رئيس نيجيريا الراحل: قصر مدة حكمه حال دون تحقيق وعوده

انتخب عام 2007 وصار أول رئيس يعلن ذمته المالية

TT

لم يمهله المرض ثم الوفاة الكثير من الوقت حتى يحقق وعوده الانتخابية أو آماله لتحقيق الديمقراطية والقضاء على الفساد والطائفية في البلاد. فهو لم يتول مسؤولية البلاد بشكل فعلي، سوى لأقل من عامين. وهي فترة، حسب العرف السائد، غير كافية للحكم عليه أو تقييمه أو حتى تحقيق الاستقرار المنشود في البلاد.

إنه الرئيس النيجيري عمر موسى يارادوا، الذي وافته المنية أول من أمس في مقر الرئاسة، بعد معاناة طويلة مع المرض، عن عمر يناهز الـ58 عاما. فيارادوا الذي انتخب فقط عام 2007، كان يعاني من مرض في الكلى تطلب سفره إلى الخارج للعلاج بشكل متكرر، خاصة إلى ألمانيا. وحينما اشتد عليه المرض في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، نقل للعلاج في المملكة العربية السعودية، واستمر هنالك قرابة ثلاثة أشهر، وسط تكتم شديد على حالته الصحية، إلى أن عاد لبلاده في فبراير (شباط) الماضي.

ومنذ أن عاد لم يظهر أمام الملأ داخل البلاد أو في وسائل الإعلام، مما أثار الكثير من التكهنات حول حقيقة وجوده على قيد الحياة، في ظل عدم شفافية أو قلة المعلومات بشأن وضعه، خاصة عندما أصدر البرلمان النيجيري قرارا قضى بتسليم السلطات الانتقالية إلى نائبه المسيحي غودلاك جوناثان الذي أصبح الحاكم الفعلي للبلاد، علما بأنه أدى اليمين الدستورية اليوم فعليا كرئيس جديد لنيجيريا بعد وفاة يارادوا.

انتخب يارادوا في 21 أبريل (نيسان) 2007 خلفا للرئيس السابق أولوسيغون أوباسانغو، الذي رشحه كخلف له من داخل حزب الشعب الديمقراطي الحاكم. وبالفعل فاز يارادوا بنسبة 70% من الأصوات، فيما اعتبرت أول عملية انتقال للسلطة من رئيس مدني إلى آخر في نيجيريا منذ عام 1960. وهو أول رئيس يحمل شهادة جامعية. ورغم مزاعم التزوير التي طالت هذه الانتخابات، فإنه أدى اليمين الدستورية في 29 مايو (أيار) 2007. ويعود الفضل في فوز يارادوا بالانتخابات إلى دعم سلفه أوباسانغو، الذي كان يأمل أن يمسك بخيوط السلطة من وراء الكواليس، إلا أن يارادوا خيب آماله واتبع خطه الخاص. فبعد شهور من انتخاب يارادوا، الذي يعد ماركسيا بشكل كبير، قام بإعادة تأميم بعض المؤسسات التي خصخصها سلفه، كما تخلص من بعض مناصري أوباسانغو في حزب الشعب الديمقراطي. وحين تولى السلطة قام بخطوة فريدة من نوعها، في بلد معروف بتفشي الفساد، حين أعلن في 28 يونيو (حزيران) 2007، عن ممتلكاته وأصوله، ليصبح أول زعيم نيجيري يقوم بذلك، وكان المقصود من هذا الكشف أن يكون قدوة للسياسيين الآخرين للحد من الفساد. وعد يارادوا بالاستمرار في الإصلاحات الاقتصادية وتنمية الزراعة وتوفير الأمن الغذائي ومحاربة الفساد وتحسين المستوى التعليمي، ومعالجة العنف الطائفي في البلاد. غير أنه فشل في تحقيق هذه الوعود، ربما بسبب ضيق الوقت أو ربما كانت وعودا انتخابية فقط.

يتحدر يارادوا، الذي ولد 16 أغسطس (آب) 1951 في مدينة كاتسينا شمال نيجيريا، من أسرة سياسية عريقة. فقد كان والده وزيرا في أول حكومة تشكل بعد استقلال البلاد، كما كان شقيقه الرجل الثاني في حكومة أوباسانغو العسكرية خلال الفترة (1976 - 1979). درس يارادوا الكيمياء، ثم اشتغل بالأعمال، إلى أن اختطفته السياسة، فتدرج في المناصب السياسية والحزبية، وكان له الكثير من النشاطات، إلى أن شغل منصب حاكم ولاية كاتسينا شمال نيجيريا ذات الأغلبية المسلمة في الفترة من 29 مايو 1999 إلى 28 مايو 2007. وخلال تلك الفترة اعتمد في عام 2000 تطبيق الشريعة الإسلامية في الولاية. ويشار إلى أن الرئيس الراحل، الذي يعرف بالحاج موسى، كان متزوجا مرتين، وله خمس بنات وأربعة أبناء.

* وحدة أبحاث «الشرق الأوسط»