ثاني يوم من الأمطار تشل أطراف العاصمة السعودية

الرياض تعلن حالة الطوارئ.. وتوقعات باستمرار الأمطار اليوم > الدفاع المدني يستعين بالمروحيات لإنقاذ المحتجزين.. والمستشفيات تتأهب

TT

أعلنت العاصمة السعودية، أمس، حالة الطوارئ، إثر تعرضها لأمطار غزيرة، تسببت في عدد من الحوادث على الطرقات، واحتجاز عشرات المركبات، بسبب كميات المياه الكبيرة التي خلفتها الأمطار. وسبقت الأمطار، التي غمرت العاصمة الرياض، عاصفة رملية تسببت في سقوط الأشجار، وأحد أعمدة الإنارة على الطريق الدائري الشرقي، أحد أهم الطرق الرئيسية في العاصمة.

ووجه الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد آل سعود، وزير التربية والتعليم السعودي، مساء أمس، بتعطيل الدراسة في مدارس التعليم العام لهذا اليوم في مدينة الرياض، وذلك نظرا لما تتعرض له العاصمة السعودية من أمطار غزيرة وعواصف رعدية وفرصة لاستمرارها بحسب توقعات مصلحة الأرصاد وحماية البيئة، وأيضا وفقا للتحذيرات الواردة من مديرية الدفاع المدني. واستنفرت وحدات الدفاع المدني، بآلياتها كافة، لمواجهة الحالة الطارئة التي خلفتها أمطار الرياض، فيما أعلنت مستشفيات وزارة الصحة حالة التأهب القصوى لمواجهة أي إصابات محتملة نتيجة تلك الأمطار.

وأبلغ مصدر طبي «الشرق الأوسط» أنه حتى مساء أمس (لحظة إعداد هذا التقرير)، لم تتلق مستشفيات وزارة الصحة أي إصابات. وطبقا للمعلومات المتوافرة، فإن الحركة الجوية في مطار الملك خالد الدولي توقفت لبعض الوقت قبل أن تعود حركة الملاحة الجوية لطبيعتها.

وتسببت الأمطار، التي شهدتها العاصمة لليوم الثاني على التوالي، في تحويل مسار بعض الطرق الرئيسية إلى فرعية. وتعمل مديرية المرور في العاصمة الرياض، على فتح طرق بديلة للطرق الأساسية التي تعرضت لإغلاقات، نتيجة تجمع مياه الأمطار فيها.

وكشف الدكتور جبارة الصريصري، وزير النقل لـ«الشرق الأوسط»، أنه تم تشكيل لجنة عاجلة من عدد من الجهات الحكومية، للوقوف على ما خلفته الأمطار والرياح التي اجتاحت أمس العاصمة السعودية الرياض.

وأكد الوزير السعودي في اتصال أجرته معه «الشرق الأوسط» على خلفية حدوث العاصفة، أن توقيت هطول الأمطار والرياح الشديدة أمس، تزامن مع خروج الموظفين من أعمالهم، وهو ما خلف تزاحمات كبيرة على الطرق السريعة في العاصمة.

وتسبب خروج الموظفين مع توقيت العاصفة في حالة من الإرباك أصابت عددا من الطرق السريعة التي تحد العاصمة من جميع الاتجاهات، فيما كان الجزء الشرقي من الرياض هو الأكثر تأثيرا جراء الأمطار والعاصفة الرملية.

وطبقا للوزير الصريصري، فإن وزارة النقل باشرت عددا من المواقع على الميدان، وأجرت عمليات لسحب المياه المتراكمة في عدد من الأنفاق بشكل سريع. وأكد وزير النقل السعودي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» استنفار عدد من الإدارات التابعة لوزارته، وعدد من مقاوليها، للإسهام في متابعة حالة الطوارئ التي فُرضت في الرياض أمس.

