واشنطن تعتبر «الوقت مبكرا» للتخوف من تشكيل حكومة طائفية

مسؤول أميركي لـ«الشرق الأوسط»: لا نحبذ تشكيل حكومة انتقالية

TT

تواصل الإدارة الأميركية اتصالاتها بكل الأحزاب السياسية العراقية للسعي إلى تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، علما بأنها لا تدعم فكرة تشكيل حكومة انتقالية في الفترة الراهنة بسبب الوقت والجهود التي ستستغرقها مثل هذه العملية. ومع الإعلان عن التحالف الجديد بين الائتلاف الوطني ودولة القانون تتكاثر المخاوف من تشكيل حكومة مبنية على انقسامات طائفية، إلا أن الإدارة الأميركية تعتبر أنه من المبكر حسم الأمور لصالح جهة أو أخرى.

وحول التداعيات المحتملة من التحالف بين الائتلاف الوطني ودولة القانون والمخاوف من النزاع الطائفي، قال مسؤول في الإدارة الأميركية لـ«الشرق الأوسط» إن «الوقت مبكر للتوقعات، فحتى الآن لم نتم المصادقة على نتائج الانتخابات، كما أن هناك محادثات أخرى بين الائتلافات في العراق وعلينا أن نرى كيف ستسير الأمور». واعتبر المسؤول الأميركي المطلع على الملف العراقي أن الأمور غير محسومة بين القائمتين، موضحا: «لديهم مشكلة لأنهم اتفقوا على هذا الائتلاف الأوسع مبدئيا، ولكن لا توجد لديهم آلية عملية بعد لاختيار مرشحهم لرئاسة الوزراء، وهذه نقطة خلاف منذ البداية». وتابع: «آمل أن لا ترد الأطراف العراقية السياسية الأخرى برد فعل مبالغ فيه، وأن تنتظر لترى كيف ستتطور الأمور، فما زلنا في وقت مبكر». وامتنع المسؤول عن التعليق على التقارير التي أفادت بأن فصائل الائتلاف الوطني ودولة القانون اتفقوا على العودة إلى المرجعية الدينية لاختيار المرشح لرئاسة الحكومة، قائلا: «من غير الواضح هذا الأمر بعد، ولكن حتى الآن (آية الله علي) السيستاني قدم إرشادات واسعة مثل أن على العراقيين التصويت لكنه إجمالا مال إلى الابتعاد عن تحديد من يفعل ماذا وأين».

وتحرص الولايات المتحدة على عدم التدخل هي الأخرى بتحديد تلك الأدوار للعراقيين، إذ كرر مسؤولان رفيعي المستوى من بينهم نائب الرئيس الأميركي جو بايدن بأن واشنطن لا تدعم مرشحا محددا لتشكيل الحكومة. وأكد المسؤول الأميركي «وقت تحديد الولايات المتحدة لسير الأمور (في العراق) قد ولى».

ولكن على واشنطن ضغوط للتوصل إلى توازن بين حماية العملية السياسية العراقية من جهة، وتأمين استقرار البلاد لمصلحتها ومصلحة العراق من جهة أخرى، أن لا تبدو على أنها تسير الأمور في العراق وتنقص من سيادة البلاد. وردا على الأصوات المنتقدة الغياب الأميركي البارز في المساعدة على تشكيل الحكومة العراقية، قال المسؤول الأميركي: «في الوقت الراهن هناك تقريبا نفس عدد الأصوات المطالبة بتدخلنا والأصوات التي تشكو من أننا نتدخل كثيرا، وما زال هذا التوازن قائما، من المرجح أننا نسير في الطريق الصحيح». لكنه أردف قائلا: «من الممكن التصور مستقبلا بأن تزيد الأصوات التي تطالبنا بلعب دور مساعد، وحينها سندرس ذلك، ولكن سيكون ذلك مبنيا على الرد على احتياجات العراق». وأضاف: «يمكننا أن نزود الزيت لتحريك الماكينة لتشكيل الحكومة، ولكن لن نكون الماكينة نفسها»، موضحا: «نحن على اتصال مع الأطراف كافة ونتواصل بشكل فعال، ولكن نحن لا ندعم مرشحا معينا وقد اتهمنا بذلك مرات عدة، ولكن نحن لا نفعل ذلك على عكس أطراف أخرى». وامتنع عن توضيح مَن هذه الأطراف الأخرى، لكن عند سؤاله إذا كانت إيران من بينهم، أجاب «نعم.. وآخرون أيضا».

