حزب المالكي يرفع دعوى لوقف إجراءات إعادة الفرز.. لتشمل التحقق من سجلات الناخبين

رئيس المفوضية لـ «الشرق الأوسط» : نطبق قرار الهيئة القضائية ولم يأت ذكر سجل الناخبين

TT

بدأ العراق، أمس، إعادة فرز 2.5 مليون صوت يدويا بعد الانتخابات العامة التي أجريت قبل شهرين تقريبا، وهي أصوات عطل الخلاف عليها محادثات تشكيل حكومة جديدة وسط مخاوف متزايدة من تجدد العنف الطائفي. لكن الائتلاف الانتخابي الذي يقوده رئيس الوزراء نوري المالكي والذي طالب بإعادة الفرز قال إنه يجب وقفه لأن مفوضية الانتخابات تستخدم إجراءات غير ملائمة ستسفر عن نتائج غير دقيقة. ولم تسفر انتخابات السابع من مارس (آذار) عن فائز واضح، الأمر الذي زاد التوتر الطائفي في وقت تحاول فيه البلاد تعزيز التحسن الهش في الأوضاع الأمنية وتستعد فيه واشنطن لإنهاء العمليات القتالية رسميا في نهاية أغسطس (آب).

وبعد مرور ساعات قليلة على بدء عملية الفرز، أعلن ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي، اعتراضه على إجراءات العد والفرز، وطالب بإيقافها وقال إنه رفع دعوى للمحكمة ضد العملية. وقال حسين الشهرستاني عضو ائتلاف دولة القانون في مؤتمر صحافي في فندق الرشيد بحضور عدد من قيادات الائتلاف: «تقدمنا بشكوى إلى الهيئة القضائية بعد تبين أن المفوضية مصرة على عدم الأخذ بإرادة الناخبين». وأضاف أن «المفوضية لم تطابق أسماء الناخبين في صناديق الاقتراع مع سجل الناخبين». وتابع: «نطالب بإيقاف العملية بالكامل والعمل بطريقة صحيحة».

وقال «نأمل أن تراجع المفوضية موقفها، نحن لدينا معلومات بأن هناك تلاعبا بإرادة الناخب بإضافة استمارات مزورة كثيرة». وقال الشهرستاني إن «المفوضية ولأسباب نجهلها رفضت فتح سجل الناخبين وبهذا الرفض تكون قد ابتعدت عما أمرت به الهيئة القضائية»، مضيفا: «إذا لم تلتزم المفوضية بهذه العملية، فإننا نحتفظ بحقنا لمتابعة الإجراءات القانونية».

ولم يتسن معرفة متى سترد الهيئة القضائية على دعوى ائتلاف دولة القانون. لكن فرج الحيدري رئيس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات أكد لـ«الشرق الأوسط» أن قرار الهيئة القضائية يقضي بإعادة عد وفرز يدوي للأصوات وليست بالتدقيق والتحقيق في سجلات الناخبين. وأوضح أن قرار المحكمة التمييزية لم يتطرق إلى سجل الناخبين الذي يطالب به دولة القانون، موضحا أن المفوضية وضعت إجراءات إعادة العد والفرز بموجب قرار المحكمة الذي يؤكد على ضرورة إعادة الاقتراع في المحطات الملغاة وغير الملغاة في كل محافظة بغداد. مضيفا: «على الرغم من ذلك فإن المفوضية صنعت نوعا من المطابقة من خلال مطابقة ما هو موجود في صناديق الاقتراع مع الاستمارة (502)، وفي حال وجدنا أن هناك تلاعبا سنطلب سجل الناخبين لإجراء المطابقة وفقه».

وأشار إلى أن «ائتلاف دولة القانون يطالب باحتساب التوقيعات وهذا يعني العودة إلى السجل الموجود في المحطة.. وهذا سيأخذ وقتا طويلا ويؤخر إعلان النتائج». وأضاف: «نحن بقناعتنا نفسر أن قرار الهيئة القضائية لم يتطرق إلى التدقيق والتحقيق في التوقيعات»، مضيفا: «في كل الأحوال اتخذنا بعض الإجراءات وسوف ننتظر ماذا ستقرر المحكمة وفي حال أقرت إلزامنا بهذه الإجراءات سوف نلتزم بها وإذا كان العكس سنستمر في إجراءاتنا».

من جانبه، كشف أحد مراقبي الانتخابات التابع لمنظمة «شمس» المتخصصة بمراقبة الانتخابات الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، عن أن عملية العد والفرز بدأت أمس (الاثنين) عند الساعة الثامنة صباحا، مؤكدا لـ«الشرق الأوسط» أنه «بدأ العمل بمطابقة أرقام الصناديق مع الأقفال، وبحضور وسائل الإعلام التي لم يسمح لها بالبقاء سوى ربع الساعة الأولى من بدء العملية»، مضيفا: «أشرف على عملية العد والفرز مراقبو الكيانات السياسية فضلا عن المراقبين الدوليين»، وأشار إلى أنه «تم منع بعض المراقبين من دخول قاعة العد لعدم تزويدهم بباجات الدخول (لتأخر إصدارها من المفوضية)، إلا أن المسؤولين في القاعة سمحوا لهم بالدخول إليها من أجل تسهيل عملهم»، مؤكدا أنه «جرت الأمور بشكل طبيعي داخل قاعة العد ولم تشهد العملية أي ملاحظات تذكر». رافضا الكشف عن المزيد.

