مشكلة المياه في العراق تتحول من إقليمية إلى محلية

المحافظات تتسابق على إنشاء السدود

TT

إذا كان الخلاف حول الحصص المائية وشح المياه في نهر الفرات محصورا بين العراق وتركيا وسورية، فإنه تفجر مؤخرا بين المحافظات المتجاورة في العراق ومن بينها البصرة والناصرية.

وإذا كانت تركيا وسورية أقامت عددا من السدود على مجرى الفرات، فإن السلطات المحلية في محافظة الناصرية شرعت أول من أمس في تنفيذ سد على مجرى نهر الفرات في منطقة الجبايش القريبة من قضاء المدينة العائد للبصرة بادعاء توفير كميات من المياه إلى الأهوار المهددة بالجفاف وسط اعتراض مجلس محافظة البصرة الذي أكد أن المحافظة تعاني أصلا من شح المياه التي أدت إلى هجرة الكثير من السكان جنوب المدينة بعد إغلاق إيران مجرى نهر الكارون صيف العام الماضي.

وقال حسن الأسدي رئيس لجنة الأهوار في مجلس ذي قار لموقع «شبكة أخبار الناصرية»: «إن المشروع يعد من المشاريع البالغة الأهمية كونه يتحكم في كمية المياه الداخلة إلى الأهوار، وبالتالي إنعاشها لا سيما أهوار المنطقة الوسطى بالمحافظة وهور (الحمّار) على وجه الخصوص».

وذكر أحمد كاظم سلمان رئيس المجلس البلدي في قضاء الجبايش أنه «تمت المباشرة بعمل السدود على نهر الفرات بعد مناشدات من أهالي قضاء الجبايش على اعتبار أن مياه نهر الفرات تذهب هدرا إلى البحر دون الاستفادة منها في تغذية الأهوار وأهالي قضاء الجبايش».

وتابع «تمت المباشرة ببناء السدود بواسطة شركة (الرافدين) بيد أن الجهات المختصة فوجئت باعتراض مجلس محافظة البصرة الذي كان قد اعترض العام الماضي على عمل السدود في منطقة 712 الواقعة في حدود البصرة، وحينها تم الاتفاق على إنجاز هذه السدود في أراضي محافظة ذي قار». وأكد «أن محافظة البصرة وافقت حينها على إنشاء المشروع ضمن حدودها الجغرافية وتم العمل حسب ما طلبوه إلا أننا فوجئنا باعتراض بعض أهالي البصرة»، داعيا الجهات ذات العلاقة إلى حسم الأمر وعدم تأخير عمل الآليات لأنها خسارة لجهود العاملين.

وتباينت آراء المعنيين بالموارد المائية الذين تحدثت إليهم «الشرق الأوسط » ما بين اعتبار المشروع أحد المنجزات المهمة التي تهدف إلى خلق موازنة في المياه وتنظيم عمليات انسيابها والحد من هدرها وبين من يعتبر أن خطورتها تكمن في تزامنها مع قيام الجانب الإيراني بغلق عدد من الأنهار التي كانت تغذي مناطق الأهوار وشط العرب.

وقال عبد الكاظم لهمود مدير عام مركز إنعاش الأهوار «إن وظيفة السد هي ليس منع مياه الفرات من الجريان باتجاه منطقتي المدينة والقرنة، بل ترتفع بمنسوب معين أمام السد وتدخل إلى الأهوار عبر مجموعة أنهار»، مشيرا إلى أن «عرض السد يصل إلى 50 مترا وعرض السد العلوي الترابي 25 مترا».

ويرى الدكتور ماجد ولي أستاذ الجغرافيا بجامعة البصرة أن «مشكلة المياه في العراق تكمن في عدم معرفه وزارة الموارد المائية بالكميات التي يحتاجها البلد، والتي يذهب معظمها هدرا في الخليج العربي عبر شط العرب». وأكد أن «عدم امتلاك الجانب العراقي لأرقام دقيقة لحاجاته المائية جعل موقف المفاوض العراقي ضعيفا في اجتماعات الدول المتشاطئة، التي تعمل بجهد كبير لاستثمار المياه بأقصى طاقاتها بعد أن أدركت خلال العقود الأخيرة أهميتها المستقبلية». وأضاف «على الرغم من التطور التنموي السكاني والتغيرات الطوبغرافية التي تزيد من الحاجة إلى المياه، بقيت الجهات المعنية بالمياه في العراق غير قادرة على تحديد حاجتها الفعلية منها، التي يذهب معظمها هدرا في الخليج العربي عبر شط العرب».