مقاتلو الحزب الإسلامي يسيطرون على معقل القراصنة

الصومال: أطراف الصراع تنأى بنفسها عن تفجيرات مسجد سوق البكارو

TT

استولى مقاتلو الحزب الإسلامي الصومالي المعارض الذي يتزعمه الشيخ حسن طاهر أويس على مدينة حراطيري معقل القراصنة بوسط الصومال (420 كم شرق مقديشو).

وأفاد سكان المدينة بأن مقاتلي الحزب لم يلقوا مقاومة من قبل ميليشيات القراصنة الذين فروا إلى مناطق أخرى. ودخل مقاتلو الحزب الإسلامي مدينة حراطيري صباح أمس دون وقوع قتال، وقد فرت ميليشيات القراصنة إلى خارج المدينة بعد اقتراب المقاتلين الإسلاميين منها. وأفاد شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» بأن أكثر من مائة من مقاتلي الحزب الإسلامي المدججين بالسلاح انتشروا في شوارع المدينة. وتعتبر مدينة حراطيري بوسط الصومال - وتبعد عن العاصمة مقديشو نحو 420 كم إلى الشرق - معقل القراصنة الرئيسي بوسط البلاد، حيث يحتجز عدد من السفن الأجنبية المختطفة. وعلى الرغم من القوة الكبيرة للقراصنة فإنهم كانوا يتجنبون في الماضي الدخول في مواجهة مباشرة مع المسلحين الإسلاميين الذين كانوا أيضا يغضون الطرف عن نشاط القراصنة.

وليس واضحا بعد فيما إذا كان استيلاء الإسلاميين على مدينة حراطيري بداية لصراع جديد على النفوذ في وسط البلاد بين القراصنة والمسلحين الإسلاميين. وفي الوقت الذي لا يحمل فيه القراصنة الصوماليون أي أجندة تتجاوز كسب المال عن طريق اختطاف السفن العابرة للسواحل الصومالية، فإن الحزب الإسلامي الصومالي يسعى إلى السيطرة على مناطق جديدة والإطاحة بالحكومة الصومالية. وقد كسب الإسلاميون سمعة جيدة عام 2006 عندما كانوا يحكمون المنطقة وقضوا على القرصنة بشكل كامل لكن ذلك لم يدُم فترة طويلة، بسبب التدخل الإثيوبي الذي أطاح بنظام المحاكم الإسلامية، وقد تكون خطوة الاستيلاء على حراطيري محاولة لاستعادة سمعة الفصائل الإسلامية الصومالية التي تثار حولها الشكوك إقليميا ودوليا.

نأت الحكومة الصومالية وكذلك جميع الفصائل الصومالية المعارضة بنفسها عن التفجير الذي استهدف مساء أول من أمس مسجدا في العاصمة مقديشو، والذي أوقع أكثر من 135 قتيلا وجريحا في مسجد عبد الله شدايي بوسط سوق البكارو في مقديشو، الذي كان يتردد عليه قادة من حركة الشباب المجاهدين المعارضة، وأصيب في الهجوم القيادي في الحركة فؤاد محمد خلف. وأدانت الحكومة الصومالية الانفجار على لسان وزير الإعلام، طاهر محمود جيلي، الذي وصف التفجير بأنه هجوم بربري، وأن منفذيه يفتقرون إلى الحد الأدنى من الاحترام لحرمة أماكن العبادة. وقال جيلي «إن الهجوم يعد ظاهرة جديدة في البلاد، والهجمات التي تستهدف أماكن العبادة مستوردة من الخارج». ونفى الوزير أي ضلوع لحكومته في الهجوم. قائلا «الحكومة لا تستهدف المدنيين ولا تفجر أماكن العبادة، ولا تستهدف المسلحين حينما يكونون في الأماكن التي يتجمع فيها كثير من الناس»، مشيرا إلى أن التفجير يحمل بصمات الجماعات المتطرفة، التي تنتمي إليها الفصائل الإسلامية المعارضة، على حد تعبيره. كما أدانت بعثة الاتحاد الأفريقي لحفظ السلام في الصومال التفجير، الذي كان هو الأعنف في مقديشو منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي حين استهدف انتحاري فندقا وأوقع أكثر من 70 قتيلا وجريحا بينهم 4 وزراء. من جهته، قال المتحدث باسم أهل السنة الشيخ أبو يوسف القاضي إن الحزب الإسلامي المنافس لحركة الشباب، هو الذي يقف وراء تفجيرات مسجد سوق البكارو، وأرجع القاضي ذلك إلى الصراع الداخلي بين الجماعتين المعارضتين، حيث سبق أن اشتبك مقاتلوهما في مناسبات كثيرة في جنوب البلاد؛ إلا أن الشيخ حسن طاهر أويس زعيم الحزب الإسلامي المعارض نفى بشدة مسؤولية حزبه عن التفجير، ورفض الاتهامات التي وجهت إليهم، وذكر أويس أن جهات وصفها بأعداء المجاهدين تقف وراء تلك التفجيرات التي استهدفت أماكن العبادة للمرة الأولى. أما حركة الشباب فقد اتهمت ما وصفته بمرتزقة أجانب بوقوفهم وراء الانفجار. وقال الشيخ علي محمود راجي، المتحدث باسم حركة الشباب «إن عملاء شركات مرتزقة أجنبية جلبتها الحكومة لتنفيذ هجمات تفجيرية في المناطق المأهولة والأسواق والمساجد هم المسؤولون عما حدث». وأضاف راجي «كنا قد حذرنا في وقت سابق من احتمال وقوع مثل هذه العمليات، سنتخذ التدابير اللازمة لمنع مزيد من هذه الهجمات التي ينفذها عملاء المرتزقة».

