محاضرات الجابري في كلية الآداب في الرباط جذبت طلاب كليات أخرى

نأى بنفسه عن حساسية «المغرب مع المشرق»

TT

تميزت فترة السبعينات في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في الرباط، وهي الفترة التي كان يحاضر فيها الدكتور محمد عابد الجابري، بانتظام في شعبة الفلسفة والاجتماع وعلم النفس بمسألتين: طغيان الفصائل اليسارية وسط جميع طلاب جامعة محمد الخامس، لكن بصفة خاصة كان اليسار الراديكالي هو المهيمن بين طلاب شعبة الفلسفة والاجتماع وعلم النفس، و«حساسية صامتة» بين الأساتذة المغاربة والمشارقة، حيث كانت الجامعة المغربية تستعين آنذاك بعدد من الأساتذة في بعض التخصصات.

كان من أبرز أساتذة الشعبة آنذاك، من المغاربة محمد عابد الجابري ومبارك ربيع وعلى أومليل، والطاهر واعزيز، وطه عبد الرحمان، وعبد السلام بومجديل، ومحمد سبيللا، وإبراهيم بوعلو، وسالم يفوت وبن سالم حميش، وعبد السلام بن عبد العالي، وإدريس الكتاني، وخديجة المسدالي.

في حين كان أبرز الأساتذة المشارقة نبيل الشهابي، وهو كندي من أصول فلسطينية. كان الشهابي عندما يدخل المدرج يصفق له الطلاب بحرارة، وهي التفاتة لم يكن يحظى بها أي أستاذ آخر في كلية الآداب والعلوم الإنسانية، وكان هناك أيضا على سامي النشار، وعالم الاجتماع رشدي فكار، وطه فرج.

ولم يكن موقف الدكتور الجابري واضحا تجاه تلك «الحساسية الصامتة» بين الأساتذة المغاربة ذلك ومجموعة الأساتذة المشارقة، وهناك من يؤكد أنه نأى بنفسه عن الموضوع، بيد أنه كان قطعا من الأساتذة الذين يحظون بتقدير كبير وسط الطلاب، وكان عدد كبير من الطلاب يتابعون محاضراته ودروسه سواء في «مدرج ابن خلدون» أو «مدرج الإدريسي». واعتاد الجابري في تلك السنوات إلقاء دروسه في الفلسفة على طلاب السنتين الثالثة والرابعة من شعبة الفلسفة، على الرغم من ذلك كان عدد كبير من الطلاب من مختلف الشعب يحضرون دروسه، بل كان هناك طلاب يأتون من كلية الحقوق وكذلك من كلية العلوم المجاورتين لكلية الآداب والعلوم الإنسانية، لمتابعة دروسه.

كان محمد عابد الجابري يتميز بطريقة خاصة في إلقاء المحاضرات، تساعده في ذلك نبرات صوته القوية، وحنجرة يعرف كيف يطوعها لينطق بها مخارج الحروف. كما كان يبسط الدروس بطريقة تساعد الطلاب على استيعابها بسهولة ويسر.