أوباما يتعهد بالسعي لتحقيق السلام في الشرق الأوسط.. ويطالب بتوسيع التجارة مع العالم الإسلامي

الإعلان عن برنامج تبادل جديد بين رواد عمل مسلمين وأميركيين.. القمة المقبلة في تركيا

TT

أكد الرئيس الأميركي باراك أوباما التزامه بتحقيق «بداية جديدة» مع العالم الإسلامي الوعد الذي أطلقه في خطابه في القاهرة في يونيو (حزيران) الماضي، والذي كرره خلال «قمة رواد الأعمال الرئاسية». وبينما أقر أوباما بأهمية السياسات الأميركية لتحقيق هذه البداية الجديدة، شدد في خطاب لرواد عمل من العالم الإسلامي على أن قضايا أخرى مثل التبادل التجاري مهمة لتحسين العلاقات بين البلدين.

وأعلن أوباما أهمية تخطي «انعدام الثقة المتبادلة» بين الولايات المتحدة والجاليات المسلمة، قائلا إن هناك حاجة لـ«بداية جديدة بناء على المصالح والاحترام المتبادل» لتخطي انعدام الثقة. وحرص أوباما على عدم الإشارة إلى قضايا الإرهاب وتنظيم القاعدة في خطابه، لكنه عدد القضايا السياسية العالقة التي أدت إلى انعدام الثقة. وقال: «لقد عملت لضمان تولي أميركا مسؤولياتها، خاصة في ما يخص القضايا الأمنية والسياسية التي عادة ما كانت مصدرا للتوتر». وأضاف: «الولايات المتحدة تنهي الحرب في العراق بمسؤولية، ونحن نشترك مع الشعب العراقي لدفع ازدهاره وأمنه البعيد الأمد، وفي أفغانستان وباكستان وأبعد منهما نحن نبني شراكات جديدة لعزل المتطرفين العنيفين، وأيضا لمحاربة الفساد وتطوير التنمية لتحسين مستوى المعيشة». وكرر أوباما التزامه بعملية السلام، قائلا: «أقولها مرة ثانية، على الرغم من الصعوبات المحتومة، ما دمت رئيس الولايات المتحدة لن نتردد في سعينا لحل الدولتين لضمان حقوق وأمن الإسرائيليين والفلسطينيين». وأضاف: «الولايات المتحدة ستستمر في الوقوف مع الذين يسعون للعدالة والتقدم وحقوق الإنسان وكرامة كل الشعوب». وعالج أوباما في خطابه الذي استمر 17 دقيقة القضايا السياسية التي تؤثر على العلاقات بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي قبل التطرق إلى «قمة رواد الأعمال الرئاسية» التي أطلقت أعمالها أول من أمس برعاية أوباما، وتأتي ضمن أجندة أوباما لتحسين العلاقات مع العالم الإسلامي. وقال إن «الولايات المتحدة ملتزمة بمعالجة هذه القضايا الأمنية والسياسية، ولكنني أيضا أوضحت في القاهرة أننا بحاجة إلى شيء آخر، جهد مستدام لاستماع بعضنا لبعض، وتعلم بعضنا من بعض واحترام بعضنا لبعض». وشدد أن ذلك يعتمد على «شراكة جديدة» ليست بين الحكومات بل أيضا بين الشعوب. ووصف أوباما القمة بأنها «حدث تاريخي» تجمع الأميركيين والمسلمين «في إيمان بأن طموحات مشتركة تجمعنا، العيش بكرامة والحصول على التعليم وحياة صحية وربما إطلاق مشروع عمل من دون دفع رشوة لأحد والحديث بحرية، وليكون لدينا صوت في كيفية الحكم والعيش بسلام وأمن وإعطاء أطفالنا مستقبلا أفضل».

وشدد أوباما على أهمية تطوير العلاقات التجارية بين الدول الإسلامية والولايات المتحدة، قائلا إن حجم التبادل التجاري بينهم الآن هو نفس حجم التبادل التجاري بين الولايات المتحدة والمكسيك. وأضاف أن ريادة الأعمال وتطوير القطاع الخاص جزء أساسي من توسيع التبادل التجاري، موضحا أن ريادة الأعمال مجال مهم لالتقاء الأميركيين والمسلمين. وتابع أنه اختار ريادة الأعمال لتطوير العلاقات بين الطرفين لأنه «عبر التاريخ السوق كانت أقوى قوة، العالم يعرفها لخلق الفرص وإخراج الناس من الفقر، كما أن الريادة من مصلحتنا الاقتصادية المتبادلة».

وأعلن أوباما عن تخصيص ملياري دولار من الاستثمارات في القطاع الخاص في الولايات المتحدة والعالم الإسلامي من خلال «الصندوق العالمي للتقنيات والابتكار». وأضاف أن «رأس المال الخاص سيطلق فرصا جديدة للشعوب في بلادنا في قطاعات مثل الاتصالات والرعاية الصحية والتعليم والبنى التحتية». وحضر الخطاب المشاركون في «قمة رواد الأعمال»، بالإضافة إلى مسؤولين أميركيين مثل الممثلة الأميركية للجاليات المسلمة فرح بانديث وعضوي الكونغرس المسلمين كيث اليسون وأندري كارسون.

