الأمم المتحدة تغلق مكتبها في قندهار قبل عملية عسكرية كبرى

مقتل 3 مدنيين أفغان في هجمات صاروخية لطالبان

جنود الجيش الأفغاني يقسمون يمين الولاء على المصحف الشريف عقب تخرجهم من الأكاديمية العسكرية في العاصمة كابل أمس (أ.ب)
TT

قالت الأمم المتحدة أمس إنها أغلقت مكتبها في مدينة قندهار في جنوب أفغانستان بشكل مؤقت وسحبت بعض الموظفين الأجانب حرصا على سلامتهم مع تدهور الأمن قبل عملية كبرى لحلف شمال الأطلسي.

وقالت سوزان مانويل المتحدثة باسم الأمم المتحدة إن بعض العاملين الأجانب في مكتب قندهار نقلوا إلى العاصمة كابل حرصا على سلامتهم، بينما تم إبلاغ العاملين الأفغان بالبقاء في منازلهم. وامتنعت المتحدثة عن تحديد عدد العاملين الأجانب الذين تقرر نقلهم، أو ما إذا كان هناك خطر محدد وراء القرار. وقالت إن الوضع الأمني وصل لمرحلة اضطررنا معها لسحبهم أمس.. أرجو أن يتمكنوا من العودة والقيام بما كانوا يقومون به. نعتبر ذلك إجراء مؤقتا للغاية. وتستعد قوات حلف شمال الأطلسي للقيام خلال الأشهر القادمة بحملة عسكرية في قندهار وحولها ستكون هي الأكبر في الحرب المستمرة منذ ما يقرب من تسع سنوات. وقندهار هي أكبر مدينة في الجنوب ومعقل حركة طالبان. ووفقا للخطط الموضوعة للحملة المتوقع أن تبدأ في يونيو (حزيران) سيؤمن نحو 8000 جندي أميركي وكندي المناطق الريفية المحيطة بالمدينة في حين يقوم لواء نشر حديثا ويضم 3500 جندي أميركي بمرافقة 6700 شرطي أفغاني إلى داخل المناطق الحضرية. وفي المجمل سيشارك في الحملة نحو 23 ألفا من القوات البرية التابعة لحلف الأطلسي ومن قوات الشرطة الأفغانية. وشهدت الأسابيع القليلة الماضية زيادة في الهجمات والاغتيالات في المدينة التي يقطنها نحو 500 ألف نسمة والتي عانت من تفجيرات شبه يومية وهجمات انتحارية كبرى خلال الأسابيع القليلة الماضية واغتيل فيها نائب رئيس بلدية الأسبوع الماضي. وفيما يتعلق بسحب عاملي الأمم المتحدة الأجانب من قندهار قال أحمد والي كرزاي أخو الرئيس حميد كرزاي غير الشقيق رئيس مجلس إقليم قندهار إن رد فعل المنظمة الدولية مبالغ فيه. وقال في مؤتمر صحافي: «نحن ندين بقوة تصرف الأمم المتحدة المتمثل في الانسحاب من قندهار. هذا قرار غير متعقل لم يجر التشاور بشأنه مع السلطات المحلية». وأضاف أن الوضع ليس بالسوء الذي تراه الأمم المتحدة. ليسوا هناك لحضور حفل. إنهم يعلمون أنهم في منطقة حرب. ستترك هذه الخطوة انطباعا سيئا لدى سكان قندهار.

من جهة أخرى, أعلن مسؤولون أفغان أمس أن ثلاثة مدنيين لقوا حتفهم وأصيب أربعة آخرون في هجمات صاروخية شنتها طالبان في شمال أفغانستان، كما وقع هجوم آخر استهدف مبنى حكوميا في كابل ولم يسفر عن وقوع إصابات.

