كلينتون: الإيرانيون رفضوا التواصل.. ولافروف: «لا مفر ربما» من العقوبات

سلسلة من اجتماعات دبلوماسيين أميركيين في واشنطن وخارجها لبحث سبل التعاون مع طهران

كلينتون تلتقي بعائلات أميركيين محتجزين في إيران في واشنطن أمس (أ.ف.ب)
TT

انتقدت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون النظام الإيراني مجددا، قائلة إنهم رفضوا مفاتحة الولايات المتحدة لهم ومد يد التواصل، مما يبقيهم في «عقلية الرفض». فيما رأى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس في ستراسبورغ، في معرض حديثه عن البرنامج النووي الإيراني، أن طهران شريك صعب، معتبرا أنه «لا مفر ربما» من فرض عقوبات عليها.

وأكدت كلينتون في خطاب لدبلوماسيين وأميركيين مسؤولين عن الملف الإيراني أن الجهود الأميركية للانفتاح على الإيرانيين تساعد واشنطن اليوم في الحصول على تأييد دولي للضغط على إيران. وتعقد وزارة الخارجية الأميركية سلسلة من الاجتماعات حول الملف الإيراني مع موظفي دائرة شؤون الشرق الأوسط في الخارجية الأميركية، العاملين في واشنطن وخارجها. وجاء خطاب كلينتون خلال اللقاء مع الموظفين أول من أمس، والذين واصلوا اجتماعاتهم أمس مع وكيل وزير الخارجية الأميركي ويليام برنز. ويذكر أن وزارة الخارجية الأميركية لديها دبلوماسيون في سفاراتها في دول عدة مثل الإمارات وبريطانيا لمراقبة الأوضاع في إيران. وقالت كلينتون «لا توجد لدينا سفارة، ولا يوجد لدينا سفير (في إيران) ولا توجد لدينا قنوات دبلوماسية طبيعية، فنحن حقا نعتمد على واشنطن والموظفين في الخارج لتوصيل المعلومات التي تحدد سياساتنا والعمل على تبديد الأساطير، وأيضا في تأكيد المخاوف والمعلومات التي تهمنا بينما نمضي قدما».

وأكدت كلينتون في خطابها في وزارة الخارجية أن «إدارة (الرئيس الأميركي باراك) أوباما وبلدنا ما زال ملتزما بالتواصل الأوسع في المنطقة». وأضافت «لقد قدمنا عروضا محددة للإيرانيين، بما في ذلك مد الرئيس (أوباما) نفسه اليد للإيرانيين، لكن مع الأسف لم نحصل على رد إيجابي، وكان ذلك أمرا محبطا وغير مشجع، لأننا أردنا أن نعطي قادة طهران خيارا واضحا للالتزام بتعهداتهم الدولية والتمتع بالفوائد من علاقات طبيعية مع الولايات المتحدة أو مواجهة العزلة المتزايدة ونتائجها». وتابعت «مع الأسف، في كل مرة، الإيرانيون رفضوا انفتاحنا وما زالوا في عقلية الرفض»، لكنها أردفت قائلة «ولكن كون أننا مددنا يدنا لهم، وكثيرا، بناء على المعلومات والتصورات التي قدموها لنا، أعطانا الكثير من المصداقية في تعاملاتنا الدولية، وكذلك القدرة على بناء إجماع دولي حول الحاجة للضغط على قادة إيران لتغيير مسارهم».

ويواصل المسؤولون الأميركيون مشاوراتهم مع ممثلين عن الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا لإصدار قانون جديد للضغط على إيران. وأكدت كلينتون «إننا لا نستهدف الشعب الإيراني، بل نركز على تغيير حسابات القادة لما هو في صالحهم». وامتنع ناطق باسم الخارجية الأميركية عن الخوض في تفاصيل الاجتماعات الداخلية الجارية في واشنطن حول الملف الإيراني، مؤكدا أنها ضمن جهود الإدارة الأميركية لمراقبة الأوضاع في إيران والاحتمالات القائمة للتعامل مع إيران.

وبينما تركز واشنطن على الملف النووي الإيراني، أكدت كلينتون أنه ليس الأمر الوحيد الذي يشغل الإدارة الأميركية. وهناك اهتمام متزايد بمصير الأميركيين الثلاثة المحتجزين في إيران، بعد أن احتجزوا على حدود إيران مع العراق الصيف الماضي. والتقت كلينتون مساء أول من أمس مع أمهات المحتجزين الثلاثة، جوش فاتال وشين باور وسارة شرود، وهذه ليست المرة الأولى التي تلتقي بهم كلينتون منذ احتجاز الثلاثة في يونيو (حزيران) الماضي. وشددت كلينتون على براءة الثلاثة قائلة إن «كل دليل لدينا هو أن الثلاثة كانوا يمشون في شمال العراق الكردي خلال إجازة من عملهم ودراستهم وعبروا الحدود وتم اعتقالهم». مضيفة «سنفعل كل ما بوسعنا لإطلاقهم لأسباب إنسانية». وتعتبر قضية المحتجزين الشباب الثلاثة من العناصر التي تزيد من التوتر في العلاقات الأميركية - الإيرانية، في وقت تدرس فيه واشنطن الخطوات المقبلة لمواجهة إيران التي وجهت تهما بالتجسس للمحتجزين الثلاثة.