من جانب آخر، لجأت إدارة المرور في الرياض، لتحويل عدد من المسارات التي تعرضت للشلل جراء العواصف التي لحقت بالمنطقة، إلى مسارات أخرى، للإسهام في استمرار عمليات السير في تلك الطرق. وأكد العقيد عبد الرحمن المقبل لـ«الشرق الأوسط» أن لجنة عاجلة تختص بالطرق، اجتمعت أمس فور هطول الأمطار لخلق آليات لعدم توقف حركة السير والمرور عن بعض من الطرق السريعة بالمنطقة.

ولم يُخف المقبل، الذي تحدث مع «الشرق الأوسط» عبر الهاتف، أن الأمطار التي هطلت في ظهيرة أمس الاثنين، بكميات غزيرة، هي التي أسهمت في توقف حركة السير في عدد من الطرق السريعة. وقطع العقيد المقبل وعودا بأن يسير اليوم التالي (اليوم الثلاثاء) بالشكل الطبيعي، عن طريق تحويل مسارات عدد من الطرق التي توقفت إلى مسارات أخرى، لتسهيل السير خصوصا أوقات الدراسة والعمل الرسمي. وأصابت الرياح العاتية، التي اجتاحت العاصمة أمس، عددا من الطرق السريعة في الرياض بالشلل، عقب سقوط بعض من الألواح الحديدية الكبرى المستخدمة في مشاريع توسعة عدد منها، خصوصا تلك التي ما زالت تحت التنفيذ، وهو ما أصابها بالشلل التام، وأعاق حركة السير في عدد من الطرق الدائرية السريعة.

وحظرت الجهات الأمنية، أمس، حركة السير في عدد من الطرق السريعة والمخارج في العاصمة، وذلك طبقا لتحذيرات أطلقها مرور العاصمة عبر القنوات الرسمية السعودية، على خلفية العاصفة الترابية العاتية التي اجتاحت الرياض وما جاورها.

من جانبها، تبنت إدارة الدفاع المدني بالرياض، إصدار رسائل تحذيرية لسكان العاصمة، من الخروج بسياراتهم إلا للضرورة، على خلفية العواصف الرعدية والتيارات الهوائية الباردة المصحوبة بالأمطار الغزيرة والبرد.

وأعلن جهاز الدفاع المدني بالرياض حالة الطوارئ، وذلك بحسب بيان أصدره أمس، أفاد بسقوط عدد من الأشجار الكبيرة على الطرقات التي تعرضت للسقوط، وهو ما قاد إلى إطلاق الدفاع المدني تلك التحذيرات، حفاظا على السلامة العامة.

وقال الدفاع المدني في بيان له، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أن أفرع الدفاع المدني استنفرت قواها يوم أمس، في سبيل إنقاذ الكثير من الحالات التي احتجزتها السيول.

وباشر طيران الدفاع المدني عددا من الطلعات الجوية لمواجهة هذه الظروف، وعقدت لجنة فرعية شاركت بها عدد من الجهات الرسمية تحسبا لأي طارئ.

وباشرت إدارة الدفاع المدني، طبقا للناطق بلسانه النقيب عبد الله القفاري، الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط»، عددا من البلاغات، التي أفادت باحتجاز أشخاص جراء كثافة الأمطار التي هطلت أمس، فيما لم تسجل أي إصابات.

وطالب القفاري بتوخي الحذر أثناء هطول الأمطار، وعدم ارتياد الأماكن المغمورة بالمياه، والمجازفة والدخول إليها، بالإضافة إلى عدم البقاء في الأودية والشعاب، وهو الأمر الذي يُشكل خطورة على حياة مرتادي تلك المواقع.

سحابة عاصفة على مدينة الرياض متكونة من بخار الماء قادمة من بحر الخليج العربي والبحر الأحمر، متأثرة بهواء بارد أدى إلى تكون حزام سحابي أثر في أجواء المنطقة الوسطى وأجزاء من المنطقة الشرقية، بالإضافة إلى المرتفعات الجنوبية من السعودية.