وكانت حركة الشباب قد قالت في يناير (كانون الثاني) الماضي إن الحكومة الانتقالية جلبت إلى البلاد شركات أمن أجنبية لتنفيذ هجمات تفجيرية في الأسواق والمساجد لتوريط الحركات المعارضة، أو بهدف أن يتوهم الناس أن حركة الشباب وراء الهجمات التفجيرية التي تحدث في مقديشو؛ لكن وزير الإعلام نفى تلك الادعاءات التي وصفها بأنها مجرد تضليل للرأي العام. وبلغت حصيلة قتلى التفجير الذي استهدف مسجد عبد الله شدايي، في سوق البكارو، الذي تسيطر عليه الفصائل الإسلامية المعارضة للحكومة الصومالية إلى أكثر من 135 قتيلا وجريحا من بينهم قيادات بارزة من حركة الشباب المجاهدين. وكان مسؤولون من حركة الشباب - يترددون على مسجد عبد الله شدايي لإلقاء خطب ودروس دينية فيه. وكان الهجوم يستهدف أحد قادة الحركة، ويدعى الشيخ فؤاد محمد خلف، الذي أصيب في الحادث. وقال «خلف» في أول ظهور له بعد الحادث إنه في حالة جيدة، وإنه أصيب بجروح طفيفة، وأضاف «عملاء مرتزقة أميركيون جلبتهم الحكومة ويتمركزون في قاعدة بجنوب العاصمة، وهي القاعدة الرئيسية لقوات الاتحاد الأفريقي لحفظ السلام، هم الذين نفذوا هذا الهجوم»، ودعا خلف مقاتلي حركة الشباب إلى الانتقام وأخذ الثأر. وكان اسم خلف قد ورد في لائحة أميركية جديدة لقيادات إسلامية صومالية فرضت واشنطن عليهم عقوبات تشمل تجميد أرصدتهم الشهر الماضي.

وكان انفجاران كبيران استهدفا مساء أول من أمس مسجد عبد الله شدايي في سوق البكارو جنوب العاصمة مقديشو، الذي يقع في منطقة تتقاسم السيطرة عليها حركة الشباب والحزب الإسلامي المعارضان للحكومة الصومالية عندما احتشد المصلون لأداء الصلاة. وتعد سوق البكارو أكبر الأسواق في العاصمة ويوجد فيها آلاف المحلات التجارية التي تغلق عند أداء الصلاة بأوامر من مقاتلي حركة الشباب. ولم يكن تفجير المساجد أو وقوع أعمال العنف فيها أمرا مألوفا في الصومال، وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تفجير مسجد في الصراع الآيديولوجي المسلح الدائر في الصومال. ولم تتضح بعد الجهة التي تقف وراء تفجير المسجد حتى الآن، ولم تعلن أي جهة مسؤولية ما حدث.