مزارعو فرنسا يجتاحون شوارع باريس بالجرارات

الصعوبات تتزايد في وجه الرئاسة والحكومة

TT

بعد 3 أيام على انتهاء إضراب موظفي وعمال وسائقي السكك الحديد الذين نغصوا حياة وأعمال الفرنسيين طيلة 10 أيام حتى اجتاحت شوارع باريس أمس الجرارات الزراعية التي وصلت إلى العاصمة بالمئات لتظهر عمق الأزمة الاجتماعية والاقتصادية التي يعرفها الكثير من القطاعات الفرنسية، ولكن أيضا (وخصوصا) الطلاق القائم بين رئيس الجمهورية والحكومة من جهة وبين شرائح واسعة من المجتمع الفرنسي.

غير أن مديرية العاصمة استبقت هذه المرة الأمور من أجل تلافي ما حصل في السابق عندما نزلت الجرارات الزراعية جادة الشانزليزيه محدثة أزمة سير خانقة أو عندما وصلت إلى مدخل القصر الرئاسي حيث رمت أمامه تلالا من القش وعلف الحيوانات على مرأى من الحرس الجمهوري والمئات من المارة. ولذا، أبقت مديرية الشرطة مظاهرة المزارعين بعيدا عن الإليزيه وعن الأحياء «الراقية» بحيث احتوت مسيرتها في الأحياء الشرقية من العاصمة بين ساحتي ريبوبليك وناسيون. والنتيجة أن أكثر من 1500 جرار توافدت إلى شوارع العاصمة أمس للتعبير عن يأس القطاع الزراعي بسبب انخفاض العائدات وارتفاع التكلفة وعجز الدولة عن تقديم يد المساعدة والقلق بالنسبة للمستقبل بسبب ما يظن أنه نهاية السياسة الزراعية الأوروبية. وقد وصل مئات المزارعين على جراراتهم إلى شوارع باريس بعد رحلة دام بعضها أكثر من يومين قطعوا خلالها مئات الكيلومترات. كذلك سار آلاف المزارعين في الشوارع رافعين لافتات تطالب الحكومة بالدفاع عن مصالحهم وتحسين أوضاعهم.

وتسود الوسط الزراعي الذي تناقصت أهميته الاقتصادية ومساهمته في الثروة الوطنية مع الزمن قناعة مفادها أن الرئيس ساركوزي «لا يولي العالم الزراعي الأهمية التي كان يوليه إياها الرئيس شيراك مثلا». وسعى ساركوزي إلى سد هذه الفجوة بالتأكيد، خلال زيارة لمنطقة زراعية قريبة من العاصمة، بداية الشهر الحالي أنه «لن يتخلى عن القطاع الزراعي». وكان جواب المعنيين بالأمر أنها «وعود وكلمات وما نريده هو الأفعال». وقال وزير الزراعة برونو لومير أمس إنه «يتفهم» وضع المزارعين ويعي مشكلاتهم. لكنه أضاف أنه «يتعين عليهم ألا يفقدوا الأمل» إذ بإمكانهم أن «يعولوا على دعمي التام وعلى دعم الحكومة ورئيس الجمهورية». وأوضح لومير الذي شغل منصب مدير مكتب دومينيك دو فيلبان، عندما كان رئيسا للحكومة، أنه أعد خطة يُمنح المزارعون بموجبها ما يقل عن ملياري يورو، وأنه سيتدخل لدى المفوضية الأوروبية للسعي لتحسين وضع المزارعين. وبحسب الوزير الفرنسي، فإنه تترتب على المفوضية مسؤوليات أساسية في حماية المزارعين وأسعار السلع الزراعية.

ويأتي هذا التحرك الاقتصادي - الاجتماعي في سياق صعب بالنسبة للحكومة الفرنسية التي عليها، في الوقت عينه، أن تتعامل مع مجموعة أزمات فيما تتهيأ لخوض أكبر امتحان لها متمثل في إصلاح نظام التقاعد وما سيفضي إليه من ازدياد نقمة الناقمين. وتعول الحكومة على فتح هذا الملف المتفجر نهاية الصيف القادم فيما انهار الدعم الشعبي الذي تحظى بعه لدى غالبية الفئات الاجتماعية وهو ما يعكسه تدهور شعبية الرئيس ساركوزي وشعبية حكومته والهزيمة السياسية التي لحقت بهما بمناسبة الانتخابات الإقليمية الأخيرة