فشل الحملة الإعلامية الموجهة إلى كوبا

قادتها اللجنة الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي

TT

أخفقت البرامج التلفزيونية والإذاعية الأميركية الموجهة إلى كوبا في «تحقيق أي اختراق واضح للمجتمع الكوبي أو التأثير على الحكومة الكوبية»، حسبما أكد غالبية أعضاء لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ في تقرير أصدروه الاثنين الماضي.

ويعد هذا التقرير أحدث حلقات المعركة القائمة منذ سنوات بين أعضاء الكونغرس المعارضين للجهود الإعلامية والذين يؤكدون أنها لا تعدو كونها مضيعة للمال لا تعود في الجزء الأكبر منها بالنفع إلا على بعض أعضاء الجالية الأميركية من أصول كوبية المتركزة في ميامي، من جهة، وأنصار هذه الجهود من جهة أخرى، الذين يصرون على أنها أداة مساعدة مفيدة للسياسة الأميركية باعتبارها توفر تغطية إخبارية محايدة لما يحدث في الجزيرة.

خلال طلب الموازنة الذي تقدم به الرئيس أوباما اقترح تقليص الأموال المخصصة لـ«مكتب كوبا الإذاعي» للمرة الثانية منذ توليه منصبه، إذ طلب تخصيص 29.2 مليون دولار لتغطية نفقات السنة المالية 2011. لكن أوباما رفض دعوات صادرة بصورة أساسية عن الديمقراطيين لإقرار مزيد من التخفيضات في هذه المخصصات.

كان «راديو مارتي»، الذي يحمل اسم المفكر والبطل الثوري الكوبي جوزيه مارتي الذي عاش في القرن التاسع عشر، قد بدأ إذاعته في كوبا عام 1985، وكان الهدف المعلن له تقديم بديل إخباري محايد لوسائل الإعلام الحكومية الكوبية. وبدأت قناة «تي في مارتي» البث عام 1990، وتصدت الحكومة الشيوعية الكوبية لكليهما، لكن مدى قدرة الكوبيين على التقاط إشارات من أي منهما لا تزال موضع خلاف داخل الولايات المتحدة.

ويدور الخلاف الرئيسي حول أعداد الكوبيين القادرين على استقبال إشارات قناتي الراديو والتلفزيون المذكورتين إذا ما رغبا في ذلك. وجدير بالذكر أن تدقيقا أجراه المفتش العام لدى وزارة الخارجية و«مجلس أمناء الإذاعات الدولية»، وهي وكالة فيدرالية مستقلة تتولى إدارة الإذاعات الدولية التابعة للحكومة الأميركية، خلص إلى أن «أبحاثا حديثة حول الجمهور توحي بأن مزيدا من الكوبيين يتحولون نحو هذه الإذاعات». إلا أن تقريرا صدر عن «مكتب المساءلة العامة» عام 2009 توصل إلى أن «أفضل الأبحاث المتوافرة يوحي بأن حجم جمهور مكتب كوبا الإذاعي ضئيل»، مشيرا إلى دراسات مسحية نوهت بأن أقل من 2% من الكوبيين استمعوا إلى أي من قناتي الراديو أو التلفزيون في أي أسبوع من العام.

يُذكر أن الدراسات المسحية التي جرت خلال الأعوام الـ25 الماضية تمت عبر محادثات هاتفية مع الجزيرة، أو من خلال استفتاءات جرى توزيعها على المهاجرين الكوبيين لدى وصولهم إلى الولايات المتحدة.

وقد حمل تقرير اللجنة التابعة لمجلس الشيوخ أصداء لانتقادات سابقة حول أن قناتي الراديو والتلفزيون لا تتوافر بهما المعايير الصحافية الموجودة في «صوت أميركا»، منظمتهما الشقيقة الخاضعة لإدارة «مجلس أمناء الإذاعات الدولية». واقترح التقرير نقل المقر الرئيس للقناتين من ميامي وضمه إلى «صوت أميركا» في واشنطن. وقال التقرير إنه يتعين على الجهود الإعلامية المعنية بكوبا «تطهير عملياتها» عبر اجتذاب مواهب من خارج ميامي، و«إنفاق أموال أقل على تقدير حجم الجمهور وتوجيه مزيد من الاهتمام إلى جودة البرامج».

يُذكر أن قرابة نصف ميزانية «مكتب كوبا الإذاعي» توجه إلى تكاليف البث، بما في ذلك الطائرات التي تبعث بإشارات «تي في مارتي» إلى داخل كوبا من الفضاء الأميركي. تدور جميع أعمال البث والإذاعة حول قضايا سياسية، بما فيها الخطب الرئاسية الأميركية والتعليقات السياسية. في مارس (آذار) قدم راديو وتلفزيون «مارتي» تغطية حية عبر الهواتف المحمولة لمظاهرة في هافانا ضد سجن منشقين سياسيين.

في المقابل، تعرض وسائل الإعلام الكوبية الحكومية جرعة ثابتة من الأنباء الحكومية والانتقادات المناهضة لواشنطن. إلا أنها بدأت في السنوات الأخيرة تقدم برامج ترفيه أجنبية، بينها أفلام وبرامج تلفزيونية أميركية مثل «زوجات يائسات» و«سوبرانو». في وقت سابق من هذا العام، طرح الإعلام الكوبي نسخة مسروقة من فيلم «أفاتار» في أعقاب طرحه في دور العرض الأميركية بفترة قصيرة.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»