طالبان باكستان توسع من تحالفاتها مع «القاعدة» والحركات الأصولية

أهدافهم واحدة ويتبادلون صانعي القنابل وتدريب المقاتلين

TT

أشار دبلوماسيون غربيون ومسؤولون وخبراء في وكالة الاستخبارات إلى أن طالبان باكستان، التي يعتقد المحققون الأميركيون أنها تقف وراء محاولة تفجير ميدان التايمز، عملت على توحيد قواتها خلال السنوات الأخيرة مع قوات «القاعدة» والمجموعات الأخرى مما يهدد بتوسيع مدى قدراتها وطموحاتها.

كان هدف الجماعة عند تأسيسها عام 2007 إحكام قبضتها على المناطق القبلية الباكستانية لتدريب المقاتلين على الجهاد ضد القوات الأميركية وقوات الناتو في أفغانستان، بيد أن ذلك الهدف توسع ليمتد إلى شن هجمات ضد الدولة الباكستانية ردا على الحملة التي شنها الجيش على معاقلها.

وقد حدت العمليات العسكرية الباكستانية وهجمات الطائرات من دون طيار المكثفة على المنطقة من قدرات الجماعة. لكن طالبان الباكستانية عززت من قدراتها عبر تحالفها مع الكثير من المجموعات الأخرى المقاتلة والخلايا المنقسمة والجنود والمرتزقة الموجودين في المناطق الخاضعة لسيطرتهم.

وقد صرح أحد الدبلوماسيين الغربيين في مقابلة أجريت معه أخيرا بأن تلك المجموعات توحدت، مما جعل من الصعب التمييز فيما بينها نتيجة لتوحد أجندتها وتدريب المقاتلين وتقاسم الموارد. وقد أضافت تلك التحالفات إلى قدراتهم وخططهم وقائمة أهدافهم.

وقال مسؤول رفيع في الاستخبارات الأميركية في مقابلة أجريت معه يوم الخميس: «إنهم يتبادلون صانعي القنابل والمقاتلين فيما بينهم، وبات الأمر معضلا بصورة كبيرة».

وذكر المسؤول أن قدرة هذه الجماعات على شن هجمات مؤثرة قد انخفض حلال السنوات القليلة الماضية، لكن التهديد تجاه دول بعينها مثل الولايات المتحدة قد ازداد إلى حد ما، نظرا لأن هذه المجموعات تعاونت ضد مجموعة من الأهداف.

ويقول الخبراء إنها تتعاون على نطاق واسع مع «القاعدة» التي تحظى بنفوذ كبير على باقي المجموعات الأخرى، فيما تمثل طالبان باكستان ورقة التوت بالنسبة لها. فيقول أمير رانا، مدير المعهد الباكستاني لدراسات السلام، والمتخصص في دراسة الجماعات الجهادية: «طالبان هي الشريك المحلي لـ(القاعدة) في باكستان. فهي لا تملك مقدرة على وضع أجندة دولية بمفردها».

كانت «القاعدة» قد لجأت إلى منطقة القبائل الباكستانية في أعقاب الغزو الأميركي للبلاد في 2001 شأنها في ذلك شأن طالبان أفغانستان وعدد من الجماعات الأخرى. وكان الجيش الباكستاني قد كرر على مدار شهور أنه تمكن من كسر شوكة طالبان باكستان منذ بداية العمليات في وادي سوات وباجور وإقليم وزيرستان وعدد من المناطق الأخرى. لكن قادة المقاتلين لا يزالون مطلقي السراح وسعوا إلى الحصول على ملجأ جديد في شمال وزيرستان.

من ناحية أخرى، زعمت طالبان باكستان، في شريط الفيديو المصور الذي بث يوم الأحد، مسؤوليتها عن محاولة تفجير ميدان تايمز، لكن المتحدث باسم الجماعة نفى يوم الخميس مسؤولية الجماعة عن هذه المحاولة.

وقال المتحدث باسم الحركة، طارق عزام، في اتصال هاتفي مع المراسلين من بيشاور أمس من موقع لم يتم الكشف عنه: «إن جماعة تحريك طالبان باكستان ليس لديها صلات بفيصل شاه زاد على الإطلاق، ولم نقدم له أي نوع من التدريب ولم يأت إلينا على الإطلاق».

لكنه كرر مزاعم زعيم جماعة طالبان باكستان، حكيم الله محسود، بأن «الجماعة زرعت مهاجما انتحاريا في الولايات المتحدة سينفذ المهمة في الوقت المناسب».