من جهة ثانية، رأى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس في ستراسبورغ في معرض حديثه عن البرنامج النووي الإيراني أن طهران شريك صعب، معتبرا أنه «لا مفر ربما» من فرض عقوبات عليها. إلا أن وزير الخارجية الروسي رفض في المقابل وبشدة فكرة اللجوء إلى عملية عسكرية ضد إيران. وأثناء إلقائه كلمة أمام مجلس أوروبا، حيث أثار برلماني إمكانية اللجوء إلى القوة، قال لافروف «إن الكلام عن أنه ينبغي اللجوء الآن إلى القوة ضد إيران، يبدو لي غير مقبول على الإطلاق».

ورد على النائب السويدي غوران ليندبلاد بالقول «تتصورون ولا شك العواقب الكارثية التي قد يسببها ذلك على المنطقة وأوروبا، وكذلك العواقب السلبية التي قد يستجلبها ذلك على أوروبا الوسطى». وأضاف أن «إيران شريك صعب، ونحن نشعر بخيبة أمل» لأن طهران «لم ترد بشكل بناء على المقترحات المتكررة» لمجموعة الدول الست (الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين، إضافة إلى ألمانيا) لتشجيع الحوار مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية». وأوضح لافروف «إننا نعمل حاليا لنرى ما هي الإجراءات التي قد يفكر فيها مجلس الأمن في محاولة لحث إيران على التعاون»، مشيرا إلى أن روسيا لا يمكنها أن تتساهل حيال «أي انحراف عن نظام حظر الانتشار النووي». وفي معرض الدعوة إلى الحوار، قال لافروف إنه «لا مفر ربما» من فرض عقوبات على طهران. وأضاف «هناك القليل من الأمثلة التي تبرهن على أن العقوبات أعطت نتائج إيجابية فعلا»، لكن في ما يتعلق بإيران فإن العقوبات «سيكون لا مفر منها ربما، وعلى مجلس الأمن الدولي أن يسهر على ذلك». وقال «ينبغي أن يكون لنا في هذه الحال هدف واحد هو حث طهران على تسوية كل المشكلات المحيطة بالبرنامج.. وعدم استخدام عقوبات لخنق إيران، مما قد يؤدي إلى كارثة إنسانية».

وأضاف لافروف الذي حل ضيفا على مجلس أوروبا «إننا متمسكون بقوة بتسليط الضوء على البرنامج النووي الإيراني لكي تكون الأمور شفافة بالكامل، ولكي يتمكن العالم من التحقق من طابعه السلمي البحت». وخلص وزير الخارجية الروسي إلى القول بحسب الترجمة الفرنسية لتصريحاته «أعتقد أنه سيكون بإمكان إيران، فور إيضاح كل ذلك، أن تتمتع بالحقوق نفسها التي يتمتع بها كل الذين يحترمون معاهدة حظر الانتشار النووي، وأن تطور برنامجا سلميا».

من جهة ثانية، أعلن مسؤول عسكري أميركي كبير أمس أن طائرة إيرانية اقتربت قبل ثمانية أيام من حاملة طائرات أميركية في الخليج، وقلل من شأن الحادث. وقال المسؤول الأميركي «في 21 أبريل (نيسان) عند نحو الساعة 06.30 بتوقيت غرينتش، اقتربت طائرة إيرانية من طراز إف 27 كانت في المجال الجوي الدولي، من حاملة الطائرات يو إس إس آيزنهاور التي كانت عائدة من عملية روتينية في بحر عمان». وأضاف أن الطائرة اقتربت إلى بعد 900 متر تقريبا من حاملة الطائرات وبقيت في القطاع لنحو عشرين دقيقة، ولكن من دون التسبب في حادث. وأعلن المسؤول أن «طائرات إيرانية تحلق بطريقة روتينية فوق السفن الأميركية التي تجوب الخليج» من دون حوادث. وقال: «إن القوات الإيرانية تعلم بوجودنا في المنطقة ونحن نعلم بوجودها».

وردا على إعلان هذا الخبر صرح قائد سلاح الجو الإيراني الجنرال محمد علاوي عبر تلفزيون العالم الإيراني الناطق بالعربية أن بلاده تملك «الحق في إجراء طلعات مراقبة روتينية» وأن «أحدا لا يمكنه الاعتراض على هذه الطلعات التي تجرى بموجب القانون».