خلافات بين النواب والقوى السياسية تتسبب في اشتباكات في مظاهرة بوسط القاهرة

وزارة الداخلية اشترطت أن تكون المظاهرة «ثابتة» ولا تتحرك للشارع

فلاح مصري خلال مشاركته في المظاهرة التي شهدها ميدان التحرير بالقاهرة في اطار مطالب الاصلاح السياسي (إ ب أ)
TT

تحولت المسيرة السلمية التي دعا إليها نواب بالبرلمان المصري من المستقلين أمس للمطالبة بإنهاء حالة الطوارئ في البلاد إلى سبب للخلاف بينهم وبين قوى معارضة مصرية، على رأسها حركتا 6 أبريل و«مصريات مع التغيير»، بعدما اعتبرته الأخيرة «تراجعا عن الاتفاق»، وقالت إن «الاستجابة لتهديدات الداخلية سيعيدنا إلى الخلف»، وذلك عقب قرار وزارة الداخلية المصرية السماح بوقفة احتجاجية أمام جامع عمر مكرم بميدان التحرير، ورفض قيامهم بمسيرة وهو ما استجاب له النواب.

وشهدت الأيام الماضية احتقانا بين نواب بالبرلمان من المعارضة والمستقلين وبين وزارة الداخلية، على خلفية رفضها قيام النواب بمسيرة سلمية، من جامع عمر مكرم بميدان التحرير إلى البرلمان المصري، القريب منه بوسط القاهرة، وفاجأت وزارة الداخلية النواب، الذين أصدروا بيانا أعلنوا فيه إصرارهم على القيام بالمسيرة، بإبلاغ مجلس الشعب (البرلمان) موافقتها على قيام النواب بالتظاهر أمام مسجد عمر مكرم، على أن تكون المظاهرة «ثابتة» ولا يسمح بتحركها في الشارع.

وأدى قرار الداخلية إلى خلافات حادة بين النواب وبعض القوى السياسية المشاركة في المظاهرة أمس، كادت تتطور إلى اشتباكات بالأيدي بين نواب بالبرلمان وأعضاء من حركة 6 أبريل، بسبب إصرار الأخيرة على الخروج إلى الشارع وتنظيم المسيرة إلى مقر البرلمان مرورا بشارع القصر العيني.

ووقعت اشتباكات متكررة بين الشرطة والمتظاهرين الذين حاولوا تجاوز الكردون الأمني والخروج إلى الشارع، فيما قرر النواب في اللحظات الأخيرة عدم إرسال وفد منهم إلى البرلمان لتقديم مطالبهم إلى رئيسه الدكتور فتحي سرور.

وفرضت الشرطة منذ الصباح الباكر حصارا أمنيا مكثفا شمل منطقة وسط القاهرة، وانتشرت قوات مكافحة الشغب وعناصر الشرطة السرية وفرق الكاراتيه (أفراد أمن مدربون يرتدون ملابس مدنية) بكثافة، إضافة إلى عناصر الشرطة النسائية.

وحاول النواب وقيادات بعض القوى السياسية تهدئة المتظاهرين الغاضبين الذين حاولوا الخروج للشارع، وردت حركة شباب 6 أبريل التي تبنت فكرة الخروج للشارع على موقف النواب بإعلان اعتصام أعضائها في موقع المظاهرة.

ووقعت مشادات حادة بين عضو حركة «مصريات مع التغيير» الإعلامية جميلة إسماعيل وعدد من النواب، على خلفية احتجاج إسماعيل على موقف النواب، وقالت إن تحركها جاء للمشاركة في مسيرة وليس مظاهرة، ووجهت حديثها إلى نائب جماعة الإخوان المسلمين محمد البلتاجي خلال محاولاته شرح الموقف، قائلة «ليس هذا ما اتفقنا عليه، لقد جئنا للمشاركة في مسيرة سلمية، ولن نشارك في مظاهرة يقرر الأمن طبيعتها ومتى تبدأ أو تنتهي».

وقالت إسماعيل عقب إعلانها الانسحاب من المظاهرة لـ«الشرق الأوسط»: «الاستجابة لتهديدات الداخلية ستعيدنا إلى الخلف، فنحن ببساطة نمارس حقنا في التظاهر الذي كفله الدستور والمواثيق الدولية، ولا نحتاج إلى إذن من أحد».

وأعلن المنسق العام لحركة شباب 6 أبريل أحمد ماهر اعتصام أعضاء حركته في موقع المظاهرة احتجاجا على رفض الداخلية السماح بالمسيرة السلمية. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لجأنا للاعتصام بعد أن منعتنا الشرطة من الخروج واعتدت على المتظاهرين».

وكان نواب بالبرلمان من المعارضة والمستقلين قد أعلنوا اعتزامهم تنظيم مسيرة سلمية من ميدان التحرير إلى مقر البرلمان مرورا بشارع القصر العيني، ردا على التصريحات التي أدلى بها نائب الحزب الوطني الحاكم في أحد اجتماعات البرلمان بدعوة وزارة الداخلية إلى إطلاق الرصاص على المتظاهرين، وهي التصريحات التي أثارت غضبا سياسيا وحقوقيا واسعا، وقام النواب بإخطار الداخلية بموعد ومكان وخط سير المظاهرة إعمالا للقوانين، وردت الداخلية بإرسال إطار رسمي إلى البرلمان على يد محضر تعلن فيه رفضها تنظيم المسيرة وتحذر النواب من القيام بها، وهو ما صاحبه حالة احتقان خلال الأيام الماضية مع إعلان النواب إصرارهم على تنظيم المسيرة.

وتراجع النواب خلال مظاهرة أمس عن إرسال وفد منهم ومن بعض قيادات القوى السياسية لتسليم مذكرة بمطالبهم، التي تضمنت المطالب التي سبق أن أعلنوا عنها، وأبرزها: إلغاء حالة الطوارئ، وإقرار قانون مباشرة الحقوق السياسية الذي توافقت حوله قوى المعارضة وقدمه النواب إلى البرلمان، وإجراء تعديلات على عدد من مواد الدستور منها المواد 76 و77 و88، والإفراج عن المعتقلين السياسيين.

وفسر نائب جماعة الإخوان المسلمين محمد البلتاجي التراجع عن تقديم المطالب إلى رئيس البرلمان بقوله «لسنا في حاجة إلى تقديم مطالب إلى برلمان يسيطر عليه الحزب الوطني»، وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن وزارة الداخلية أبلغت رئيس البرلمان في الليلة السابقة موافقتها على تنظيم مظاهرة ثابتة من دون السماح بتحركها في الشارع. وأضاف «تداولنا الأمر مع القوى السياسية المشاركة وتوصلنا إلى قرار بتنظيم المظاهرة».

وقال الإعلامي حمدي قنديل المتحدث باسم الجمعية المصرية للتغيير التي يترأسها الدكتور محمد البرادعي، المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية: «لو كان هناك مجلس شعب يعبر عن الجماهير، ما كنا في حاجة إلى تنظيم هذه المظاهرة، ولكانت هذه المطالب المحدودة قد خرجت من تحت قبة البرلمان»، وتابع «قررنا عدم تقديم مطالبنا إلى البرلمان لأن منع المسيرة تم بالتنسيق بينه (البرلمان) وبين الداخلية».