وكان وزير الخارجية العراقي، هوشيا زيباري، قال في مقابلة لـ«الشرق الأوسط» إن الأمم المتحدة هي وحدها القادرة على حل أزمة تشكيل الحكومة الجديدة. وتفضل الولايات المتحدة إعطاء الدور الأبرز في العراق للأمم المتحدة وإعطاء عطاء دولي لعملها بدلا من التركيز على الدور الأميركي، تماشيا مع سياسة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، بالمضي قدما بالانسحاب من العراق وبناء علاقات ثنائية طبيعية بين البلدين. ولكن تعتبر واشنطن أن دور الأمم المتحدة في العراق يعتمد على العراقيين أنفسهم وفي حال طلبوا هم بتدخلها في العملية السياسية. واعتبر المسؤول الأميركي أن «الأمم المتحدة ساعدت في تقديم المساعدة للعملية الانتخابية ولديهم دور محايد مما يجعلهم قادرين على المساعدة ولكن الأمر في النهاية يعود إلى العراقيين».

ولا تؤيد الإدارة الأميركية فكرة تشكيل حكومة انتقالية إلى حين تشكيل الحكومة المقبلة، وهو الأمر الذي من المتوقع أن يستغرق أسابيع عدة. وقال المسؤول الأميركي: «الدستور العراقي غامض حول هذه المسألة ولكن هناك حكومة موجودة حاليا في العراق والوزراء في مناصبهم للقيام بتصريف الأعمال وبهدف استمرار عمل الحكومة اليومي، يبدو أنه من المنطق إبقاء الوضع كما هو». وهناك فرق بين المرحلة الحالية في العراق والمرحلة التي لحقت الانتخابات الأخيرة عندما توقفت الحكومة السابقة عن العمل وصار نوع من الفوضى في البلاد فيما يخص تقديم الخدمات وغيرها من أمور أمنية وإدارية يومية، وشدد المسؤول الأميركي على هذا الفرق، قائلا من الضروري «الإبقاء على البنية الحاكمة حاليا، وفي حال تحدثنا عن حكومة انتقالية، ستكون هناك عمليتان انتقاليتان، الأولى الانتقال إلى حكومة تصريف أعمال، والثانية الحكومة الجديدة، وذلك لا يبدو فعالا أو كفؤا لاستقرار العراق».

وبينما تستمر عملية إعادة عد الأصوات، تعتبر الإدارة الأميركية تلك العملية سليمة وتؤكد على أهمية الانتهاء منها بأسرع وقت للمضي قدما. وأشاد المسؤول الأميركي ببيان الرئاسة العراقي الصادر، أول من أمس، حول هذه القضية، معتبره إيجابيا جدا. وأضاف: «لدينا تقارير من العراق وهناك جهات مراقبة ليس فقط من الولايات المتحدة وما نسمعه أن العملية شفافة ومتكافئة ولا يوجد لدينا قلق جدي حولها».

وبالإضافة إلى أهمية إتمام عملية المصادقة على نتائج الانتخابات وتشكيل الحكومة العراقية الجديدة لاستقرار العراق، هناك أهمية بالنسبة للجدول الزمني الأميركي أيضا حيث تتطلع واشنطن إلى إنهاء العمليات القتالية للقوات الأجنبية بحلول أغسطس (آب) المقبل، وسحب العشرات الآلاف من القوات من العراق. وأكد المسؤول الأميركي عدم تباطؤ وتيرة سحب القوات الأميركية من العراق، قائلا: «الخطة منذ الأول إبقاء وجود قوي في العراق خلال هذه العملية ولم نغير هذه الخطط، وسيبقى في العراق 50 ألف جندي بعد ذلك أيضا ولا نرى تغييرا لذلك».