وقال محمد رازق يعقوبي رئيس شرطة الإقليم إنه خلال الهجوم الأول سقطت صواريخ على منازل في قريتي نهر سوفى وزمان شاهر في منطقة داشتي ارشى في إقليم قندز بشمال أفغانستان. وقالت وزارة الداخلية في بيان لها: «لقي ثلاثة من سكان المناطق حتفهم وأصيب أربعة آخرون». وقال هومايون كاموش مدير مستشفى في وسط قندز إن اثنين من الضحايا كانا أطفالا، في حين أصيبت امرأة وثلاثة أطفال في الهجمات. ووقع الهجوم بالقرب من موقع الهجوم الجوى الذي نفذته قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) أول من أمس وأسفر عن مقتل الملا نور محمد أحد قادة المتمردين البارزين الذي كان قد تم تعينه مؤخرا في منصب حاكم ظل لإقليم قندز. كما أسفر الهجوم عن مقتل ما لا يقل عن اثنين من مستشاريه.

إلى ذلك، قال آندريه راسموسن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، حول تنسيق الجهود مع الاتحاد الأوروبي في ملف أفغانستان: «في الآونة الأخيرة لاحظنا تطورا إيجابيا على الساحة الأفغانية، وفي غضون العام الحالي سيكون هناك مزيد من التطورات الإيجابية، وأنا متفائل جدا بما سيتحقق، خاصة بعد أن قررنا زيادة القوات، وتطوير القدرات في مجال التدريب لتأهيل القوات الأفغانية والشرطة، وقد اتفقنا مع الجانب الأوروبي على تكثيف التعاون والعمل المشترك في الملف الأفغاني». وجاءت تصريحات المسؤول الأطلسي على هامش مشاركته في اجتماع مشترك لوزراء الخارجية والدفاع في الاتحاد الأوروبي في لوكسمبورغ، وهي اجتماعات اختتمت أول من أمس، وبحث خلالها الوزراء حزمة من المسائل الأوروبية والدولية وفي مقدمتها تفعيل الشؤون الدفاعية الأوروبية من جهة، وبحث إطار التحرك الخارجي الأوروبي من جهة أخرى. كما جرى التوصل لاتفاق حول تشكيل قاعدة عسكرية جوية أوروبية للرد السريع لمواجهة الأزمات، «وكان الملف الأفغاني حاضرا وبشكل كبير في مناقشات الوزراء الأوروبيين، سواء خلال المناقشات التي أجراها في البداية وزراء الدفاع بشكل منفرد، أو بعد أن ينضم إليهم رؤساء الدبلوماسية الأوروبية في اجتماع مشترك ينعقد بشكل نصف سنوي، وخلاله جرى بحث الموقف في أفغانستان والانتشار الأوروبي هناك ضمن جهود الدول الغربية لتعزيز الاستقرار وبلورة استراتيجية لنقل المسؤوليات الأمنية والسياسية إلى الأفغان». فضلا عن تناول ملف الانتخابات الأخيرة، وتقييم الاستراتيجية الأوروبية لدعم أفغانستان، التي اعتبرها البعض غير كافية ومنهم وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «الاستراتيجية الأوروبية لدعم أفغانستان غير كافية، وما قمنا به من قبل كان غير كاف، ولكن توصلنا الآن إلى أن الحل الأفضل لوضع الأفغان على الطريق الصحيح هو تحفيزهم على المشاركة في المسؤولية وهذا ما نقوم به، وحققنا فيه خطوات إيجابية كبيرة». من جانبه، قال ألكسندر ستاب وزير خارجية فنلندا في رد على سؤال لـ«الشرق الأوسط»: «علينا توحيد المواقف في التعامل مع الملف الأفغاني والتركيز على الجانب العسكري من خلال قوات إيساف وأيضا الحل المدني، والاتحاد الأوروبي له دور كبير، ونحن مستعدون لتقديم مزيد من المساعدات»، وحول انتقادات الرئيس الأفغاني للغرب مؤخرا، قال: «نحن نتفهم التصريحات التي صدرت من كابل، وأقول إن الغرب اعتاد على إرسال الرسائل الإيجابية للأفغان». وقال ميخائيل موراتينوس وزير خارجية إسبانيا الرئيس الحالي للاتحاد الأوروبي: «تحدثنا في تالين الأسبوع الماضي في اجتماع للأطلسي حول ملف أفغانستان، وعلى الاتحاد الأوروبي أن يظهر قدراته، خاصة أن دوره كبير في مجال الدعم المادي، كما أن الدول الأعضاء تشارك في مهمات أخرى».