ويتوقع ائتلاف دولة القانون أن تؤدي عملية إعادة الفرز والعد إلى تغيير نتائج الانتخابات المعلنة في بغداد وحصوله على 2 - 4 مقاعد إضافية في الوقت الذي تشير المفوضية فيه إلى أن العملية لن تؤدي إلى تغيير النتائج وإنما ذلك سيكون بسبب استبعاد عدد من المرشحين وإلغاء الأصوات التي حصلوا عليها بسبب قرارات الهيئة القضائية.

إلى ذلك، تباينت آراء السياسيين العراقيين حيال عملية إعادة العد والفرز واعتراضات دولة القانون في اليوم الأول من العملية، ويوضح محمد البباتي، عضو الائتلاف الوطني العراقي، أن عملية إعادة العد والفرز التي تقوم بها مفوضية الانتخابات تختلف عن العملية السابقة التي جرت في 7 مارس الماضي، ويؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن «العملية السابقة رافقتها طعون وشكوك، الأمر الذي يفرض على المفوضية أن تقوم بعملية إعادة العد بكل شفافية، ولا سيما أن هناك مطالب من كثير من الكتل بشأن الدعوى القاضية بإعادة العد والفرز من قبل المفوضية بكل شفافية، وبالتالي على الأخيرة إجراء المطابقة وفقا لقرارات المحكمة القضائية»، لكنه عاد وأكد أنه «ليس من صلاحية دولة القانون أن يفرض رأيه على المفوضية، إنما هناك جهات رسمية تقوم بذلك»، مشددا على أنه «لا يحق لدولة القانون أن يضع الشروط»، مضيفا: «على المفوضية أن تعمل وفق رؤى ونظام شفاف يطمئن الجهات التي تقدمت بالطعون».

من جهته، أكد نصار الربيعي، القيادي في التيار الصدري، أن اعتراض دولة القانون الذي تقدم به إلى الهيئة القضائية بشأن إعادة العد والفرز كان اعتراضا قانونيا، ولا سيما أنه استند إلى أدلة ووثائق تقدم بها دولة القانون حينها، لكنه لم يخف تحفظه من أن تكون لتلك الاعتراضات آثارها الخطرة على العملية السياسية، موضحا لـ«الشرق الأوسط» أنه «من الناحية السياسية ستكون هذه الاعتراضات خطيرة.. وخصوصا أن الإجراءات الفنية عادة ما تكون من اختصاص مفوضية الانتخابات وهي المسؤولة عن تقدير الموقف».

ويتفق القيادي في التيار الصدري محمد الدراجي مع زميله الربيعي في الرأي، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «يجب القبول بنتائج الانتخابات، كذلك القبول بتشكيل حكومة شراكة وطنية تشمل جميع الأطراف»، موضحا أن «إضاعة الوقت ليست من مصلحة الشعب العراقي، وخصوصا أن القضاء العراقي كفيل بحل جميع النزاعات حيال نتائج الانتخابات»، متمنيا «أن تكون هذه الاعتراضات قانونية وليست سياسية».

أما جمال البطيخ، عضو القائمة العراقية، فيرى أن الغاية من الاعتراضات على عملية إعادة العد والفرز التي تقوم بها مفوضية الانتخابات هي إطالة عملية العد، مؤكدا لـ«الشرق الأوسط» أن «من يعترض على عمل المفوضية يريد الاستفادة من الوقت من أجل تمديد عمر الحكومة الحالية في ظل غياب البرلمان»، وعن توقعاته حيال قرار المحكمة القضائية قال «إن المحكمة مسيسة، حيث وقعت تحت تأثير الضغط السياسي الواضح».

وقال مسؤول بالمفوضية العليا المستقلة للانتخابات إن الفرز الذي سيقتصر على أصوات بغداد وعددها 2.5 مليون صوت قد يستغرق 11 أو 12 يوما. ويقترب عدد الأصوات التي أدلى بها الناخبون في العراق في مجمله من 12 مليون صوت. وقد تحرم هذه العملية القائمة العراقية التي تتألف من طوائف مختلفة ويقودها رئيس الوزراء العراقي الأسبق إياد علاوي من التقدم الطفيف الذي حققته في الانتخابات حيث حصلت بفضل تأييد الأقلية السنية على 91 مقعدا في البرلمان المؤلف من 325 مقعدا.