وقد حاولت جماعة طالبان باكستان توحيد المجموعات المسلحة الإجرامية التي تنتشر في المنطقة القبلية، لكن تلك الجهود لم تلق نجاحا كبيرا، لكنهم يقدمون التسهيلات لكل المجموعات في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، خصوصا في شمال وجنوب وزيرستان حيت تدير معسكرات تدريب وتقدم الملاذ الآمن.

تميل القبائل والعشائر داخل طالبان باكستان إلى الالتزام بالمناطق القبلية الخاضعة لها وعدم توسيع نطاق عملياتها خارج هذه المناطق. وقال رانا: «حتى جماعة تحريك طالبان باكستان منقسمة إلى الكثير من الفصائل وكل فصيل له مستوى معين من التحالف والتنسيق».

ولا يزال الكثير من قادة طالبان يديرون معسكرات تدريب في الكثير من المناطق على طول الحدود الغربية لباكستان، ومن المتوقع أن يكون فيصل شاه زاد قد تلقى تعليماته هناك من أي من المجموعات الموجودة في المنطقة. وقال دبلوماسي غربي: «هناك الكثير من معسكرات التدريب المنتشرة في أرجاء شمال وجنوب وزيرستان».

ويرى البريغادير محمود شاه، الذي عمل كمسؤول أمني بارز في المنطقة القبلية حتى عام 2005، أن العلاقات بين طالبان باكستان تعود إلى زعماء طالبان باكستان الأوائل. ومن بين هؤلاء الزعماء محمد وزير الذي قتل في غارة جوية أميركية عام 2004 والذي قدم الدعم اللوجيستي والمأوى للمقاتلين العرب في وزيرستان.

يشير البريغادير شاه إلى أن زعيم طالبان باكستان بيت الله محسود السابق، الذي قتل أيضا في غارة أميركية، ورجل «القاعدة» الثاني أيمن الظواهري التقيا في جنوب وزيرستان عام 2008. وأن الاجتماع مثل تحولا كبيرا بالنسبة لطالبان باكستان التي كانت حتى ذلك الحين مرتبطة مع طالبان أفغانستان وقادة المقاتلين الموالين لباكستان. ويقول شاه: «باكستان قالت للولايات المتحدة الأميركية إن بيت الله محسود خضع مباشرة للقاعدة، وكانت الحكومة الباكستانية على يقين من اتصاله بـ(القاعدة)».

وقد عبر قائد طالبان الأفغانية سراج الدين حقاني، الذي يسيطر على قسم كبير من المناطق شمال وزيرستان القبلية الباكستانية، عن الدعم لأجندة «القاعدة» عند الإجابة على أسئلة في منتدى جهادي يمتدح المقاتلين الجهاديين في العراق والمناطق الفلسطينية.

إضافة إلى هذا المزيج، عززت هذه المجموعات من قوتها بعدد كبير من المقاتلين الذين انتقلوا من إقليم البنجاب الواسع إلى المناطق القبلية. وكانت الجماعات المقاتلة البنجابية في الأصل قد رعاها الجيش الباكستاني لدعم القتال مع الهند حول السيطرة على منطقة كشمير. لكن الكثير منهم انقلب على الدولة في أعقاب حصار الجيش للمسجد الأحمر في إسلام آباد عام 2007.

تفوقت الجماعات البنجابية على الكثير من نظيراتها في القدرات التقنية وشراسة هجماتها، لكن أفرادها غالبا ما يتنقلون بين الجماعات أو يكونون أعضاء في أكثر من جماعة في الوقت ذاته.

ومن الممكن أن يكون فيصل شاه زاد قد بدأ رحلته إلى المناطق القبلية للتدريب عبر القيام ببعض الاتصالات أولا، ربما في جنوب ميناء كراتشي مع واحدة من هذه المجموعات مثل جيش محمد. ويقول المسؤولون الأمنيون إن أربعة من عناصر جيش محمد الذين لم يذكروا أسماءهم تم اعتقالهم ويجري التحقيق معهم من قبل المسؤولين الأميركيين والباكستانيين.

بيد أن شاه زاد يمكن أن يكون قد تم تجنيده من قبل واحدة من الجماعات البنجابية التي تحظى بنفوذ كبير في المدن الباكستانية. ويقول حسن عسكر رضوي، المحلل العسكري، «هذا النوع من المعرفة الذي أظهره في قنبلته يظهر معرفة بسيطة، لذا من أين أتى بهذه المعرفة. قد يكون اتصل ببعض المقاتلين إذ لا تحتاج إلى تدريب طويل. وربما يكون قد ذهب إلى وزيرستان من أجل الحصول على الفكرة والدافع لكنه ربما لا يكون قد تلقى تدريبا هناك».

* ساهم إسماعيل خان في الإعداد لهذا التقرير.

* «نيويورك تايمز»