مصادر استخباراتية غربية: إيران طورت أجهزة طرد مركزي قد تمكنها من إنتاج سلاح نووي خلال عامين

تقلص الأنشطة في منشأتي قم وناتانز يثير الشكوك في وجود منشأة إيرانية سرية

TT

قال مسؤولون استخباراتيون ودبلوماسيون أميركيون وأوروبيون إن إيران على وشك القيام بتحقيق تقدم مهم في قدرتها على تخصيب اليورانيوم، باستخدام تكنولوجيا أكثر تطورا لأجهزة الطرد المركزي، يجري تجميعها حاليا في سرية لدفع الجهود النووية في البلاد إلى الأمام.

وقد أثارت الإنجازات الواضحة التي حققتها إيران في تكنولوجيا الطرد المركزي مخاوف من أن طهران تعمل في سرية على إنشاء محطة تخصيب يورانيوم قادرة على إنتاج مزيد من الوقود النووي بوتيرة أكثر سرعة، حسبما ذكر المسؤولون.

ولم يتم السماح للمراقبين النوويين بالأمم المتحدة بفحص جهاز الطرد المركزي الجديد، الذي تعرض له مسؤولون إيرانيون بصورة موجزة في مؤتمر صحافي الشهر الماضي. بيد أن تحليلا قامت به مجموعة من الخبراء للجهاز، قائم على الصور، يشير إلى أنه قد يصل إلى خمسة أضعاف الطاقة الإنتاجية لأجهزة الطرد المركزي التي تستخدمها إيران في الوقت الراهن لتخصيب اليورانيوم.

وبافتراض أن إيران أنتجت حتى الآن نماذج أولية فقط من أجهزة الطرد المركزي، فمن المحتمل أن يستغرق الأمر عامين أو أكثر بالنسبة لها لتجميع عدد كاف من الأجهزة لإنتاج قدر كاف من اليورانيوم لتصنيع سلاح نووي. وبعد ذلك ستكون إيران في وضع يمكنها من زيادة الإنتاج بصورة كبيرة، ويعتمد ذلك على عدد الأجهزة التي تقرر تثبيتها.

وباستخدام أجهزة الطرد المركزي القائمة، أنتجت إيران أكثر من طنين من اليورانيوم منخفض التخصيب، وهي الكمية التي يقول عنها المسؤولون إنها من الممكن إخضاعها لمزيد من التخصيب لإنتاج يورانيوم لاستخدامه في تصنيع قنبلة نووية واحدة، في الوقت الذي تصر فيه الحكومة على أن برنامجها النووي مخصص فقط لإنتاج الطاقة.

وذكرت مصادر أن التقدم الذي أحرزته إيران في إنتاج جهاز طرد مركزي جديد يتزامن مع انخفاض كبير في النشاط في اثنتين من محطات تخصيب اليورانيوم المعروفة، مما أثار تكهنات بأنها تعتزم استخدام هذا الجهاز في منشأة نووية غير معروفة حتى الآن.

ومن بين المحطات المعروفة، كانت منشأة صغيرة ومشددة الحراسة تقع في نفق جبلي بالقرب من مدينة قم متوقفة عن العمل تقريبا خلال الأشهر الأخيرة. وتباطأ الإنشاء حتى اقترب من التوقف منذ أن تم الكشف عن هذه المنشأة في شهر سبتمبر (أيلول)، وفقا لاثنين من الدبلوماسيين في أوروبا، بنيا تصريحاتهما على تقارير استخباراتية بشأن هذا الموقع.

وقال الدبلوماسي، الذي طلب مثل الآخرين عدم ذكر اسمه لأنه يناقش معلومات استخباراتية حساسة تتعلق ببرنامج إيران النووي «يبدو أنهم لم يعودوا مهتمين بمحطة قم منذ الكشف عنها. وذلك يجعلنا نتساءل حول ما إذا كانوا يفكرون في موقع جديد».

وأكد دبلوماسي آخر أن المفتشين شاهدوا انخفاضا حادا في النشاط في محطة قم، مما أثار أسئلة بشأن مكان وجود عشرات العلماء والعاملين المدربين الذين تمت رؤيتهم هناك أثناء الزيارات التي تمت قبل ستة أشهر. وقال المسؤول «ليس لديهم عدد كاف من الأفراد المدربين للعمل في مواقع متعددة».

