فيصل شاه زاد تغير خلال عام.. وصار أكثر انطواء وأشد تدينا

كان يواجه مشاكل مالية.. ووالده رفض طلبه بالسماح له بالقتال داخل أفغانستان

صورة لفيصل شاه زاد وعائلته
TT

كان زواجهما بالاتفاق: اثنان من عائلتين باكستانيتين بارزتين حصلا على تعليم عال وتعارفا من خلال صديق مشترك. كان هو رجلا هادئا، فيما كانت هي من الفتيات اللاتي يسمع صوت ضحكهن في الحفلات. وفي حفل زفافهما في بيشاور قبل ستة أعوام، كان الرجال والنساء يرقصون منفصلين، ولكن أيضا معا. «شيء نادر في ذلك الوقت» هكذا يقول أحد الضيوف، «كان تجمعا كبيرا لدرجة أن أصدقاء العائلة جاءوا من قطر» وعندما عادا إلى الولايات المتحدة، أقام زملاؤه في شركة «إليزابيث أردن» لمستحضرات التجميل حفلا صغيرا داخل المكتب. ووضع الزوج، فيصل شاه زاد، صور زوجته، هوما ميان، على مكتبه في مكتب الشركة بستامفورد بولاية كونيتيكت. واشتريا منزلا جديدا مقابل 273000 دولار، على بعد 35 ميلا من لونغ هيل أفينيو داخل شيلتون. وعندما انتقلا إلى المنزل، أصبحت الزوجة حاملا، حسب ما يتذكره الجيران. ومع مرور يوم آخر في التحقيق الجاري مع شاه زاد حول السيارة المفخخة التي أقر بأنه قادها إلى ميدان تايمز يوم السبت، ظهرت تفاصيل جديدة عن الزوجين وحياتهما معا، وتخمينات حول اتباعه منحى راديكاليا. يقول أفراد تعرفوا عليهما، سواء داخل كونيتيكت أو باكستان، إن شاه زاد تغير خلال العام الماضي أو نحو ذلك، حيث أصبح أكثر تحفظا وأشد تدينا في وقت كان يواجه فيه «مشاكل مالية خاصة»، حسب توصيف شخص يعرف العائلة جيدا. وقال صديق باكستاني إنه في العام الماضي طلب من والده بحر الحق، وهو طيار باكستاني كبير متقاعد، السماح له بالقتال داخل أفغانستان. ويقول شخص على اطلاع على النقاش بينهما إن بحر الحق، الذي يبلغ من العمر 70 عاما، رفض ذلك بشدة، وأشار إلى أنه لم يوافق على ذلك وذكّر ابنه بأن الإسلام لا يجيز لرجل ترك زوجته وأولاده. وقال ضيف في حفل زفاف شاه زاد عبر البريد الإلكتروني من باكستان: «لم يكن يوجد شيء يدل على أنه متطرف، ولم يكن متدينا». ولكنه خلال العامين الماضيين، وبعد تغيير وظيفته وبعد أن أصبح له طفلان، بدأ شاه زاد «يتحدث أكثر عن الإسلام»، وتحدث ضيف حفل الزفاف شريطة عدم ذكر اسمه بسبب مخاوف بخصوص أمنه بعد محاولة تفجير السيارة. وكتب في رسالة عبر البريد الإلكتروني من باكستان: «أخمن أنهما تكبدا خسائر كبيرة بسبب الركود الاقتصادي». وقال إن مشاكلهما المالية أصبحت واضحة في 2008 و2009، وإن شاه زاد «تاه وسط المشاكل المالية». وتحرك «جي بي مورغان تشيس» من أجل نزع الملكية عن المنزل الموجود في شيلتون، وتركه الزوجان على عجل وخلفا وراءهما ملابس وألعاب أطفال. وفي فبراير (شباط)، استأجر شاه زاد شقة مكونة من غرفتي نوم في بريدجبورت بولاية كونيتيكت. ويقول صاحب المنزل إنه لم ير زوجة شاه زاد مطلقا. ويقول فايز أحمد، وهو صديق من قرية محب باندا، قرية عائلة شاه زاد، إنه عندما رآه آخر مرة في حفل زفاف قبل عام ونصف، كان متأكدا من وجود شيء ما خطأ. وأضاف أن شاه زاد بدا متغيرا، وكان يجلس وحيدا ولا يتحدث كثيرا. ويقول أحمد إنه كان «جالسا في هدوء على الأريكة، وكأن لديه بعض المشاكل وبدا متغيرا. ولذا كان يجلس صامتا، والصمت يضع علامة استفهام كبيرة». ويقول رجل باكستاني إن أحد معارفه، الذي كان صديقا لعائلة شاه زاد، قال إن شاه زاد نظر بانتقاد خلال العام الماضي لكأس ويسكي كان يحمله صديق، ويظهر ذلك رأيا مشهورا وسط الجهاديين المتزمتين. وبدا أن شاه زاد، الذي يبلغ من العمر حاليا 30 عاما، عاش حالة من الإحباط، وتطرف في التدين ووصل إلى العنف في نهاية المطاف. لقد ولد ونشأ في باكستان، وحظي بتربية مميزة داخل عائلة معتدلة عاشت في ثلاثة أماكن على الأقل: كراتشي وروالبندي ومحب باندا. ويقول أحمد إن بحر الحق «يتمتع بتفكير عصري». وقال أصدقاء للعائلة يوم الأربعاء إنهم يعتقدون أن بحر الحق يختبئ في مدين ديرا غازي خان غرب باكستان، حيث تمتلك العائلة حقول قمح. ويعتقدون أن زوجة شاه زاد موجودة في باكستان أيضا على الرغم من أنه لا يعرف مكانها. وأشارت صحيفة «الفجر» الباكستانية اليومية إلى أنه ألقي القبض على والد الزوجة في كراتشي، ولكن لم تؤكد السلطات الباكستانية ذلك. ولد شاه زاد، وهو الأصغر بين أربعة، في جيل جديد خلال الأعوام التي تلت بدء الديكتاتور العسكري ضياء الحق تطبيق نظرة متشددة من الإسلام داخل نظام التعليم الباكستاني. وفي نفس الوقت، حصلت المساجد المتشددة على المال والأرض، وساعد ذلك على تكون عالم ضيق الأفق وطائفي. وولدت ميان، وهي الأكبر بين أربعة، في كولورادو. وكانت تقضي إجازات الصيف في باكستان وعاشت مع عائلتها في قطر لفترة عندما كانت طفلة، حسب ما قال ضيف حفل الزفاف. وحصل والدها، محمد آصف ميان، على درجتي ماجستير في الثمانينات، وألف أربعة كتب. وفي كتاب حقق أعلى مبيعات وحمل عنوان «اقتصادات المشروع وتحليل القرار» نشر عام 2002، وجه ميان الشكر لأفراد العائلة لصبرهم ودعمهم، وأضاف: «شكر خاص إلى بناتي في جامعة كولورادو لحصولهم على درجات مرتفعة، وقد جعلني ذلك أشعر بحماس كبير». درست ميان وأخواتها، سابا وهينا، في كليات بمنطقة دينفر، وعاشت في منزل بالقرب من حرم جامعة كولورادو في بولدر في الفترة من 2003 حتى 2004. وتزوجت هوما ميان من شاه زاد بعد أن حصلت على درجة علمية في المحاسبة عام 2004. وانتقلت إلى كونيتيكت، حيث كان يسعى للحصول على درجة الماجستير في إدارة الأعمال بجامعة بريدجبورت وكان يعمل محلل عمليات في «إليزابيث أردن» ويقوم بإدارة وتحليل الحسابات المتسلمة، حسب ما أفادت به سيرة ذاتية حصلت عليها «إم إس إن بي سي». وتقول بريندا ثورمان، وهي جارة في شيلتون: «كنت أشعر بالدهشة دوما، حيث كان عليها شراء الحليب للطفل وشراء كل شيء، كيف يمكنهما تحمل ذلك بدخل واحد؟».