وتطبيقا لحرص الإدارة الأميركية على استمرار التواصل بين رواد العمل المسلمين والأميركيين، قال أوباما إن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أعلن استضافة القمة المقبلة في تركيا العام المقبل. ومن المرتقب أن تكون القمة المقبلة لرواد العمل الأميركيين والمسلمين في تركيا فرصة لرصد الشراكات التي انطلقت من خلال الاجتماعات في واشنطن خلال اليومين الماضيين.

وكما بدا من خطاب أوباما، كانت هناك تبعات سياسية واقتصادية للقمة التي واصلت أعمالها أمس. وقال رئيس مجلس إدارة الجمعية السورية لرواد الأعمال الشباب عبد السلام هيكل لـ«الشرق الأوسط»: «هدف المؤتمر سياسي، وهناك فرق بين الهدفين السياسي والاقتصادي هنا ولا نجد تلاقيا». وأضاف: «من الواضح أن هدف الأميركيين سياسي، ولكن المشاركين هدفهم اقتصادي ومالي، ولهذا توقعاتنا حول مع مَن سنلتقي مختلفة عن ما وجدناه، كما أن مستوى المشاركين جيد، ولكن لا يوجد مشاركون أميركيون اقتصاديون بالنسبة المتوقعة».

ومن جهة أخرى، اعتبر هيكل أن «القمة أظهرت قلة وعي أميركي لما يحدث في المنطقة، فوضع ريادة الأعمال أفضل بكثير من الذي يتحدثون عنه في القمة». وأضاف «لو كانت هناك جهود أوسع للنظر أبعد من السطح، كانوا سيرون أشخاصا يقومون بأمور رائعة في دول عدة ولكنهم غير ممثلين هنا». ولكنه لفت إلى أن على رواد العمل المسلمين والعرب انتهاز فرصة انفتاح الحكومة الأميركية والبناء على القمة، قائلا: «اليوم انفتحت نافذة وعلينا القفز من خلالها، بدلا من أن نواصل الطلب فقط». وتابع «نحن بحاجة إلى مستثمرين يريدون دعم رواد الأعمال، وهناك محافظ استثمار كبيرة أميركية، ولكن الأميركيين لا يأتون إلى المنطقة، لأن المخرج منها غير معروف لدى الكثيرين».

واتفق المستشار الأعلى لقضايا ريادة الأعمال في وزارة الخارجية الأميركية، ستيفن كولتاي، مع فكرة بدء عملية التواصل وأهمية انتهاز الفرص المتاحة. وقال «المشاركة كانت رائعة من خلال التواصل بين الموجودين هنا والتطلع إلى المستقبل». وردا على رأي بعض المشاركين بأن مشاركة رواد العمل الأميركيين لم تكن بالمستوى المطلوب، قال كولتاي لـ«الشرق الأوسط»: «لدينا نحو 200 رائد عمل أجنبي ونحو 65 أميركيا، وكنا حريصين على إبقاء التجمع صغيرا كي يستطيع المشاركون التعرف بعضهم على بعض، ومع مشاركة موفدين من 57 دولة حرصنا على أن يكون المشاركون من الخارج عددهم أكبر من الأميركيين». وأكد كولتاي أن الإدارة الأميركية ستنسق مع تركيا لعقد القمة المقبلة، موضحا «سننسق معهم بالطبع، ولكن القمة ستكون برعاية الحكومة التركية وليست مشروعا للحكومة الأميركية».

ومن جهتها، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أمس عن برنامج تبادل جديد بعنوان «بداية جديدة: ريادة الأعمال والابتكار في الأعمال» يعمل على استضافة 25 رائد عمل من دول ذات غالبية مسلمة إلى الولايات المتحدة، بينما ترسل 25 رائد عمل أميركيا إلى دول إسلامية على مدار السنوات الأربع المقبلة. وأفادت وزارة الخارجية أمس بأن المشاركين في برنامج التبادل «سيبحثون استراتيجيات مستخدمة في الولايات المتحدة لتحسين قدرات المديرين الشباب للشركات، وتنمية روح ريادة الأعمال، وتقوية المجتمعات من خلال تطوير ريادة الأعمال الاجتماعية». وقال كولتاي «الأمر المهم بالنسبة لرواد العمل هو التواصل مع الآخرين. والرواد الناجحون عادة ما يعزون نجاحهم لشخص التقوه وألهمهم. والتبادلات تزيد من إمكانية هذه اللقاءات. والتعلم من أفضل التجارب لرواد العمل». كما تم الإعلان أمس عن تعيين وزيرة الخارجية الأميركية السابقة، مادلين أولبرايت، رئيسة مشروع يسمى «شركاء لبداية جديدة» يعمل مع القطاع الخاص الأميركي بالتنسيق مع وزارة الخارجية الأميركية لدفع مشاريع بين الولايات المتحدة و«جاليات مسلمة»، بحسب وزارة الخارجية الأميركية. وتعتبر واشنطن هذه الخطوات أساسية لتطوير العلاقات بين الطرفين بعد انتهاء «قمة ريادة الأعمال» في واشنطن، وقبل عقد القمة المقبلة في تركيا.