أعلام «المونديال» طغت على صور المرشحين في الجولة الأولى من الانتخابات البلدية

انقلابات في التحالفات بين الحلفاء والخصوم في كسروان وجبيل

TT

انطلقت عند الساعة السابعة من صباح أمس المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية والاختيارية في دوائر محافظة جبل لبنان الست لفترة ست سنوات مقبلة. وفتحت أقلام الاقتراع أمام الناخبين البالغ عددهم 795372 ناخبا، لانتخاب 9559 مرشحا موزعين على 257 مجلسا بلديا من أصل 313 مجلسا بلديا، بعدما فازت 56 بلدية بالتزكية، وبلغ عدد أعضاء مجالسها الإجمالي 579 عضوا. كما فاز بالتزكية 199 مختارا و385 عضوا في المجالس الاختيارية، وقد جاء عدد المرشحين للمجالس الاختيارية أقل من المقاعد المتاحة لهم، فتقدم 921 مرشحا لـ1377 مقعدا.

أما على صعيد البلديات فقد ترشح 10158 مرشحا، بينهم أكثر من 500 امرأة. وكانت وزارة الداخلية قد أعدت عدتها الأمنية والإدارية. وتوجه رؤساء المراكز أول من أمس إلى مراكز الأقضية في جبل لبنان للحصول على صناديق الاقتراع، وغالبيتهم باتوا ليلتهم في سياراتهم أو عند مداخل المراكز الانتخابية.

اقتصر الحماس على عدد قليل من الدوائر الانتخابية، وكأن هذه المعركة طغى عليها التوافق بشكل كبير، فلم تستقطب اهتمام المواطنين، وطغت أعلام الدول المشاركة في «المونديال» (كرة القدم) في بعض المناطق على صور المرشحين وشعاراتهم.

الانقلابات في التحالفات عما كانت عليه في الانتخابات النيابية العام الماضي كانت المشهد الأبرز لهذا الاستحقاق البلدي. ففي بلدة ضبية مثلا تخلى التيار الوطني الحر، الذي يرأسه النائب ميشال عون، عن الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي لم يجد بدا من التماس دعم حزب القوات اللبنانية، على الرغم من الجفاء المستفحل بينهما.

أما أغرب تنافس فكان بين أبناء الصف الواحد. ففي إحدى قرى كسروان قال مواطن ساخرا «المعركة عندنا بين التيار الوطني والعونيين»، في إشارة إلى انقسام مؤيدي التيار على خلفية الانتخابات البلدية.

مؤيدو النائب ميشال المر في بلدة بتغرين في المتن الشمالي حرصوا على وفائهم له، لذا حملوه على أكتافهم إلى مركز الاقتراع، كما هي عادتهم في كل استحقاق انتخابي.

«الحرتقات العائلية» لم تغب عن المشهد الانتخابي، فتمت بعض الترتيبات السرية على حساب الولاءات العلنية، على اعتبار أن الانتخابات لها يوم واحد، أما العلاقات العائلية فهي تستمر إلى الأبد. إلا أن ابنة أحد المرشحين في قرية من جرود كسروان قالت إنها فسخت خطبتها لأن خطيبها يؤيد منافس والدها.

وبقي الأمن مستتبا باستثناء إشكالات أمنية صغيرة، منها ما شهده أحد المراكز في حسينية بلدة افقا في كسروان بين أحد المندوبين المتجولين ومواطنين، وأدى إلى تدافع بينهم وإيقاف العملية الانتخابية لمدة نصف ساعة، وتدخلت القوى الأمنية وأعادت الأمور إلى نصابها.

لكن ما ينطبق على غالبية الأقضية غاب عن معركة قضاء جبيل، التي حملت عنوان «حرب الجنرالين»، في إشارة إلى التنافس بين لائحتي «الولاء لجبيل» المدعومة من التيار ورئيسه العماد ميشال عون التي واجهت لائحة «جبيل أحلى» التي يرأسها زياد حواط الذي يمت بصلة النسب إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان.

وقد فرضت حدة المعركة في جبيل تدخلا كثيفا ومباشرا لعون الذي لم يكتف بالزيارة التي قام بها أمس أول من أمس إلى جان لوي قرداحي، رئيس لائحة «الولاء لجبيل»، ليؤكد أمس أن «المعركة في جبيل ليست إنمائية، بل باتت معركة سياسية». ويبدي أسفه «لأن هناك من حاول إعطاءها المعنى السياسي»، ويلفت إلى أنه «يملك الثقة الكاملة بالقاعدة الشعبية التي ستختار من تجده مناسبا ليمثلها من أجل خدمة البلدة». ومع إشارات عن تقدم لائحة حواط، بدأ الترويج عن أن «المال الانتخابي نزل إلى الساحة الجبيلية»، حتى إن بعض مسؤولي التيار قالوا إن المال الانتخابي في البلديات فاق ما دفع في الانتخابات البلدية. وقيل إن ثمن الصوت بلغ 500 دولار.

ورأى عضو اللجنة التنفيذية في التيار الوطني الحر أنطوان نصر الله، أن إدخال رئاسة الجمهورية بغض النظر عن شخصية الرئيس يسيء إلى موقع الرئاسة وليس إلى المرشحين، معتبرا أنه يحق لرئيس الجمهورية أن يكون له خط أو توجه سياسي معين، ولكن يجب أن يعبر هو عنه. ولفت إلى أن تسييس معركة الانتخابات البلدية في جبيل لم يتم من قبل قرداحي بل من قبل الفريق الآخر.

إلا أن رئيس لائحة «جبيل أحلى» زياد حواط سارع إلى نفي هذه الإشاعات. وأكد أن لائحته سوف تفوز وسيبدأ التغيير البناء باتجاه الإنماء في جبيل.

وكانت الماكينة الانتخابية لحواط قد تمكنت من حشد الناخبين منذ الصباح الباكر، ما رفع سخونة المعركة، وما اضطر قرداحي إلى القيام بجولات على الناخبين لحثهم على الانتخابات. وسجلت في جبيل نسبة اقتراع مرتفعة، فبلغت أكثر من 45%، في حين اقتصرت في بعض المناطق على 20%. كما شهدت إقبالا ملحوظا للكبار في السن. وحرص الناخبون على عدم التشطيب، لتتمكن كل لائحة من الفوز بكامل أعضائها. واستخدمت الشائعات في المعركة، فتناولت انسحاب بعض المرشحين الذين اضطروا إلى نفي الأمر.

أما في معقل الموارنة في مدينة جونية، حيث قاربت نسبة الاقتراع 40%، فقد كان واضحا أن اللائحة الائتلافية (الانتماء التوافقي) المدعومة من رجل الأعمال نعمة افرام والقوات اللبنانية والتيار الوطني الحر والكتائب والنواب السابقين منصور غانم البون وفريد هيكل الخازن وفارس بويز، متماسكة بمواجهة لائحة «كرامة جونية» التي يرأسها جون حبيش رئيس البلدية الحالي وتدعمها العائلات. وفي حين لم يؤد التنافس بين اللائحتين إلى معركة حادة كما في جبيل، لتغلب الأجواء العائلية، راجت أنباء عن تشطيب وعن لوائح ملغومة مشطوب منها أسماء مرشحي التيار الوطني الحر.

إلا أن السمة السياسية لساحل كسروان غابت في جرود المنطقة لمصلحة التحالفات العائلية، وبرز أكثر انقلاب التحالفات بحيث سجل في أكثر من بلدة التنافس العائلي على حساب أي انتماء سياسي.