ولم يكن الزوجان يقيمان علاقات اجتماعية مع أفراد في المنطقة التي يعيشون فيها. وتقول ثورمان: «مضت ثلاثة أعوام قبل أن أعرف أنها تتحدث الإنجليزية». وتقول ثورمان إن ميان غادرت لمدة شهرين في نهاية 2008 أو في مطلع 2009، وأن شاه زاد قال لها إنها عائدة إلى باكستان لتضع طفلها الثاني. وخلال أشهر عادت، وحزما أمتعتهما ورحلا مرة أخرى خلال الصيف الماضي. وترك شاه زاد «إليزابيث أردن» في 2006 ليعمل محلل تقارير عملاء في «أفينيون»، وهي شركة خدمات تسويق مالية في نوروك بولاية كونيتيكت. وبعدها ترك العمل هناك. وبقيت أكوام من الزبالة خارج المنزل في شيلتون خلال الأسبوع الحالي، الذي يحتوي على معلومات عن حياتهما. وكانت توجد علب «نير»، وهو مرطب وكانت توجد كتابة باللغة العربية على ظهرها، وفرشاة وحقائب هدايا بدا أنها هدايا لأطفال. وكان يوجد مظروف معنون بـ«فيصل وهوما وعلي شابا» يحتوي على كارت عليه «مبروك للطفلة الجديدة!» ولا يزال حتى الآن غير واضح كيف ولماذا وأين أصبح شاه زاد راديكاليا. ويقول الدكتور سعود أنور، مؤسس الرابطة الباكستانية الأميركية في كونيتيكت، إنه بمجرد أن ظهر اسم شاه زاد مرتبطا بالسيارة المفخخة، طاف على المجموعات الباكستانية والإسلامية في كونيتيكت، ووجد أنه غير مشارك في أي منها. ولكن، يقول الدكتور أنور إنه كان على اتصال بزميل جامعي لشاه زاد، وهو رجل من أصول باكستانية قال لأنور إنه لا يريد أن يجري مقابلات مع صحافيين. ويقول زميل الدراسة إنه كان لا يزال على صداقة مع الزوجين وأنه لاحظ شيئا مختلفا في شاه زاد قبل عام تقريبا. ويقول الدكتور أنور إن زميل الدراسة قال له: «تغيرت شخصيته، وأصبح أكثر انطوائية. وأصبحت له ميول دينية أقوى، حيث أصبح يعتقد في الأشياء بقوة أكبر». ويقول الدكتور أنور إنه سأل الزميل الدراسي عما إذا كان هذا التغير قد حدث من خلال علاقة مع جماعة ما، وقال الصديق إنه بدأ «يتعلم كل هذه الأشياء وحده».

