مزهر مضني عواد لـ «الشرق الأوسط»: البعث ارتكب أخطاء.. وما كنا نجرؤ على الاعتراض

القيادي في البعث العراقي: الاعتذار للشعب العراقي واجب

TT

في أول اعتراف من قيادي بحزب البعث العراقي بالأخطاء التي ارتكبها الحزب إبان حكمه في العراق وتفرد الرئيس العراقي السابق صدام حسين بالسلطة، قال مزهر مضني عواد، عضو القيادة القطرية في البعث، جناح محمد يونس الأحمد «نعم، كانت هناك أخطاء، وليس هناك تنظيم سياسي أو نظام حكم بلا أخطاء، ولكن علينا أن لا نحمل مبادئ الحزب هذه الأخطاء، والجميع يعلم أن الحزب سلم قيادته إلى صدام حسين، ولم يكن هناك أي شخص يستطيع الاعتراض أو أن يتفوه بأي كلمة أمامه (صدام حسين)»، مشددا على أن «الحزب لا ينظر إلى أي شخص باعتباره مقدسا، ولسنا مع تقديس الشخوص أو القادة».

ولأول مرة يصدر عن قيادي بعثي اعتذار صريح ومباشر إلى الشعب العراقي، حيث قال عواد: «الاعتذار إلى الشعب العراقي واجب، ونحن نعترف بأخطائنا، لكن أخطاء ما يقرب من 35 سنة من حكم حزب البعث تلاشت أمام أخطاء وممارسات أسبوع واحد للحكومة الحالية في العراق»، مشددا على أن «على الشعب العراقي أن يتذكر الإنجازات الكبيرة للحزب في العراق، ومنها مكافحة الأمية والتعليم الإلزامي المجاني وانتشار الجامعات وتقدم التعليم العالي والرعاية الصحية والبناء والإعمار في كل مجالات الحياة، هذا إضافة إلى أن الحزب كان يحترم كل المعتقدات الدينية وكل القوميات، فلن نسمع أن هناك شيعيا وآخر سنيا أو هذا مسلم وذاك مسيحي أو أن هناك فرقا بين عربي وكردي أو تركماني».

وأعلن عواد لـ«الشرق الأوسط»، عبر الهاتف من دمشق أمس، عن «عزمنا العودة إلى العراق والمشاركة في العملية السياسية إذا تحققت الديمقراطية الحقيقية، وفي ظل عراق واحد وموحد، وليس في ظل ما يحدث اليوم في البلد تحت تسمية الشفافية والديمقراطية، وأن كل جهة سياسية تجرجر الأمور باتجاهات متعاكسة (واحد يجر بالطول والثاني بالعرض)»، على حد قوله.

ونفى القيادي البعثي في جناح الأحمد، الذي يعد الجناح المعتدل أو المنفتح في حزب البعث، الذي حكم العراق لأكثر من ثلاثة عقود، أن يكون الاجتماع الذي عقد في دمشق أول من أمس مؤتمرا للحزب، وقال: «كان مجرد ندوة أو احتفالية بمناسبة عيد تأسيس الحزب الذي صادف السابع من أبريل (نيسان) الماضي، وتأخر قيامها حتى حصلنا على موافقة السلطات السورية»، مشيرا إلى أن «الندوة دعت إليها الجبهة الوطنية التي تضم بالإضافة إلى البعث، الحزب الشيوعي (طريق الشعب) وشخصيات قومية ووطنية عراقية، كما شارك فيها بعض الأعضاء غير البارزين لحزب البعث جناح عزة الدوري وممثلون عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (جماعة جورج حبش)، حيث ألقى ممثلهم كلمة بالمناسبة».

