القضاء يسلم جثة مسلّم إلى السفارة المصرية وسفير لبنان في القاهرة ينفي تلقيه تهديدات

والدة الطفلتين لـ «الشرق الأوسط»: وسائل الإعلام حولت القاتل إلى ضحية

TT

بقيت جريمة كترمايا الثأرية المتمثلة في قتل العامل المصري محمد سليم مسلّم والتمثيل بجثته ردا على قتله 4 لبنانيين من عائلة واحدة، في صدارة اهتمام الأجهزة القضائية والأمنية وحتى السياسية والدبلوماسية في لبنان، بعدما تفاعلت هذه القضية داخليا وخارجيا من خلال دخول السلطات المصرية على خط المتابعة التي بدأت في اتخاذ الإجراءات القانونية لملاحقة المتهمين في قتله، في حين تواصلت التحقيقات من قبل الأجهزة اللبنانية التي تستكمل جمع المعلومات لتحديد هويات المشتركين في قتل الشاب المصري وتوقيفهم وتقديمهم إلى القضاء لمحاكمتهم.

وفي هذا السياق، قال مصدر في القرية لـ«الشرق الأوسط»: «إن مسلّم جاء إلى لبنان بطريقة غير شرعية منذ 4 أشهر وهو يسكن في كترمايا مع إخوته من والدته المصرية المتزوجة بأحد أبناء القرية منذ 30 عاما، الذين يتمتعون بسمعة طيبة في أوساط القرية. لكن سلوك محمد مسلّم كان مختلفا، إذ إنه، ورغم إقامته القصيرة في القرية، ألقي القبض عليه في وقت سابق بتهمة اغتصاب إحدى الفتيات ثم أطلق سراحه. مع العلم بأنه ومنذ وقوع جريمة القتل وما رافقها من رد فعل شاجب لا تزال هذه العائلة متوارية عن الأنظار».

أما أم الطفلتين، رنا أبو مرعي، المفجوعة بخسارة طفلتيها، فلا تزال صورة جثث ابنتيها ووالدها ووالدتها المشوهة ماثلة أمام عينيها وهي عاجزة على تقبل ما ألم بعائلتها غير قادرة على استيعاب المشهد المروع للجثث، فقد قالت لـ«الشرق الأوسط»: «ما رأته عيناي من تشويه وتنكيل بالجثث لا يمكن وصفه. فقد نفذ المجرم جريمته بطريقة محترفة ووحشية، وعمد إلى تعذيبهم وطعنهم في أماكن مختلفة في أجسادهم». وعن ما تردد من أنها اتهمت شخصا آخر في مقتل عائلتها تؤكد رنا «كل ما لا يصدر عن لساني لا يعنيني، وأنا لم أتهم أحدا لأن ليس لدي أعداء، لكن كل ما يبقى لي قلته أثناء التحقيق هو (الله على الظالم)، وعندما سئلت من هو الظالم أجبت (الظالم هو من ارتكب هذه الجريمة، وعلى القضاء أن يكتشف هويته وليس أنا)». وفي حين تلقي رنا بعض المسؤولية على وسائل الإعلام التي لعبت دورا سلبيا في القضية بعدما حولت القاتل، الذي أثبتت فحوص الحمض النووي أنه نفذ الجريمة، إلى ضحية من خلال إلقائها الضوء على صوره، فيما لمَ لم تعرض حجم الإجرام الذي تعرضت له جثث الضحايا، تقول: «إذا أردت أن أتكلم بموضوعية، يمكن القول إن ما حصل من رد فعل في القرية هو خطأ، لا سيما وأننا نعلم أبناءنا شرعة حقوق الإنسان، لكن في حالة كالتي وقعت يصعب ضبط الأعصاب والعواطف في جريمة قتل 4 أبرياء. أما المسؤولية الكبرى فهي على القوى الأمنية التي لم تأخذ هذا الوضع بعين الاعتبار وأحضرت القاتل لتمثيل جريمته في اليوم التالي حين كانت القرية لا تزال تعيش الساعات الأولى بعد الفاجعة، ولم أكن قد حصلت بعد على إذن بتسلم جثث عائلتي». وفي وقت وافق النائب العام التمييزي في لبنان القاضي سعيد ميرزا، أمس، على تسليم جثة مسلم إلى السفارة المصرية في بيروت، تمهيدا لنقلها إلى مسقط رأسها، تابعت الأجهزة الأمنية في الشرطة القضائية وفرع المعلومات جمع المعلومات وتوثيقها لكشف هويات قاتليه وتوقيفهم وتقديمهم للعدالة. وأكدت المصادر القضائية أن القضاء اللبناني «سيلاحق مرتكبي جريمة كترمايا الانتقامية، وهو ينتظر اكتمال معطيات الملف التي تجمعها الأجهزة الأمنية بعدما باتت أسماء معظمهم في متناول هذه الأجهزة، بالإضافة إلى صورهم التي ظهرت على شاشات التلفزة إثر وقوع الحادثة، خصوصا عند مشهد تعليق جثته على عمود حديدي وسط ساحة البلدة». وكانت معلومات ترددت عن تلقي السفارة اللبنانية في القاهرة تهديدات مجهولة المصدر تتوعد بالثأر لقتل المواطن المصري، إلا أن سفير لبنان في القاهرة، خالد زيادة، إلى نفي هذه المعلومات، كما نفى ما أذاعته بعض وسائل الإعلام عن طلب السفارة اللبنانية في مصر الحماية من السلطات المصرية جراء تهديد تلقته عبر اتصال هاتفي من مجهول توعد بالثأر للمتهم في قضية كترمايا، محمد مسلم. وشدد على أن «الوضع في السفارة اللبنانية هو وضع طبيعي جدا»، وقال: «لم نأخذ أي إجراءات استثنائية لحماية السفارة، لا داعي ولا مبررات لاتخاذ إجراءات استثنائية لأن الجهات الأمنية المصرية تقوم أصلا بحماية السفارات جميعها بشكل روتيني ودائم»، ورأى أن «الحادثة المؤلمة التي استنكرها كل اللبنانيين لا يمكن أن تكون سببا لتعكير العلاقات بين مصر ولبنان وبين الشعبين اللبناني والمصري».

يذكر أن السفارة المصرية في لبنان أوكلت إلى المحامية اللبنانية، مارغو خطار، البدء في اتخاذ الإجراءات القانونية لملاحقة المتهمين في قتل مسلم، وطلبت موعدا للسفير أحمد فؤاد بديوي للقاء وزير العدل اللبناني إبراهيم نجار اليوم الثلاثاء، للتعرف منه على آخر مستجدات القضية ولجمع الأدلة كافة التي تدين من شاركوا في عملية القتل.