. ويقول الجنرال راي أوديرنو، القائد الأميركي الأعلى في العراق، إنه سوف يقرر بعد مرور شهرين على الانتخابات ما إذا كان الموعد النهائي لا يزال مقبولا أم لا.

وجدير بالذكر، أنه بعد الانتخابات البرلمانية التي عقدت في ديسمبر 2005، استغرقت عملية تشكيل الحكومة 6 أشهر. وفي ذلك الوقت، لم يضطر المسؤولون للتعامل مع عمليات شطب مرشحين أو إعادة فرز يدوي.

ويرى بعض المسؤولين العراقيين والأميركيين أن ثمة تماثلا بين الورطة الحالية وتلك التي تلت انتخابات 2005، عندما أدى إحساس السنة بالتمييز ضدهم إلى أسوأ فترة شهدتها أعمال تمرد. ويقول أثيل النجيفي، وهو شخصية بارزة في قائمة العراقية: «نواجه منحدرا غامضا بصورة خطيرة. ولا يمكن أن يتوقع أحد عواقب ذلك».

وفي عام 2006 بدأ متطرفون سنة يهاجمون ميليشيات شيعية باستخدام قنابل قوية. وقد وقعت هجمات مماثلة خلال الأسابيع الأخيرة، ومن بينها تفجيرات استهدفت مصلين شيعة يوم الجمعة، الأمر الذي أثار مخاوف من أن ترفع الميليشيات الشيعية السلاح مجددا في مناطق يشعر فيها السكان بأن الحكومة غير مهتمة بهم.

وعلى عكس الفترة التي تلت انتخابات 2005، كانت النزاعات السياسية الحالية سلمية بدرجة كبيرة. ويقول مسؤولون عراقيون وأميركيون إن ثمة احتمالية ضعيفة لأن تندلع أعمال عنف سياسية حاليا، لأن القوات الأمنية العراقية أقوى وأقل تسييسا بالمقارنة بما كانت عليه في 2006. ولكن، يقول كثيرون إن فترة طويلة من الشلل الحكومي يمكن أن تزيد من احتمالية اندلاع أعمال عنف مجددا. ويقول بريت ماك جورك، وهو زميل في مجلس العلاقات الخارجية عمل مستشارا بارزا مختصا بشؤون العراق في إدارتَي بوش وأوباما: «لا تمثل أعمال العنف في الوقت الحالي تهديدا استراتيجيا ضد الدولة».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ «الشرق الأوسط»