ويقدر أحمد، زميل شاه زاد من محب باندا، أن التحول بدأ في كراتشي. ويقول مسؤولون استخباراتيون باكستانيون إنه ألقي القبض على زميل لشاه زاد في مسجد يعتقد أن له علاقة مع تنظيم مسلح داخل كراتشي. وقال أحمد: «السؤال هو مَن دفع فيصل في هذا الطريق؟ كان مثلك ومثلي مهندما وليبراليا وشخصا نشطا».

وحسب ما يقوله وزير الإعلام الباكستاني، سافر شاه زاد إلى باكستان 13 مرة خلال الأعوام السبعة الماضية. ويقول مسؤول باكستاني يعرف العائلة إنه من غير المحتمل أن يكون شاه زاد تحول إلى الاتجاه الراديكالي في باكستان إذ كان يقوم برحلات قصيرة فقط تسيطر عليها التزامات عائلية مثل حفلات الزفاف. وتقول الدعوى الجنائية المرفوعة ضده يوم الثلاثاء إنه عاد في فبراير (شباط) من مهمة استغرقت خمسة أشهر. وتقول أيضا إن شاه زاد تدرب على صنع القنابل في وزيرستان. ووصف صديق آخر للعائلة في باكستان يُدعى كفايات علي، شاه زاد بأنه «عاطفي»، وقال إنه كان يحمل في المعتاد خنجرا معه عندما كان صبيا. ويخمن أن شاه زاد شعر بالغضب بسبب العمليات العسكرية التي تقوم بها الولايات المتحدة، وعززت من ذلك الصحف الباكستانية التي تنقل خطابا معاديا لأميركا. ويقول علي: «يشاهد المرء الوحشية داخل أفغانستان والعراق، وهذه المشاهد تؤثر على الناس».

وتقول السيرة الذاتية التي نشرت يوم الأربعاء على موقع msnbc.com إن شاه زاد شغل ثلاثة مناصب مختلفة في «إليزابيث أردن» على مدى خمسة أعوام بدأت من منتصف عام 2001، وبعد ذلك قضى ثلاثة أعوام في «أفينيون». وفي «أردن»، «خفض ديون سيئة بنسبة 47 في المائة واستعاد أكثر من 2.5 مليون دولار عوائد مفقودة» وفي «أفينيون»، قال إنه أعد «لجنة شهرية تعد توقعات لعملاء بارزين لأفينيون مثل سيتي بنك وبنك أوف أميركا ورويال بنك أوف اسكتولاند وبيبولز بنك ويو إس بنك وويلز فارغو واثنين من العملاء الأصغر».

ولكن، يقول جيمس هارت، وهو متحدث باسم «أفينيون»، إن هناك «مبالغة في السيرة». وتقول مديرة سابقة في «إليزابيث أردن» إنه كان الباكستاني الوحيد الذي عمل لدى الشركة في ذلك الوقت، ولكنه لم يطلب مكانا مخصصا للصلاة. وتذكر أنه في 11 سبتمبر (أيلول) اندفع شاه زاد إلى الراديو الوحيد في المكتب، وجلس ينصت إلى النشرات التي تتناول الهجمات على مبنى التجارة العالمي. وتضيف متذكرة ما حدث: «أعتقد أنه كان طبيعيا».

* خدمة «نيويورك تايمز»