ويتم رصد التقلبات الجوية، التي تشهدها الأجواء السعودية، عن طريق 40 مركزا في مناطق المملكة تابعة للأرصاد، ومن خلال التحديث الآلي لأوضاع الطقس، حيث يتضح من خلال تلك الصور أنه من المتوقع استمرار الأمطار إلى اليوم الثلاثاء، بحسب تقارير المؤسسة العامة للأرصاد مصحوبة برياح نشطة، في حين شددت هيئة الأرصاد على توخي الحذر، وستستمر الرئاسة في التحذير في ظل هذه الأجواء. وقال حسين القحطاني، المتحدث الرسمي للرئاسة العامة للأرصاد، أن الرئاسة تقوم بتقييم الوضع وما إذا كان سيبقى على ما هو عليه أم سيتحول إلى تحذير بدلا من التنبيه، وأضاف أن الأمطار قد تكون غزيرة على شمال وشرق منطقة الرياض والمناطق الجنوبية من المملكة، مبينا أنه أمر معتاد والرئاسة تصدر تقريرا أوليا ثم حسب الحالة يتصعد إلى تنبيه وينتهي الأمر بالتحذير في حال وقع الأسوأ. وحذر الدفاع المدني المواطنين من عدم الإخلال بعمليات الإسعافات ونقل السيارات المتعطلة وعدم التجمهر في أماكن الحوادث وقت وقوع الكوارث.

وأفاد الرائد علي القحطاني، قائد الطرق الدائرية والمرور السري بمنطقة الرياض، أن الوضع القائم بين مخرجي 24 إلى 18 جاء بشكل ازدحام فقط. أما وضع مرور السيارات بين مخرج 17 إلى 12 فإن وضعها جيد، أما من مخرج 11 في الدائري الشرقي إلى مخرج 9، إن الحركة المرورية متوقفة تماما جراء قوة السيول وتجمع المياه في بعض المناطق،الأمر الذي أدى بنا إلى فتح «شبك» مسار الخدمة لتسيير بعض السيارات المحتجزة والواقفة في ظل هذه الظروف، مما يشكل أزمة لأصحاب الرحلات المتوجهة من وإلى مدينة الرياض.

وفي غرب البلاد، احتجزت الأمطار أول من أمس نحو 27 شخصافي محافظة الطائف، فيما تم إنقاذهم وقت صلاة المغرب، بحسب اللواء عادل الزمزمي، مدير الدفاع المدني بمنطقة مكة المكرمة، الذي بين لـ«الشرق الأوسط» أن السبب هو تراكم المياه في واديي أبو جليل والعرج.

ونوه اللواء الزمزمي إلى توقعات بجريان سيول قادمة من جنوب البلاد تحديدا من منطقة الباحة، خصوصا في محافظات «الطائف، رنية، وتربة، والخرمة»، مؤكدا وجود تنسيق بين إدارتي الدفاع المدني في منطقتي مكة والباحة، في حال هطول أمطار.

إلى ذلك، توقعت الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، هطول أمطار مصحوبة برياح ركامية رعدية ممطرة يومي الاثنين والثلاثاء. وقال حسين القحطاني، وهو المتحدث باسم الرئاسة، «إن التوقعات تطال مرتفعات المنطقة الجنوبية والجنوبية الغربية حتى مرتفعات الطائف، إضافة إلى المنطقة الوسطى والشرقية والشمالية الشرقية». إلى ذلك، هرع الدفاع المدني بمنطقة جازان إلى إخراج 3 سيارات محتجزة جراء سيول من المرتفعات الجبلية، وذلك حتى الساعة الرابعة عصرا. وأوضح النقيب يحيى القحطاني، الناطق الإعلامي لمديرية الدفاع المدني بمنطقة جازان: «إن الأمطار التي شهدتها المنطقة ابتداء من يوم أول من أمس هي: فيفا، والداير، بني مالك، والعيدابي، والعارضة، والطوال، وأبو عريش، والخشل، والحرث». وأضاف أن بعض الأودية جرت عقب امتداد السيول المنقولة من اليمن.