يذكر أن محمد يونس الأحمد كان عضوا في القيادة القطرية للحزب في التسعينات ومحافظا للموصل وعسكريا برتبة لواء ركن في الجيش العراقي. وأوضح عواد أن «الندوة أقيمت في قاعة احتفالات خاصة ومؤجرة ودعينا إليها، كالعادة، الرفاق في حزب البعث من تنظيمات الدوري، ولم يحضر أي قيادي منهم، كما لم يحضر الرفيق محمد يونس الأحمد، بل حضرتها أنا»، منبها إلى أن «دعوتنا مستمرة إلى جميع الرفاق البعثيين العراقيين للتوحد في إطار حزبي واحد، وهذا مطلب جماهيري ملح، فنحن ننظر إلى الحزب باعتباره واحدا وليست هناك انشقاقات».

وقال القيادي البعثي إن «عزة الدوري هو الذي أعلن أننا منشقون عندما عقدنا قبل ثلاث سنوات مؤتمرا للقيادة القطرية وانتخبنا قيادة للحزب في ظل غياب قيادته بعد إعدام الرئيس صدام حسين واعتقال أعضاء القيادة الآخرين، لكن الدوري اعترض واعتبر نفسه الوريث الشرعي لقيادة الحزب وفصل 150 عضوا منا باعتبارهم انشقوا عن الحزب، لكننا انتخبنا الأحمد لقيادة البعث»، مشيرا إلى أن «قيادتنا تطالب بتطبيق النظام الداخلي للحزب وإجراء انتخابات حزبية لاختيار القيادة الموحدة».

ولم ينف أو يؤكد عواد وجود الدوري على قيد الحياة، وقال: «نحن لم نلتق به وأنا لا أستطيع أن أؤكد أو أنفي وجوده لأننا لا نملك أي وثائق حول هذا الموضوع»، مشيرا إلى أن «ما يتداول بأن أموال الحزب لدى أبناء الدوري الثلاثة المقيمين باليمن». وعن الجهود التي يبذلونها لتوحيد صفوف الحزب، قال عواد: «لقد وجهنا أربع دعوات إلى جناح الدوري ولا مجيب، وهناك عناصر موتورة ومخربة تحاول أن تزيد في التباعد بيننا».

من جهته قال محمد الدليمي، وهو قيادي بعثي في جناح الأحمد أيضا ومقيم بدمشق إن «شخصيات وطنية عراقية بعثية ومستقلة وشيوخ عشائر وشخصيات عسكرية تبذل حاليا جهودا حثيثة من أجل وحدة فصائل البعث وخلق جبهة سياسية وعسكرية موحدة ضد الاحتلال الأميركي في العراق». وأوضح الدليمي لوكالة الصحافة الفرنسية «أن هذه الشخصيات وجهت رسالة إلى جناح محمد يونس الأحمد في الحزب، ورسالة أخرى إلى الجناح الآخر بقيادة عزة إبراهيم الدوري النائب السابق لمجلس قيادة الثورة بالعراق في عهد صدام حسين تتضمن دعوة إلى الوحدة وتجاوز الخلافات»، منوها إلى أن الأحمد «رد على رسالة هذه الشخصيات برسالة ضمنها استعداده لتوحيد الحزب من دون قيد أو شرط ما دام الأمر يخص العراق ومستقبله»، ومعربا أيضا عن «استعداده التام للقاء عزة إبراهيم أو من يخوله».

وأوضح الدليمي أن يونس كلفه «شخصيا متابعة ما يخص وحدة الحزب». ونقل الدليمي أن «مباحثات تشاورية جرت مع قيادات تمثل جناح عزة إبراهيم الدوري وأن الحوار ما زال مستمرا» إلا أنه أوضح أن الدوري لم يرد بعد على الرسالة التي وجهت إليه. ونقل الدليمي أن جناحا ثالثا يعرف باسم تيار المراجعة والتوحد في حزب البعث بزعامة اللواء عبد الخالق فيصل شاهر أعلن «استعداده للتوحد وعقد المؤتمر القطري». ويعتبر الدوري أرفع مسؤول في نظام البعث السابق ولا يزال فارا وتطارده القوات العراقية والأميركية منذ اجتياح العراق ربيع عام 2003.