انتخابات الشوف البلدية: توافق درزي ومعركة سنية وتغير في التحالفات

TT

بعدما طبع التوافق الدرزي - الدرزي الانتخابات البلدية في معظم قرى قضاء الشوف في جبل لبنان، باستثناء بعض البلدات التي اختارت أن تكون معركتها عائلية متجاوزة القرار السياسي، انفرط عقد التحالفات الحزبية السابقة في البلدات التي خاض أبناؤها الانتخابات النيابية الأخيرة متحالفين تحت لواء قوى 14 آذار الذي ضم تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية وحزب الوطنيين الأحرار ولا سيما في برجا ودير القمر والدامور حيث انقلبت الموازين السياسية. يمكن القول، بعد جولة لـ«الشرق الأوسط» في بعض هذه المناطق، إن أكثر ما يميز هذه العملية الانتخابية هي أن العصب العائلي كان المحرك الرئيسي للمواطنين على اختلاف فئاتهم، مع العلم أن نسبة الاقتراع في قضاء الشوف بشكل عام وصلت حتى ساعات بعد الظهر إلى 35 في المائة، ففي قرى إقليم الخروب حيث السواد الأعظم للطائفة السنية لم تختلف الصورة كثيرا بين قرية وأخرى، ففي حين تم التوصل في قليل منها إلى لائحة شبه توافقية نظرا إلى دخول بعض المرشحين المستقلين على خط التنافس الديمقراطي، دخلت المنافسة في معظم القرى الأخرى بين لائحتين وعدد من المرشحين لموقع المختار، من دون أن يخرج الوضع عن سيطرة «التنافس العائلي» الذي لا يفسد للود قضية. لكن يمكن القول إن أم المعارك حصلت في منطقة «برجا» التي تعتبر من أكبر القرى السنية في الإقليم بالنسبة إلى عدد سكانها، وشهدت معركة شرسة وتبادل اتهامات بدفع أموال بين تيار «المستقبل» الذي يخوض معركة الانتخابات البلدية للمرة الأولى والداعم للائحة «قرار برجا» من جهة، والجماعة الإسلامية التي تترأس البلدية منذ 12 سنة والداعمة للائحة «الوفاء لبرجا» من جهة ثانية، وانعكس هذا الأمر في صورة زحام خانق شهدته أحياء البلدة. قال المسؤول الإعلامي للجماعة الإسلامية في برجا لـ«الشرق الأوسط»: «كنا قد دخلنا في مشاورات مع (المستقبل) للوصول إلى لائحة توافقية لكن اكتشفنا فيما بعد أنهم يقولون شيئا ويفعلون أمرا آخر، في محاولة منهم لإدخال مرشحين على لائحتين متنافستين في الوقت عينه، لذا قررنا فسخ التوافق وخضنا المعركة مع عدد من العائلات في المنطقة، مع العلم أن أحمد الحريري أتى إلى البلدة وهدد بفرط التوافق بين الجماعة الإسلامية وتيار المستقبل في انتخابات البلدية في صيدا». وعن التحالف مع الحزب الاشتراكي يضيف: «أعلن النائب عن الحزب في المنطقة علاء الدين ترو دعمه للائحتنا وأنه راض عن عمل الجماعة الإسلامية». فيما بقي الصراع على مقاعد المختارين الثمانية محكوما بالمعارك العائلية.

ومن جهته قال صلاح الدين شبو ممثل تيار المستقبل في منطقة برجا لـ«الشرق الأوسط»: «معركتنا إنمائية لكن معركة الآخرين سياسية. في البداية لم نكن نعمل لخوض معركة وذلك بهدف تجاوز الشحن السياسي الذي كان سائدا في الانتخابات النيابية. لكن بعدما اتفقنا مع الجماعة الإسلامية على لائحة توافقية تضم 7 مقاعد لمرشحيها و7 لتيار المستقبل إضافة إلى 4 للحزب التقدمي الاشتراكي، على أن تنقسم مدة الرئاسة ثلاث سنوات لنا و3 سنوات لأحد مرشحيهم. لكنهم انقلبوا على الاتفاق مطالبين بتعديله إلى 13 لمرشحيهم مقابل 5 لمرشحي المستقبل والاشتراكي مجتمعين. فقررنا عندها خوض المعركة وتحالفنا مع عدد من العائلات». وعن موقع الحزب الاشتراكي في هذه المعركة يضيف شبو: «على الرغم من إعلانه أنه يقف على الحياد ويترك الحرية لمناصريه لكن الواقع على الأرض يثبت أن هناك توافقا حصل بينه وبين الجماعة الإسلامية».

ويبدو أن التنافس الحاد في برجا انعكس على التوافق في بلدية صيدا، إذ أقدمت الجماعة الإسلامية بعد ظهر أمس على سحب مرشحيها من اللائحة التوافقية في منطقة صيدا مع إبقائها على دعم المرشح لرئاسة البلدية.

وفي دير القمر الشوفية حيث انتهت مشاورات اللحظات الأخيرة بين الفرقاء السياسيين وحلفاء الماضي إلى عدم التوافق، فقد تنافست لائحتان الأولى لرئيس البلدية الحالي فادي حنين المدعومة من التيار الوطني الحر والحزب التقدمي الاشتراكي والوزير السابق ناجي البستاني، والثانية مدعومة من «القوات اللبنانية» وحزب الوطنيين الأحرار.

واعتبر رئيس حزب الوطنيين الأحرار النائب دوري شمعون أنه لو اكتفى كل الفرقاء بحصص أقل لكان تم التوافق على لائحة واحدة، وأن المعارك الانتخابية في البلديات ليست إنمائية، وقال: «دعم الحزب التقدمي الاشتراكي للائحة الأخرى كان متوقعا لكننا نأسف له». من جهته قال النائب عن «القوات اللبنانية» في دير القمر جورج عدوان: «على الرغم من توقيع بعضهم على التوافق فإنه تنصل منه في آخر لحظة». ولفت إلى أن «الإقبال على صناديق الاقتراع يعود إلى أنه لغاية الساعة التاسعة مساء أول من أمس كان التوافق سيد الموقف إلى أن أبلغ المواطنون أننا سائرون نحو معركة انتخابية فلم تتألف اللوائح بشكل سليم ومن الصعب تجييش الناس قبل ساعات من الانتخابات».

وفي منطقة الدامور انسحب التحالف السياسي المستجد أيضا بين كل من التيار الوطني الحر والحزب التقدمي الاشتراكي على المعركة البلدية، وكان التنافس بين لائحتين، الأولى يرأسها رئيس البلدية شارل غفري مدعومة من الحزب التقدمي الاشتراكي والتيار الوطني الحر، والثانية يقودها العميد المتقاعد إيلي أبو فيصل مدعومة من «القوات اللبنانية» و«الوطنيين والأحرار».

وتوقع النائب في «اللقاء الديمقراطي» في الدامور فوز لائحة «وحدة الدامور» في الانتخابات البلدية، ولفت إلى أن رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط لا يتدخل في انتخابات الدامور موكلا مهمة الإشراف عليها له.