كما بدا أن منشأة التخصيب الأكبر في البلاد، وهي مجمع تحت الأرض يقع بالقرب من مدينة ناتانز، متوقفة عن العمل. وأثناء زيارتهم لمجمع ناتانز، الذي كان مبنيا في الأساس ليحتوي على 50000 جهاز طرد مركزي من الجيل الأول والذي يعرف باسم «IR1s»، في أواخر شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، وجد مفتشو الأمم المتحدة أن المجمع يوجد به نحو 3800 جهاز فقط، بالمقارنة بما يقرب من 5000 جهاز أثناء الربيع الأسبق.

وفي مجال تخصيب اليورانيوم، تقوم أجهزة الطرد المركزي بتدوير نموذج غازي من اليورانيوم بسرعات تفوق سرعة الضوء، وذلك لإنتاج الوقود المخصب الذي يستخدم في المحطات التجارية للطاقة النووية، وكذا في الأسلحة النووية.

وجهاز الطرد المركزي «IR1» المستخدم في محطة ناتانز قائم على تصميم هولندي يرجع إلى خمسينات القرن الماضي أخذه العالم الباكستاني عبد القدير خان وباعه للإيرانيين. وهذا الجهاز عرضة للتحطم، وسرعان ما تخلت عنه الدول الأخرى التي كانت تستخدمه.

والجهاز الجديد الذي عرضته إيران يقفز جيلين على الأقل للأمام، وفقا لما ذكرته مصادر دبلوماسية وخبراء في مجال الطاقة النووية. وقال أحد الدبلوماسيين إن هذا الجهاز من المحتمل أن يكون من طراز «IR5»، مضيفا أن المسؤولين بالأمم المتحدة لا يعرفون كيف طورت إيران جهاز الطرد المركزي أو ما هي الجهة التي أمدتها بالمساعدة. وقال المسؤول «لا نعرف إلى أين من المفترض أن تذهب هذه الأجهزة».

واستنتج تحليل أجراه معهد العلوم والأمن النووي أن الجهاز الجديد مصنوع من معادن نادرة وصعبة الصنع، مثل ألياف الكربون، وتمت إعادة تصميمه لزيادة الكفاءة. وعلى الرغم من أن إيران عرضت اختبار البيانات، فإن الجهاز يبدو «قادرا من الناحية النظرية» على إنتاج اليورانيوم المخصب بسرعة تزيد خمس مرات عن جهاز «IR1»، حسبما ذكر فريق متخصص في الأبحاث النووية في واشنطن.

وقال ديفيد أولبرايت، رئيس معهد العلوم والأمن النووي في واشنطن وأحد المشاركين في التحليل، إنه من المشروع الشك في أن هناك مصنعا لأجهزة الطرد المركزي قيد الإنشاء، على الرغم من أنه غير واضح من أين ستحصل إيران على اليورانيوم الخام لاستخدامه في مثل هذه المنشأة. وبعد إجبارها على الاعتراف بوجود موقع قم، قد تكون إيران قررت بدء محطة تخصيب أخرى للحفاظ على خياراتها النووية مفتوحة. وأضاف أولبرايت «المنطق يقول إنه إذا تم اكتشاف أحد المواقع، فستبدأ في بناء موقع آخر أو موقعين». وتمتلك إيران مقدارا محدودا من اليورانيوم الطبيعي، لكنها أنتجت سداسي فلوريد اليورانيوم، وهو المادة الخام المستخدمة في أجهزة الطرد المركزي، لجعلها تستمر في العمل لسنوات.

وكان علي أكبر صالحي، رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية، غامضا عندما سئل أثناء مقابلة على تلفزيون «سي بي إس» بشأن المنشآت الجديدة، فقد قال «من المحتمل أن نبدأ في إنشاء موقع آخر العام الحالي». وأضاف أن إيران لا تعتزم إحاطة الوكالة الدولية للطاقة الذرية علما بشأن الإنشاء الجديد حتى تقترب هذه المنشأة من العمل. وبعد إحراجه علنا باكتشاف محطة قم السرية، تباهى الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد بأن بلاده ستبني قريبا 10 منشآت تخصيب.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»